مسرور بارزاني والمهمات الصعبة..

-1-المقدمة

د. تارا إبراهيم

ما زالت الأنظار تتجه الى مسرور بارزاني وحكومته الجديدة كون الكثير من الآمال متعلقة عليه، فالسبب بسيط جدا وهو أن مسرور بارزاني تولى قيادة الحكومة الجديدة في مرحلة جديدة من المراحل التي مرت بها كوردستان..هذه المرحلة التي تعتبر من أسهل المراحل ولكنها في الحقيقة من أكثرها تعقيدا ببساطة إنها مرحلة سلم..السلم بعد المعارك التي أتعبت الشعب بأكمله..فقد امتصت كوردستان جميع المآسي القومية والدولية و حاربت نيابة عن العالم بأسره وخرجت بقوة رغم جروحها في وقت لم يود أحد أن يضحي بحياته أو ينزف دما وتركوا العمل الصعب للبيشمركة الشجعان.

والان ماذا بعد ؟ هل سيحقق بارزاني ما هو متوقع منه من قبل الشعب ؟ وكيف ؟ فكل الآمال تصب على حكمته في الامور وخصوصا في محاربة الفساد الاداري؟ ولكن هل حقا الفساد الاداري هو أمر مهم بقدر ما هو عليه فساد نفسية بعض أفراد المجتمع ؟ وهل يستطيع تغيير النظام الاجتماعي والسلوكي والقبلي الذي يتسم به المجتمع الكوردي رغم أنه يعتبر نفسه مجتمعا مدنيا يحاول أن يلحق بركب الحضارة ؟ هيكل المجتمع بل وبنيته هي التي تحدد مدى نجاح بارزاني في مهماته الصعبة..وهو بالطبع من وجهة نظري أنا، شخص اكاديمي قضى معظم حياته ما بين الكتب وقاعات المحاضرات والطلاب الشباب الذي أستمد منهم قوتي في الاستمرارفي خضم حياة راكدة بعيدة كل البعد عن المنطق..نعم المنطق الذي لازلنا نبحث عنه في إدارة المؤسسات المدنية..

هل من أمل ؟ فكل قطاع من هذا المجتمع يحتاج الى إصلاح وتصليح ، قطاع التعليم والصحة وهيكلية المجتمع والتجارة والصناعة والزراعة الخ..فالخطوات الاولى التي بدأها بارزاني هي خطوات ايجابية في محاربة الفساد ولكنها لم تمنح ثمارا لحد الان لأن مرحلة اقتطافها لم يحن بعد ولكنها خطوات واثقة بدأتها الحكومة بثبات..وفي الوقت نفسه يجب على هذه الحكومة النظر الى مسيرة الحكومة السابقة وهي بحق كانت حكومة التحدي والتي خرجت منها بأقل الخسائر نتيجة حكمتها بسبب محاربة وتآمر (البعض) عليها وهنا لا نلومها، فمعها بدأت مرحلة الإعمار والتعميروفتح باب السوق المحلية للعالم بأسره من خلال المشاريع الاستثمارية وفتح الباب للقطاع الخاص كي تكون هنالك منافسة حرة في السوق..على الرغم من أن القطاع الخاص سلاح ذو حدين ويمكن له أن يضر أو ينفع..ولكن في اي مرحلة إعمار أو تعمير هنالك أخطاء تقع فيها الحكومات كما البيت الذي يتم إعماره وبالتالي يكون هنالك خلل في التصميم من قبل المهندس..فهنا ليس علينا إعادة البناء بل بتغيير التصميم بتعمير مختلف.

الحقيقة أن جميع الأحزاب يدعون الى الإصلاحات ولكن ما من أحد يود أن يقوم بالإصلاح من نفسه وبنفسه، فهذه الإصلاحات لن يتم تنفيذها من طرف واحد والجميع يجب أن يكون طرف بل وجزء منها ويساهم فيها بشكل ايجابي، وعلى الرغم من أن هذا الأمر يتطلب وقتا وجهدا وارضية مناسبة لزراعة مثمرة وليست عقيمة. فمفهوم الإصلاحات قديم وكلاسيكي ومصطلح براق يجيد السياسيون إستخدامه في الحملات الانتخابية ولكنه أمر سلبي إن لم يتم تنفيذه كون خيبة أمل الشعب منوطة بالوعود التي غالبا لا يتم تنفيذها وبالتالي إنعدام ثقة الشعب بالسلطة والسياسيين..الإصلاحات المادية لها تأثيرات معنوية ونفسية على الشعب، لذا يجب دراسة أبعادها ليس فقط من الناحية المادية والملموسة بل مدى تأثيرها على حياة المواطن وفي جميع طبقات المجتمع وأن لايكون أحدهما مستفيدا على حساب الاخر حيث يجب أن تسود العدالة والمساواة في إتخاذ كافة القرارت..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here