الوضع المأزوم الراهن يتطلب رئيس حكومة مستقل عن أحزاب الفساد واللصوصية

بقلم مهدي قاسم

إن أي تحايل أو مناورة من قبل أحزاب الفساد بغية القفز
فوق الوقائع والأحداث المضطربة و المتأزمة سيما محاولة امتصاص موجات التظاهرات ، ـــ ـ لغرض عدم الخروج من الدّوامة أوالمراوحة الحالية ، و المريحة بالنسبة لهم ، طبعا ، لمواصلة أعمال اللصوصية والنهب المنظم ، فمثل هكذا تحايل و مناورة ستزيد الأمور سوءا و تدهورا
و ستقود نحو اضطرابات شعبية أكبر و أوسع ، و تاليا التسبب في سقوط أعداد كبيرة من ضحايا جدد من المتظاهرين الذين سيتصدون ــ حتما ـ لمثل عملية تحايل أو مناورة كهذه والتي لن تنطلي عليهم قطعا ، فهم لم يقدموا كل هذه التضحيات الهائلة بالروح و الدم و التعب و المعاناة
اليومية والمخاطر المحدقة ، ليستبدلوا عادل زوية بأبو الكوارث المالكي أو بسمسار عقود فساد أسلحة عزت الشابندر أو غيره من بضائع صينية تالفة و فاقدة صلاحية مسبقا ، فهؤلاء قد انتهت صلاحيتهم حتى قبل الاستعمال ، كسياسيي الصدفة الفاسدين والفاشلين في إدارة شؤون الدولة
و الذين يرجع الفضل لتبؤوهم المناصب المهمة و الحسّاسة لنتائج وإفرازات عملية الغزو الأمريكي للعراق بهدف نشر سياسة الفوضى الخلاقة التدميرية و المتعمدة ، فلولا الغزو لكانوا ولا زالوا حتى الآن يدورون على أجهزة مخابرات دول جوار أو بعاد ، لتقديم خدماتهم التي لا
أحد بحاجة إليها غير النظام الإيراني ، و لكونهم لا يصلحون لأي شيء يُذكر ، أو طلب اللجوء إلى إحدى دول ” الكفر ” والاستكبار العالمي المرفهة !! ..

فمن هنا تقتضي الضرورة القصوى إيجاد رئيس حكومة شاب
و مستقل تماما عن أرهاط الأحزاب الفاسدة ، و يتمتع بروح مهنية عالية ونزاهة مشهودة له ، بحكم كونه ـــ افتراضا ــ ـ صاحب طموحات كبيرة و جذرية وبرؤية عصرية واضحة على صعيد إحداث عمليات تغيير وإصلاح فعليين ، و ليس همه الأول و الأخير هو الإثراء السريع مثلما الحال
لزعماء أحزاب الفساد ، إنما الإصلاح السريع !، طبعا إلى جانب ــ وهذا هو الأهم ــ أن يتمتع بثقة المتظاهرين الذين سيعوّلون عليه للمضي قدما في عمليات الإصلاح هذه ، كرئيس حكومة قادر على قيادة عمليات إصلاحات جذرية وشاملة ، خطوة بعد أخرى ، ولكن نحو بوصلة و اتجاه
صحيحين ، وهو يهيئ معالم الطريق و المسار ، خروجا من مظاهر الفساد والخراب و الجمود نحو مستقبل يضمن تقدم العراق نحو الأمام للحاق بركب الشعوب و الأمم المتطورة والمتقدمة….

نقول كل هذا ، لأنه باتت واضحة تماما محاولة الحفاظ على
مظاهر الخراب والجمود الحالية ، و كذلك على مصالح النظام الإيراني في العراق من قبل أحزاب الفساد و ذلك باللجوء إلى استخدام وسائل عنف وحشية وعمياء متهسترة ، مع ارتكاب مزيد من مجازر جماعية تلو أخرى ، و التي سوف لن تفلح ولا توقف موجات هذه المظاهرات الكبيرة و
المليونية بقدر ما تجعلها أن تجد تعاطفا أعظم بين شرائح وفئات المجتمع العراقي المستاء والغاضب والساخط أصلا من أحزاب الفساد و تتمنى الخلاص منها بأقرب فرصة ممكنة..

ولكن إلى جانب كل هذا ، يجب أن لا ننسى بأن زعماء أحزاب
الفساد والميليشيات العميلة للنظام الإيراني ــ نُعيد هذا تكرار مقصودا ـ سوف لن تستسلم بسهولة ــ مثلما قد يتصور بعض منا ـــ لتتخلى عن امتيازاتها الملكية دون أن تقاوم بضراوة وحشية أقسى وأقسى من عملية تنكيل و بطش و قتل ، و ارتكاب عديد من مجازر جماعية جديدة ،
وهو الأمر الذي يتطلب تحديا و مزيدا من إصرار و عناد لمواصلة مشوار الإصلاح والتغيير ، حتى ولو بموجات تظاهرات متواصلة ودائمة ، وكذلك بمزيد من التفاف جماهيري واسع و كبير ــ دعما و تعاطفا متواصلين ــ حول المتظاهرين و عموم ثوار تشرين المجيدة في بغداد وباقي محافظات
الوسط و الجنوب المنتفضة .!..

كما يوجد ثمة عامل آخر ومهم يجب أن لا ننساه إلا وهو :

ــ إن خوفا من المحاسبة و المساءلة القانونية التي حتما
ستتُخذ ضد رموز و أحزاب الفساد بسبب جرائمها السياسية والاقتصادية و الإدارية والمالية ، وخاصة محاولات استرجاع المليارات المنهوبة من المال العام ، قد تصطدم بمقاومة شديدة هي الأخرى من قبل هذه الأحزاب وعصاباتها الفاشية والإرهابية ، وهو العامل الذي يجب أخذه بنظر
الاعتبار والأهمية في كل الظروف والأحوال والتهيؤ لها مسبقا .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here