لم يكن امام ( قسد ) الا التعاون مع الأمريكان

كثيرآ ما انتقد موقف قوات سوريا الديمقراطية ( قسد ) و التي يهيمن عليها القوات الكردية و ذلك لتحالفها مع القوات الأمريكية المتواجدة في الأراضي السورية و كثيرآ ما اتهمت ( قسد ) في انها لم تستوعب الدرس جيدآ من التحالف مع الأمريكان الذين لا حليف و لا صديق لهم سوى مصالحهم و هذا هو واقع الأمر و ليس فقط الأمريكان ما تهمهم مصالحهم في الدرجة الأولى بل كل الدول و البلدان تأتي مصالحها في المقام الأول و في عالم السياسة و السياسيين لا اصدقاء دائمين و لا اعداء دائمين بل هناك مصالح دائمة .

في المعادلة السورية قد يكون الطرف الكردي هو الأضعف من بين كل الأطراف الفاعلة او المقاتلة في الساحة السورية فأذا كانت الفصائل المسلحة المعارضة تدعم و تمول من قبل عدة دول و في مقدمتها تركيا و السعودية و قطر و كل من هذه الدول تملك فصيلآ مسلحآ معارضآ او اكثر تقدم له المعونات و المساعدات المالية و العسكرية اما القوات الحكومية السورية فكانت روسيا و ايران من ابرز الداعمين و المساندين لتلك القوات بالدعم المالي و العسكري المباشر في التدخل لصالح قوات الحكومة السورية حيث كان الدور العسكري الروسي مؤثرآ جدآ و حاسم بينما لم يجد الطرف الكردي من يقف الى جانبه و يسانده سوى القوات الأمريكية التي مدت قوات ( قسد ) بالسلاح و العتاد و المعلومات الأستخبارية ما مكن هذه القوات من خوض اشرس المعارك و اعنفها مع الأرهابيين ( داعش ) و دحرهم و الحاق الهزيمة المنكرة بهم .

لم تكن قوات ( قسد ) في احسن حالاتها و هي تجد نفسها مطوقة من جهات عديدة و من اعداء اقوياء فكان الجيش التركي و الذي يكن العداء الشديد لقوات سوريا الديمقراطية و يتهمها بالأرهاب و موالاة ( حزب العمال الكردستاني ) المناضل من اجل استقلال كردستان و كذلك فأن العدو الشرس الآخر و الذي يتربص بها ( داعش ) الذي لا يقل عداوة و بغضآ من ذاك التركي و في غياب الدعم الحكومي السوري و قواته المنهمكة و المنشغلة في الأشتباك مع الأرهابيين و المعارضين المسلحين في اماكن عديدة و جبهات مختلفة و هكذا لم تجد قوات سوريا الديمقراطية من حليف تستند الى امكانياته الكبيرة و دعمه العسكري سوى الطرف الأمريكي .

في واقع الأمر لم تراهن ( قسد ) على الجانب الأمريكي في حماية الشعب من الجيش التركي من جهة و قوات ( داعش ) من جهة اخرى لكن قوات سوريا الديمقراطية ( قسد ) لم تجد غيرهم من يمدها بأسباب البقاء و الصمود في مواجهة القوات التركية و داعش سوى القوات الأمريكية و لو كان غير الأمريكان قد مد يد المساعدة و المعاونة لهم فهم و بالتأكيد لم يكونوا ليرفضوا ذلك الدعم فكان الجميع قد تخلى عنهم لأسباب عديدة فالأمر كان ليس من باب الأعجاب بالأمريكان لكنها الحاجة الى الدعم و المشورة و المساندة و لم يكن غيرهم من ابدى استعداده لتقديم تلك الخدمات و المساعدات .

عندما تجد الكثير من الحركات التحررية و الأنتفاضات الشعبية نفسها و قد عجزت عن مواجهة العدو الغاشم او المحتل المعتدي و تكون كل القوات و التي كانت تعول على مساعدتها قد تخلت عنها و لأسباب متعددة و بقيت وحيدة في الميدان الذي يزدحم بالأعداء و المتربصين و هذا ما حدث كثيرآ مع العديد من الفصائل الثورية و من بينها ( قسد ) و التي لم تجد غير القوات الأمريكية التي ابدت استعدادها و جاهزيتها في مد القوات الكردية بالدعم اللازم في مواجهة القوى الأرهابية ( داعش و القاعدة ) فلم يكن من المنطقي او من المقبول رفض العرض الأمريكي و بالتالي تعرض المناطق التي تسيطر عليها ( قسد ) الى الأحتلال الأرهابي الداعشي و التعرض الى الأبادة و السبي و الدمار الهائل الذي يخلفه ( داعش ) ورائه دائمآ .

انها ليست معاهدات و اتفاقيات لكنها تبادل المصالح و المنافع الوقتية تلك التي حددت العلاقة بين القوات الأمريكية و قوات سوريا الديمقراطية ( قسد ) و لم يكن يعني انسحاب القوات الأمريكية من الأراضي السورية تنصل من اتفاق او نكوث للعهود و المواثيق لكنه في انتهاء المصلحة لهذا الطرف او ذاك و لو كان هناك طرفآ قويآ آخر مثل ( روسيا ) و تواجدها العسكري الكبير قد عرضت على الجانب الكردي ما قدمته ( امريكا ) لم يكن الكرد و قوات ( قسد ) قد تأخرت في قبوله لا بل كان قد رحبت بالعرض الروسي و بشدة ان حصل و ذلك للتأريخ الطويل الذي يجمع شعوب هذه المنطقة بالأتحاد السوفييتي سابقآ و روسيا الأتحادية لاحقآ و كون ( الروس ) اكثر صدقآ من ( الأمريكان )مع حلفائهم لكن وضع ( قسد ) في التحالف مع امريكا كان من منطلق ( مجبر اخاك لا بطل ) .

حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here