تصاعد وتنوع أساليب وأدوات مقاطعة نظام الفصل العنصري الإسرائيلي

تقرير المقاطعة الدوري – إعداد محمود الزبن

المكتب الوطني للدفاع عن الارض ومقاومة الاستيطان

يوما بعد يوم تخطو أوروبا الرسمية، خطواتها ولو بشكل بطيء، نحو تصعيد وتنويع أساليبها وأدواتها لمقاطعة نظام الفصل العنصري ” الأبرتهايد ” الذي تبنيه إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تارة ً عبر مؤسساتها القانونية والتشريعية والبرلمانية، وتارة ً أخرى عبر مواقفها الرافضة والمنددة بالمواقف والسياسات الأمريكية التي تصدر عن الرئيس الأمريكي ترامب وأقطاب إدارته لا سيما فيما يتعلق بالقدس وبالمستوطنات الإسرائيلية وبحل الدولتين.

وفي هذا السياق، أقرت المحكمة العليا للاتحاد الأوروبي، قانونية وسم البضائع الإسرائيلية التي تنتج في المستوطنات المقامة في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، أي الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وهضبة الجولان، والتي يتم تصديرها إلى دول الاتحاد الأوروبي. ووافقت المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذي للاتحاد الأوروبي، في تشرين الثاني/نوفمبر العام 2015، على وضع ملصقات على منتجات المستوطنات الإسرائيلية لتمييزها عن بضائع أخرى حيث يكون بالإمكان مقاطعتها والامتناع عن شرائها. ودائما ما يؤكد الاتحاد الأوروبي على أن المستوطنات “غير شرعية وعقبة في طريق السلام “.

دوليا، ما زالت أنشطة وفعاليات مقاطعة إسرائيل، تتفاعل وتُلقي بظلالها على الوعي المتصاعد في الرأي العام الدولي شعبيا ورسميا، المندد بجرائم إسرائيل المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني، وتنكرها لحقوقه المشروعة التي أقرتها كل المعاهدات والقرارات الأممية والدولية، وفي هذا الإطار، غادر طلاب كلية الحقوق في جامعة هارفارد الأمريكية قاعة تستضيف القنصل الإسرائيلي في نيويورك، “داني دايان”، بمجرد بدء القنصل إلقاء كلمته، حيث بث ناشطون وطلاب في الجامعة مقطع فيديو يظهر الطلاب وهم يغادرون القاعة لحظة بدء القنصل الإسرائيلي كلمته حول الإستراتيجية القانونية للمستوطنات الإسرائيلية، مما اضطر “دايان” لإلقاء كلمته أمام مدرجات شبه فارغة، فيما واصل الطلاب وقفتهم الاحتجاجية خارج القاعة، رافعين لافتات كتبت باللغة الإنجليزية إن المستوطنات الإسرائيلية غير قانونية، والمستوطنات جريمة حرب.

وفي كندا، احتج متظاهرون مؤيدون للقضية الفلسطينية، داخل حرم جامعة يورك في تورنتو الكندية، بعد استضافة جنود احتياط من جيش الاحتلال الإسرائيلي، عشرات من طلاب الجامعة احتجوا على استضافة الجنود الإسرائيليين الذين وصلوا للحديث عن تجاربهم داخل الجيش، وقام الطلاب بتنظيم حملة مناهضة ضد استضافة أولئك الجنود ورددوا شعارات منها ” لا لاستقبال القتلة “، إلى جانب شعارات (فلسطين حرة ) وغيرها من الشعارات.

وفي سويسرا، انسحب المنتخب الجزائري للصم من البطولة العالمية لكرة الصالات في سويسرا من أمام المنتخب الإسرائيلي، مؤكداً رفض الجزائر لجميع أشكال التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.

ومن تركيا، أعلن ريتشارد فولك المقرر السابق للأمم المتحدة في فلسطين، عن تشكيل تحالف دولي لمواجهة الأبارتهايد الإسرائيلي وتفكيكه، باستخدام كافة الوسائل القانونية لتحقيق تلك الغاية لا سيما أنشطة المقاطعة التي أثبتت نجاعتها وقدرتها على فرض عزلة على هذا النظام العنصري المتشكل في الأراضي الفلسطينية.

أما في هولندا، وتماشيا مع قرار المحكمة العليا للإتحاد الأوروبي بوسم بضائع المستوطنات الإسرائيلية، فقد أعلنت الحكومة الهولندية أمام البرلمان، بأنها ستواصل دعم السياسة الأوروبية المتمثلة في وسم منتجات المستوطنات وستعمل على تطبيقها، وجاء إعلان الحكومة الهولندية بعد دعوة البرلمان للحكومة إلى الامتناع عن تنفيذ قرار محكمة “العدل” الأوروبية بتطبيق سياسة وسم منتجات المستوطنات.

وفي السويد قالت وزيرة الخارجية السويدية الجديدة آن ليندا، إن حركة المقاطعة (BDS) حركة شرعية، وأن حكومة بلادها “لا ترى تشابها بين نشاطاتها ونشاطات معادية للسامية وأن الحكومة السويدية لا تدعم مقاطعة إسرائيل، ولكنها ترى أن حركة المقاطعة تحمل تعبيرا وحقوقا في تمثيل مواقفها، وأن حركة المقاطعة وسيلة سياسية مشروعة كجزء من صراع سياسي غير عنيف، من أجل حقوق الإنسان والديمقراطية، وحرية التعبير، ووقف الاحتلال”.

وفي تطور لافت في الولايات المتحدة الأمريكية وقع 107 أعضاء ديمقراطيين في مجلس النواب الأميركي على عريضة طالبوا خلالها وزير الخارجية مايك بومبيو بالتراجع عن قرار شرعنة المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية، حيث تأتي العريضة بعد أيام من إعلان بومبيو أن بلاده لم تعد تعتبر المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية مخالفة للقانون الدولي، في حين لاقت تصريحاته إدانات دولية وعربية. وأعلن المشرعون الموقعون عليها رفضهم الشديد لقرار وزارة الخارجية، الذي تراجع عما كانت تعمل به الولايات المتحدة منذ عام 1978 باعتبار المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية غير متماشية مع القانون الدولي. وفي ذات السياق رفضت الدول الأوروبية الموقف الأمريكي الجديد حول المستوطنات الإسرائيلية، حيث أوضحت خمس دول أوروبية (فرنسا وألمانيا وبريطانيا وبلجيكا وبولندا ) في بيان مشترك، أن كل نشاط استيطاني هو غير شرعي بموجب القانون الدولي، ويقوض إمكانية حل الدولتين وأفق السلام الدائم… وندعو إسرائيل إلى وقف كل الأنشطة الاستيطانية”.

وفي الولايات المتحدة أيضا أظهر أحدث استطلاع للرأي بشأن مواقف الأميركيين من حركة “مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات BDS ” ، أن معظم الديمقراطيين يعتبرونها حركة شرعية للضغط على إسرائيل ودفعها للالتزام بالقرارات والقوانين الدولية الخاصة بوقف الاستيطان وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للفلسطينيين، وأظهر الاستطلاع الذي كشفت نتائجه في “معهد بروكينغز” المرموق للأبحاث في واشنطن، والذي تم إجراؤه بين 4 و 10 من شهر أكتويبر\ تشرين الأول المنصرم، واستكشف آراء 1260 مواطنا أميركيا من مختلف التوجهات، أن 77% من الديمقراطيين يؤيدون أو لا يعارضون حركة المقاطعة.

وعلى الصعيد الإسرائيلي، يرصد تقرير المكتب الوطني حول شؤون المقاطعة، المخاوف الإسرائيلية من نشر “القائمة السوداء” للمستوطنات، حيث افاد موقع “واينت” أنه بعد عدة مرات من تأجيل نشر “القائمة السوداء” للشركات الإسرائيلية التي تعمل في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية-

فان هناك مخاوف إسرائيلية بان تقوم مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الانسان ميشال باشليت بالقيام بهذه الخطوة وعدم الانتظار حتى تشكيل الحكومة الإسرائيلية القادمة، وتشير التقديرات في إسرائيل انه بعد نشر قرار محكمة العدل الأوروبية في لوكسمبورغ، والتي بموجبها يتعين على جميع دول الاتحاد الأوروبي وضع علامات على منتجات المستوطنات- فإن المفوضة باشليت تدفع نحو نشر القائمة السوداء في اقرب فرصة وقبل نهاية العام الحالي.

وفي خطوة لاقت إدانات دولية واسعة بما في ذلك في الامم المتحدة رحلت السلطات الإسرائيلية مدير مكتب هيومن رايتس ووتش في إسرائيل والأراضي الفلسطينية عمر شاكر، تنفيذا لقرار العليا الإسرائيلية بسبب اتهامات له بدعم حركة المقاطعة الدولية والمشاركة في نشاطات لها ضد إسرائيل، في خطوة تعتقد اسرائيل أنها من خلالها يمكن ان تحجب عن أنظار الرأي العام الدولي مسلسل انتهاكاتها لحقوق الانسان في الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967

وعلى الصعيد الفلسطيني رحبت العديد من الأوساط الفلسطينية بقرار محكمة العدل الأوروبية بوسم بضائع المستوطنات الإسرائيلية، واعتبرته انتصارا فلسطينيا جديدا يُضاف لسلسلة المواقف الأخلاقية التي تدعم الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، وتجابه الإدعاءات الباطلة لحكومة اليمين المتطرف في إسرائيل والقائمة على الترويج للخرافات والأكاذيب الإسرائيلية الباطلة، وفي هذا الصدد رحب المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان في تقريره الدوري حول شؤون المقاطعة، بقرار المحكمة العليا للاتحاد الأوروبي، بقانونية وسم البضائع الإسرائيلية التي تنتج في المستوطنات المقامة في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967،

وأكد المكتب الوطني أن هذا القرار الأوروبي الهام هو انتصار أخلاقي طال انتظاره بعد مسيرة حافلة من العمل والجهود التي قادتها حركات المقاطعة BDS في الدول الأوروبية لفرض العزلة على نظام الفصل العنصري الأبرتهايد الذي تبنيه إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ليكون أسوء من نظام الابرتهايد البائد في جنوب أفريقيا. كما رحبت اللجنة الوطنيّة الفلسطينية للمقاطعة، قيادة حركة المقاطعة (BDS) عالميّاً، بالخطوة التي اتّخذها مجلس مدينة أوسلو لحظر سلع وخدمات المستعمَرات الإسرائيلية من المشتريات العامة، ضمن سياسات المدينة التي أقرّها المجلس المنتخَب حديثاً بقيادة حزب اليسار الاشتراكي (SV) وحزبي العمل والخُضر.

نابلس 5/12/2019

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here