الأوطان كائنات حية , لها قلوب نابضات , وأرواح صادحات , ونفوس طافحات , وعقول راجحات , وأنفاس صاعدات.
الأوطان لها مشاعر وأحاسيس , وإرادات وتطلعات وقدرات وآليات تواصل وبقاء , وتوافق وتواؤم وتآلف وعداء.
الأوطان تحزن وتتألم وتكتئب , وتفرح وتبتهج , وتشعر بالسعادة والنكد , وتعاني من الذل والهوان , وتتفاخر بالعزة والكرامة والسيادة والقوة والشموخ والبهاء والنماء والرقاء.
الأوطان كالإنسان , وهي مرآة ما فيها من الموجودات الحية , فكيفما يكون ساكنوها تكون صورتها , ويتحقق دورها , وتؤدي واجبها ورسالتها المودوعة فيها.
الأوطان أوعية يكون وكان , ومنطلق الأفكار المتطلعة نحو آتيات الأزمان , وهي صرخة مدوية للتعبير عن كوامن الإنسان.
وللأوطان قوانينها ومعادلاتها التفاعلية , وشروطها الفسيولوجية , ومعاييرها الكينونية التي لا تقبل الإضطراب والخلل , لأنهما يتسببان بباثولوجية خطيرة تودي بوجودها وتلغي ذاتها وكيانها وهيبتها , ولهذا فأن الأوطان تقاتل مَن يعاديها ويريد النيل منها وتدميرها.
فقد تنقض على آهليها وتمعن في القسوة عليهم لأنهم لم يدركوها ويراعوا قوانينها ويحترموا وجودها , ويسعون إلى تبديدها وتقديدها , وجزرها على مقصلة الإفتراس الغابي المتوحش , ولهذا فأن عليها أن تدافع عن نفسها وتنتصر على أعدائها مهما كانوا وتعددوا وتساندوا ضدها , فالأوطان تلد قوتها وتثبت وجودها ولن تتنازل عن دورها الأرضي ورسالتها الكونية , فالأوطان ما وجدت عبثا , ولا هي من صنع الإنسان , وإنما هي ملامح الأرض المميزة لها , كما هي ملامح أي مخلوق أو إنسان.
فليستفيق المتوهمون بإلغاء الأوطان ومعاداتها وتدمير كيانها النفسي والجمعي والجغرافي والتأريخي والروحي , لأن الأوطان لا تموت وكل مَن عليها فان!!
د-صادق السامرائي
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط