العنف ضد المتظاهرين يؤدي للدكتاتورية !

د. مهند البراك

[email protected]

فيما تتواصل و تتصاعد تظاهرات شابات و شباب انتفاضة تشرين البطلة السلمية، و يزداد رعب القوى المتنفذة الفاسدة المستقوية بدوائر الدولة الجارة . . يزداد تصدي تلك القوى الاجرامي لها بالقتل برصاص القناصين الملثمين، و بالغازات المحرمة دولياً المصنّعة في ايران حسب تقارير منظمة العفو الدولية، و بالرصاص العشوائي الحي . . التي تسببت حتى الآن بسقوط اكثر من ثلاثمائة 300 شهيد و اثني عشر 12 الف جريح و مصاب اضافة الى ضحايا افراد الشرطة و القوات الامنية، وفق تقارير وطنية و اممية يعتمد عليها، في وقت تمتنع فيه وزارات الداخلية و الدفاع و الصحة عن تقديم اية بيانات عن الضحايا . .

اضافة الى محاولات تلك القوى اشاعة الارهاب و الرعب بالقنابل الصوتية، و اتباع اساليب الإرهاب المتنوعة من التهديدات و الملاحقات و الاختطافات و الاعتقالات و ضياع الاخبار عن الضحايا، و ممارسة ابشع انواع التعذيب بحق الناشطين شباباً و شابات، و تحطيم و حرق دوائر اعلامية تهتم بنشر المعلومة بحيادية .

في وقت تتسرب فيه تقارير و معلومات من اجهزة الحكم نشرتها وسائل اعلام متنوعة داخلية و دولية عن خطط من مراحل متعددة تُعتمد لمواجهة التظاهرات، ( تنتهي بإخمادها بشكل كامل)، تشير اصابع الاتهام الى انها وضعت من قبل رجال دوائر ايرانية و في مقدمتهم الجنرال سليماني، في سعي للابقاء على حكومة عبد المهدي . . تتضمن استمرار قطع الإنترنت مع قطع الطرق بالكتل الإسمنتية و السعي لحصر التظاهرات والاعتصامات في مناطق محددة وعدم السماح بتوسعها، مع مواصلة الرقابة على وسائل الإعلام والنشر.

و تهدف الخطط بالتالي الى مواجهة الاعتصامات والتظاهرات بالقوة لتشتيتها وإضعافها تدريجياً، و ان الكثير مما ذكر يُنفذ حالياً، و قد تتسبّب بسقوط ضحايا أكثر من الذين سقطوا في الفترة الماضية من عمر التظاهرات، على حد التسريبات، و هو ما يجري العمل به فعلياً الآن.

و فيما نشرت وكالة الانباء الفرنسية اخباراً افادت بعقد اجتماع لرؤساء الكتل و الكيانات المتنفذة اضافة الى ممثلي المرجعيات الدينية بحضور ايراني، و ان الحاضرين اتفقوا على ان يبقى عبد المهدي في منصبه، و على ان تتم مواجهة التظاهرات و الاعتصامات و انهائها بكل الاشكال بما فيها القوة، على حد الوكالة . .

حتى تسارع اطراف الاجتماع المذكور مذعورين الى تكذيب تلك الاخبار و التنصل من الاتفاق عليها، بعد ان شعروا باتساع حملات التضامن مع المتظاهرين داخلياً و دولياً اثر الصمود البطولي لشباب العراق و شاباته . . الشباب السلميون الذين لايحملون سلاحاً في بلد ملئ بالسلاح، و سلكوا الى الان خير سلوك رغم انواع التضحيات، التي ينحني لها العراقيون اجلالاً، اجيالاً و اجيال . .

سلوكاً عراقياً اصيلاً اكسبهم تعاطف الشعب بعد ان اعادوا اليه روحه و صارت افواجا تلتحق بهم من كل الاعمار و المهن، طلبة و كسبة و نساء و نقابات و جمعيات، و من مختلف المكونات القومية و الدينية و الطائفية، حتى افرغوا ساعات منع التجول من فعلها. الشباب الذين حافظوا على الاخلاق بصدق على مذبح الحق و الحرية و الروح الوطنية، و كشفوا عورات المعممين المتحكمين و سلوكياتهم اللا أخلاقية القذرة في التعامل مع المرأة و محاولة تركيعها و الغاء حقوقها.

في وقت يواصل فيه السيد عبد المهدي و مَنْ ورائه و مَنْ معه، محاولات الغزل و التحبب للشباب الابطال، و بكلمات لم تعد تنطلي على احد، من ان الاجهزة الحكومية تحمي (ابنائنا) و ان ابداء الرأي المخالف حق و التظاهر السلمي حق (كذا) بل و يطالب باستمرار التظاهرات لتدلنا(كذا) على الطريق الصحيح ؟؟ ، لأنها ( الطاقة التي تدفع الحكومة و مؤسسات الحكم لخدمة الشعب بوتيرة اعلى)، و شرع بتوزيع الفُتات من كذا اراضي و كذا فرص عمل و شحيح للضمان الاجتماعي . .

التي لم يقابلها المتظاهرون السلميون و عموم ابناء الشعب الاّ بالسخرية، بل و بالتجريم حين صاح متظاهر كهل باعلى صوته و هو يشاهد تساقط الشهداء و الجرحى في الخلاّني ” انتم قتلة الشعب !! لماذا تدعون هذا الشباب الجميل للتظاهر و تقولون انه حق مشروع ، و تقتلوهم . . كل الناس تعرف ان السمكة خايسه من رأسها . . لماذا لماذا ؟؟ ” .

بل و يصرّح عبد المهدي بلا خجل ( ان قتلة المتظاهرين ملثمين و لانعرف من هم و لا من اين جاءوا) و لا كأنه القائد العام للقوات المسلحة و رئيس مجلس وزراء، فاية حكومة هذه التي لاتعرف من يقتل مواطنيها و افراد قواتها ؟؟ ام هو استغباء امام مئات الأدلة التي ساقها الشباب، كيف ان القتلة قدموا من جهة استمكان القوات الحكومية الخاصة و قوات سواط سيئة الصيت، و كيف القى المتظاهرون القبض على قناصين و مخربين (سلّموهم للشرطة) لايتكلمون العربية و لا اي من اللغات العراقية، و كيف كانوا يحملون هويات ايرانية، منها لقوات خاصة من هناك.

كل ذلك و حكومة عبد المهدي لم تنفذ ولا مطلب عاجل من مطالب المتظاهرين التي تتلخص بـ : استقالة الحكومة و تشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات فوق العادة تنهي المحاصصة و تهئ لإنتخابات، معاقبة قتلة المتظاهرين علناً و اطلاق سراح المغيّبين، حل ميليشيات الحشد و تسليم سلاحهم للجيش، تقديم اكبر!! حيتان الفساد و ليس الصغار لمحاكمة علنية لينالوا جزائهم.

و ترى اوسع الاوساط، ان حكومة عبد المهدي بسلوكها المنافق القاتل، التي صارت تلوّح بمادة 4 ارهاب بحق المتظاهرين الذين تعتبرهم مخربين، الامر الذي سيشعل التظاهرات اكثر و اوسع . . لابد ان تقال او تستقيل، و انها بسلوكها المشين هي التي تخرّب البلاد، لا المتظاهرين. و انها بفضائحها و بقائها اللامسؤول، هي المسؤولة عمّا يجري، و هي التي تُسقط النظام القائم بعيون دول العالم و مصالح مستثمريها و خوفهم من استمرار و تصاعد عدم الامان.

فيما يحذّر سياسيون و مجربون غير منحازين، من ان بقاء الحكومة و سلوكياتها و دمويتها و نفاقها و كذبها اللامحدود في محاولة تجيير المظاهرات لها لإجراء تغييرات لصالحها، و استقوائها بدولة جارة و تراكض الكتل الحاكمة و البرلمان للسكوت عنها خوفاً من انكشاف فضائحها هي ايضاً، يحذّرون من توظيف السيد عبد المهدي لذلك لتكريس بقائه على كرسي الحكم، و يهدد بإقامة حكم دكتاتوري يسخّر مؤسسات الحكم له باسم (حكم رئاسي)، على طريقة اردوغان !

11 / 11 / 2019 ، مهند البراك

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here