والتحريض يستمر أبدا

هآرتس 12/11/2019

بقلم: اسرة التحرير

ليس الأمر فقط ان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لم يأخذ أبدا المسؤولية عن دوره في خلق اجواء التحريض التي سبقت اغتيال رئيس الوزراء اسحق رابين، بل انه هذه السنة سار شوطا بعيدا وعزا لنفسه موقف ضحية التحريض. في خطابه في جبل هرتسل ضرب مثلا على ما يقصد به حين يقال ان التاريخ يكتبه المنتصرون إذ قال: “على مدى السنين التي انقضت منذ الاغتيال أسمع الادعاء الكاذب في أنه حين دعت عصبة من المتزمتين رابين هكذا، وقفت جانبا وصمت، لم ارد بل حتى شجعت… لكن الكذبة التي تتكرر مرات عديدة لا تصبح حقيقة”.

في جلسة لذكرى رابين، عقدت في وقت لاحق في الكنيست، ردا على انتقاد وجهه حفيد رابين يونتان بن آرتسي، توجه الى رئيس أزرق ابيض بيني غانتس وقال: “يقال عني كل يوم اني خائن. انا لم اسمعك ولم اسمع احدا هنا يشجب حين يأتون لاغتيال رئيس وزراء”.

هكذا، دون ذرة خجل او نزاهة، استكمل نتنياهو الصرخة التاريخية: رابين، الذي قتل في الواقع، لم يقع ضحية منظومة تحريض معادية، كان لنتنياهو فيها كرئيس للمعارضة ومعارض شديد لاتفاقات اوسلو دور أساس؛ بينما نتنياهو الذي يواصل التحريض ضد كل من يقف في طريقه، بدء بالفلسطينيين، عبر مواطني اسرائيل العرب، اليسار، منظمات حقوق الانسان، الاكاديميا، الفنانين ووسائل الاعلام وانتهاء بالشرطة، الرئيس وجهاز القضاء – هو ضحية التحريض الحقيقي الذي حياته عرضة للخطر.

وليس هذا فقط بل ان نتنياهو واصل عملية تزوير خطاب الكراهية الذي سبق الاغتيال والتقليل من خطورته. “ما قلته في حينه هو أن رابين مخطئ، ولكنه ليس خائنا. نحن ابناء شعب واحد”، قال في خطابه في جبل هيرتسل، وكأنه يكفي شريط واحد يسمع فيه يقول امورا بهذه الروح للبروتوكول ما يشطب من ذاكرة مواطني اسرائيل ما جرى هنا في التسعينيات ودوره في المنظومة التي أدت الى الاغتيال.

كما انه محظور الوقوع في فخ الخطاب الجديد الذي يعده اليمين لمعسكر السلام، حين يسعى الى تسجيل اتفاقات أوسلو كـ “خطأ تاريخي” او كما وصفها أمس رئيس الكنيست يولي ادلشتاين “اضغاث احلام”. السبيل من هناك نحو وصف مهندسي أوسلو وعلى رأسهم رابين، “مجرمي اوسلو” أقصر مما يخيل.

بداية لأنها وقاحة تاريخية تجاهل حقيقة أن اغتيال رابين حقق هدفه وأوقف مسيرة السلام في مهدها؛ وثانيا، لأنه في كل السنوات التي كان فيها في الحكم، لم يفكر ا ليمين ابدا بالتراجع

عنها. بل العكس، تغذى بثمار أوسلو، سواء بالتعاون الامني مع السلطة الفلسطينية، النمو السياسي والاقتصادي في اعقابها، واتفاق السلام مع الاردن الذي ما كان ليوقع لولا اوسلو.

ان ما يقوم به نتنياهو واليمين من تزوير للواقع بالنسبة لرابين واوسلو هو استمرار للتحريض بوسائل أخرى.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here