كتب المحرر السياسي:المطلوب رئيس وزراء جديد بمواصفات استثنائية

وافق مجلس النواب أمس على استقالة رئيس مجلس الوزراء عادل عبدالمهدي، ومعه الحكومة بكاملها عمليا، والتي تكون بذلك قد تحولت الى حكومة تصريف اعمال. وانتقلت الكرة الآن الى ملعب رئيس الجمهورية، الذي يفترض وفقا للدستور ان يكلف مرشحا بتشكيل الحكومة الجديدة.

ولا شك ان اختيار هذا المكلف في هذه اللحظة الحساسة من تاريخ شعبنا، أمر ذو أهمية استثنائية. فدماء الشهداء لم تجف بعد، ويوماً بعد يوم ترتفع اعدادهم واعداد الجرحى والمعوقين، فيما المنتفضون في ساحات الاعتصام والاحتجاج عازمون، عن حق، على مواصلة ما بدأوه في أول تشرين الأول 2019 حتى تحقيق كامل أهدافهم ، وهي في النهاية اهداف ومطالب الشعب.

الا ان هناك، ومع ان الشارع ما زال يغلي، قوى وكتل لم تشعر حتى الآن بارتدادات زلزال الانتفاضة. ويتجلى هذا في تمسكها بالمنهج المحاصصي الفاشل ذاته، وبصيغ التوافق التي لا تعني سوى تقاسم المغانم على حساب جوع وفقر ومرض الملايين من أبناء الشعب، ومن دون اكتراث بالدماء الزكية التي اريقت وتراق .

ان من الملح الآن، بعد استقالة الحكومة، البدء بتشكيل الحكومة الجديدة ذات المواصفات التي حددت خصائها مطالب المنتفضين السلميين، وفي مقدمتها التهيئة للانتقال الى مرحلة التغيير الشامل.

ان هذه الحكومة الانتقالية التي تتولى اساسا انجاز مهام محددة تمهد لاجراء الانتخابات المبكرة، لا بد ان تتمتع بصلاحيات واسعة يمنحها مجلس النواب، لتتمكن من تهيئة مستلزمات الانتقال في فترة زمنية معينة، يتوجب ان لا تزيد عن ستة اشهر.

ويأتي الآن دور رئيس الجمهورية ليلعب الدور المناط به دستورياً، ويُحسِن اختيار من يكلفه بتأليف الحكومة في ضوء مطالب المنتفضين المشار اليها، واولها ان تكون مفتتحا للمباشرة بعملية التغيير المطلوبة.

وبالنظر الى كون المرحلة المقبلة انتقالية ومهامها كبيرة، فلا بد للمكلف ان يجمع صفات وخصالا تجعله من جهة قادرا على أداء مهامه الصعبة، ومن جهة ثانية مقبولاً من جانب المنتفضين، الذين صاروا طرفا اساسيا في المعادلة وفي المشهد السياسي .

اما معايير الاختيار فقد اصبحت واضحة ايضا، وهي تتلخص في ان يكون رئيس الوزراء الجديد

• مستقلا سياسياً،

• متصفا بالكفاءة والنزاهة والقدرة على اتخاذ القرار،

• ممن لم يسبق لهم تولي منصب وزاري او تشريعيا،

• قادراً على صيانة القرار الوطني العراقي المستقل،

• ممن يضعون مصلحة الشعب والوطن فوق كل اعتبار.

ومن الضروري طبعا ان يتم الاختيار بعيداً عن المحاصصة والنزعات المناطقية والطائفية السياسية والتحزب الضيق، وان يلتزم رئيس الوزراء وأعضاء مجلس الوزراء المقبل بعدم الترشيح في الانتخابات القادمة.

ان الجماهير المنتفضة والمطالبة بالتغيير الشامل، تريد ان ترى وتلمس الجدية في حسن اختيار رئيس الوزراء لكي تنبثق حكومة وطنية كفؤة نزيهة وفعالة، فبعكس ذلك قد تذهب الامور الى مسارات تؤدي الى حالة استعصاء سياسي جديد. ولهذا لابد من الاستجابة لارادة الشعب وتطلعه الى إعادة بناء الحياة السياسية على أساس المواطنة والديمقراطية الحقة وبناء دولة القانون والمؤسسات والعدالة الاجتماعية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here