الكرة المفقودة !!

علي رياح

مع إطلالة النسخة الرابعة والعشرين من كأس الخليج العربي ، يجيب نجمنا الإعلامي والرياضي الكبير مؤيد البدري على السؤال الذي يتكرر في كل مرة : كيف انضم العراق إلى ركب هذه البطولة للمرة الأولى عام 1976؟!
يقول البدري مقتفيا أثر البداية : (في عام 1974 نجح الاتحاد الكويتي لكرة القدم في إصدار قرار يتضمن تغييرا في نظام البطولة، والقرار الجديد يعطي الحق إلى الدولة المنظمة للبطولة بدعوة من تشاء إليها، وأنها أي – الدولة المنظمة – ليست ملزمة بدعوة جميع الدول التي سبق أن وقعت على نظام البطولة.
وقبل أيام من بدء البطولة الثالثة 1974 وصلت رسالة من الاتحاد الكويتي لكرة القدم تدعو رئيس الاتحاد العراقي لحضور حفل الافتتاح . كان رئيس الاتحاد آنذاك الأخ فهد جواد الميرة الذي اعتذر عن تلبية الدعوة لمشاغله الوظيفية وعندها تقرر في الاتحاد تكليفي بالمهمة.
سافرت إلى الكويت في شهر آذار 1974، وكانت الإجراءات الخاصة بالبطولة قد تمت، والوفود المشاركة قد وصلت، وفور وصولي قابلت رئيس اتحاد الكرة الكويتي آنذاك أحمد عبد العزيز السعدون واستفسرت منه مباشرة عن الموقف بشأن مشاركة العراق، فأشار إلى أن الأمر أصبح في يد الدولة المنظمة للبطولة المقبلة 1976 وهي التي لها الحق في دعوتكم أو عدم دعوتكم إليها.
طلبت منه أن يقدمني إلى رئيس الاتحاد القطري لكرة القدم، فقال : هناك حفل استقبال مساء وسوف أعرفك به، وتبقى مسألة دعوتكم للبطولة أو عدم دعوتكم شأنا خاصا بينك وبينه.
وفي المساء، وفي حفل الاستقبال، قدمني السعدون إلى أحد الأشخاص وقال لي هذا هو رئيس الاتحاد القطري لكرة القدم .. قلت : لي الشرف أن اتعرف عليكم ، أنا مؤيد البدري من الاتحاد العراقي لكرة القدم .. وكم كانت دهشتي عظيمة عندما قال : ليس من المعقول أن تقدم نفسك لي يا أستاذ .. إنني أحمد علي الانصاري تلميذك في كلية التربية الرياضية في بغداد لأربع سنوات .. كانت دهشتي أعظم، لم اتوقع أن يصبح ذلك الشاب القطري الذي درسته في كلية التربية الرياضية رئيسا للاتحاد في بلده .. تصافحنا وقبلنا بعضنا البعض وأخذني جانبا .. قلت : أحمد جئتك بأمر هام .. قال : آمر أستاذ .. أجبت : أريد منك أن تدعو العراق إلى بطولة الخليج الرابعة التي ستنظمها قطر عام 1976 لأنني عرفت أن أمر الدعوة مناط بالدولة المنظمة.
قال : نعم أستاذ، إن أمر الدعوة مناط بنا، ولكن أسألك هل تريدون حقا المشاركة في البطولة القادمة ؟ فإذا كنتم كذلك، فأرجو عدم التصريح لأية صحيفة أو أي تلفزيون من تلفزيونات الخليج واعتبروا انفسكم مدعوين لبطولة الدوحة.
شددت على يده وشكرته وعادت بي الذاكرة إلى ذلك الفتى ضعيف البنية والذي كان يدرس في كليتنا وقد أضاع إحدى كرات القدم في ملعب الكشافة أثناء درس مادة كرة القدم، وقد جاءني في اليوم التالي يطلب دفع ثمنها، لأنه كان السبب في إضاعتها .. قلت له : أحمد إننا نعتبر الطلبة العرب أبناءنا، وإذا كنت بحاجة إلى أي شيء فعليك الاتصال بي، أما موضوع ضياع الكرة فاعتبره منسيا!
عند عودتي إلى بغداد ، قدمت تقريرا للاتحاد العراقي لكرة القدم بالأمور التي حدثت بيني وبين رئيس الاتحاد القطري لكرة القدم .. وأبقينا الأمر سرا .. لم نذكره لأحد .. ووفى أحمد علي الأنصاري بوعده وأرسل لنا الدعوة للمشاركة في بطولة الخليج الرابعة في الدوحة وكانت المشاركة الأولى لنا في هذه البطولات.. وبرغم مرور كل هذا الزمن على بطولة الدوحة فإني ما زلت اعتبرها من أجمل الدورات والبطولات .. لا أدري لماذا .. ولكن ربما لأنها كانت الدورة الأولى .. أو ربما لأنها جاءت من شخص عزيز وفـى بعهده .. أو ربما للحفاوة البالغة التي قوبلنا بها هناك من القطريين ومن أحمد علي الأنصاري بالذات والتي أثارت حسد فرق الخليج الأخرى!

Save

مشاركة

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here