طريق الشباب (حلقة ثقافية) لا حياة بلا شجاعة (*)

د. رضا العطار

من قصص الحياة التي تحمل عبرة كبيرة لكل شاب، قصة المستر هاني، وهو رجل امريكي كان يشكو من قرحة معوية، استعصى علاجها، وقد عالجه ثلاثة من الاطباء يئسوا من شفائه، حتى طلب احدهم من ان يكتب وصيته، ويترك عمله، لان الموت قريب.

ولكن هذا المستر هاني كان يمتاز بالشجاعة وهي فضيلة تعلو على جميع الفضائل البشرية. فإنه تساءله ما دام لم يبق لي غير القليل من الايام كي اعيش، فاني يجب على الاقل ان استمتع بهذا القليل. وقد كنت اشتهي السياحة حول العالم، قبل ان اموت، وها هي ذي الفرصة تسنح لي الان فيجب ان انتهزها.
ولكن اطباءه انذروه، فإنه اذا غادر البلاد فإنه سيموت ويدفن في البحر. وكذلك انذرته اسرته وحاولت ان تكفه، ولكنه ابى ان ينصاع.

وقبل ان يغادر، عمد الى احد اللحدادين فاشترى نعشا من المعدن الذي يمكن ان تحكم منافذه حتى لا يتسرب منه او اليه الهواء، وطلب من ربان الباخرة ان يوضع في هذا النعش عندما يموت وان يبقى في الثلج حتى يُرد الى عائلته ويدفن الى جوار اقربائه.

وكانت قد سائت حالته الصحية حتى لصق الحم بالعظم، ولكنه تحامل الى الباخرة، وما هو ان استقبل الاقيانوس وهبت العواصف حتى انتعش وانبعثت فيه الروح الاقتحام، ثم راى الهنود في عريهم والصينيين في بؤسهم، فتذكر همومه التي جلبت اليه هذه القرحة. وتعجب كيف أجاز لنفسه ان يتحمل هذه الهموم مع انه لم ير جزءأ من الف مما يراه هؤلاء الهنود والصينييون.

وعاد الى امريكا وقد زاد وزنه تسعين رطلا. وباع النعش واكتسب فوق الصحة تربية وفلسفة للحياة، ولباب هذه الفلسفة او الشجاعة هو خير ما نواجه به المصاعب ونقتحم به المستقبل. وهي العلاج السامي لجميع همومنا وامراضنا الجسمية والنفسية.

* مقتبس من كتاب طريق المجد للشاب للعلامة سلامة موسى.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here