حقنة ” كل يوم الجمعة ” في انتظار ” غودو الإصلاحات !! ..

بقلم مهدي قاسم

مع تزايد نسبة سقوط أعداد كبيرة من قتلى و جرحى و مخطوفين
بين صفوف المتظاهرين في بغداد* و محافظات الوسط و الجنوب يصبح من الصعب الوقوف على حياد أو ” مسافة واحدة ” من القاتل و القتيل و الجلاد والضحية ، فأن وقوفا حياديا كهذا يعني ، قبل أي شيء آخر ، عدم التمييز بين من هو على حق ، و من هو على ظلم و باطل ، وهي لعبة
تكاد أن تكون مملة و مرهقة لا يمكن لعبها دائما و أبدا ، ولا يجوز أصلا ، خاصة بالنسبة للذين يزعمون بأنهم يمثلون تراث الحق و العدل ضد الظلم و الباطل ، بينما الوقوف على مسافة واحدة من الظالم و المظلوم يعني ــ بكل وضوح ــ ضياع بوصلة الاتجاه وعدم التمييز بين الحق
و الباطل ، و بالتالي عدم الوقوف إلى جانب الحق و العدل ، وإذا كان الأمر هكذا ، فهو سيمنحنا حقا مشروعا لكي نشك بقوة في مصداقية هذه المزاعم التي تزعم الوقوف إلى جانب الحق ضد الباطل و الفساد ، بينما هي فعليا و على أرض الواقع لا تفعل ذلك أكثر مما تتفرج فحسب بكل
لا مبالاة وعدم اكتراث ..

و في الحقيقة أنها ــ و نقصد هنا المرجعية العليا ــ ليس
تتفرج فقط إنما تحاول أن تعطي في كل أسبوع حقنة من ” حقن يوم الجمعة ” للشارع العراقي عبر دعوة أصحاب السلطة الفاسدين إلى الإصلاح و الاستجابة لمطالب المتظاهرين ، لتكون هذه الدعوات المتكرر على مدار أسابيع و شهور بمثابة دعوة إلى تهدئة بهدف انتظار سلبي و تاليا
دون أي حسم سريع للوضع المتردي، و ذلك عبر دعوات مكررة تفسح المجال للحكومة لئن تناور وتماطل بهدف كسب مزيدا من الوقت والمراهنة عليه ، أملا في تفشي مشاعر الملل وروح الإحباط و اليأس بين صفوف المتظاهرين حتى ييأسوا نهائيا ويتركوا ساحات التظاهر والاحتجاج ، ليبقى
الوضع كما هو عليه من مظاهر فساد و سوء ورداءة و انهيار بطيء على كل صعيد وناحية ..

غير إن هذه المراهنة ليست في محلها لأنها مراهنة جاءت وتأتي
من حسابات خاطئة بالمرة ، إذ أن شباب التحرير المتظاهرين من ذوي العقول و الذهنيات ” الغوغولية الجبارة ” يختلفون عن غيرهم من ” شباب ” مكوّكين ــ و مدجنين خصيصا للطم و نحيب ، و الذين يمكن أن تحركتهم المرجعية العليا أو مقتدى الصدر و غيره بفتوى أو بيان ، فأغلب
شباب التحرير باتوا متسلحين بأربع سمات رائعة التي بفضلها ما من قوة وحشية و باطشة ستفلح في دفعهم إلى التراجع والتقهقر ومن ثم الاستسلام للأمر الواقع المظلم و السيء و المفروض بالقوة ، و السمات التي تميزهم وهي :

ــ الإرادة القوية و الصبر والتجلد الأيوبي وعدم الخوف
من الموت و الاقتحام الباسل و الشجاع في وسط زخات و قنابل خارقة للصدور و الجماجم .وهي تتساقط عليهم كحبات أمطار ..

بل يمكن القول أن المرجعية الحقيقية بالنسبة لكثير من هؤلاء
الشباب المنتفضين قد أصبحت هو العراق و العراق وحده ، ويبدو أن عددهم أخذ بازدياد و اضطراد ، وهو أمر مفرح فعلا وباعث على أمل كبير في تغيير حقيقي و أن طال أو يطول أمده بعض الشيء، من حيث يعني خروج متمهل لهؤلاء الشباب من سراديب معتمة إلى رحاب الوطن و من تلقين ببغائي
إلى آفاق العلم و المعارف و ذات رؤية نقدية للأمور و الأشياء ..

و يبقى أن نقول أنه بالرغم من كل هذه التظاهرات الجبارة
و التضحيات البشرية العظيمة والمطالبات اليومية بالتغيير فأن لصوص المنطقة الخضراء لا زالوا يقتسمون المغانم والمناصب و الوظائف فيما بينهم حتى هذه اللحظة بكل استخفاف و استهانة منقطعة النظير ..

وهو الأمر الذي يعني إنهم لا يأخذون هذه التظاهرات الجماهيرية
بجدية كاملة أو بعين إعتبار و أهمية ، و تاليا لا يريدون القيام بإصلاحات و تغييرات جذرية شاملة .

و هذا أمر طبيعي وواضح لأن الفاسد لا يتخذ إجراءات ضد نفسه
أو ضد أقرانه من فاسدين آخرين..

هامش ذات صلة :

القوات
العراقية تقتل أربعة محتجين والسيستاني يحذر من أزمة
قتلت قوات الأمن العراقية أربعة محتجين في بغداد يوم الجمعة وفرقت عنوة
محتجين يسدون ميناء أم قصر الرئيسي القريب من البصرة في حين قال المرجعية الدينية العليا لشيعة العراق إن الإصلاحات هي السبيل الوحيد لتجاوز الاضطرابات المستمرة منذ أسابيع. وذكرت مصادر بالشرطة أن قوات الأمن فتحت النار وأطلقت الغاز المسيل للدموع ـــ نقلا عن صحيفة
صوت العراق) .

في انتظار ” غودو ” التغييرات والإصلاحات :

☹✌

Geplaatst door ‎بغداد عاصمة الحب‎ op Donderdag 21 november 2019

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here