ككائن اخلاقي، اين مكانة الانسان من العالم ؟

* بقلم د. رضا العطار

لو اردنا ان نحدد هذا، علينا ان نفصل في الخلاف بين انصار النزعة الساذجة ودعاة النظرة العلمية، فعلى حين ان اهل النظرة الساذجة يرون ان كل شئ في الوجود يدور حول محور الانسان وينادون بان الموجود البشري هو (المركز) الذي يحيط به الكل، بينما نجد اهل النظرة العلمية يؤكدون ان الانسان لا يزيد عن كونه مجرد حفنة رماد.
وبين هذين الموقفين المتطرفين تجيء الاخلاق فتقرر ان تفاهة الانسان لا تمثل الكلمة الاخيرة في دراما الوجود.

ولسنا في حاجة الى القول بان النزعة الاولى التي تؤكد على قيمة الانسان هي وحدها تحمل (امانة القيم) – – – صحيح ان الموجود البشري قد لا يمثل سوى كمية فانية في نطاق العالم ولكنه مع ذلك اقوى من العالم نفسه لانه هو المبدع الحقيقي لذلك (الواقع) الحافل بالدلالة والقيمة ما دام هو الذي ينقل الى العالم الواقعي تلك (المعاني السامية) التي ياخذ على عاتقه مهمة اكتشافها – – – وعلى حين ان الطبيعة مضطرة الى الخضوع لقوانينها نجد الانسان هو الموجود الذي يحمل في باطنه قانونا اسمى ومن ثم فانه يستطيع ان يخلق في العالم (مثل عليا) التي يرتقي بها الانسان الى مستوى فائق للطبيعة.

والحق ان (الشخص البشري) لا يقوم الا عند الحدود الفاصلة بين (التحديد الواقعي) و (التحديد المثالي) فيظهر عندئذ ما بينهما من تعارض واتحاد. وربما كان ان نقول ان للكائن الاخلاقي طبيعة مزدوجة : فان من المعروف ان حياة الانسان موزعة على مستويين مختلفين مما حدا بالفيلسوف كنت الى التفرقة بين (الذات الطبيعية) و (الذات العاقلة) لدى الانسان – – – ولو اننا عنينا هنا بكلمة (العقل) عملية (تمييز القيم) لكان في وسعنا ان نقول ان لهذه التفرقة اهمية كبرى لانها تدلنا على ان الانسان هو همزة الوصل بين (الطبيعة) و (العقل) او بين (الواقعة) و (القيمة)

• مقتبس من كتاب فلسفة مشكلة الحياة للمؤلف د. زكريا ابراهيم – جامعة القاهرة

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here