تمكنت إيران من اجتياح منطقة الشرق الأوسط بفعل التقيَّة السياسية، وابداء المظلومية التاريخية، ولعب دور المخلِّص

د.كرار حيدر الموسوي

تمكنت إيران من اجتياح منطقة الشرق الأوسط(العراق,سوريا,لبنان ) بفعل التقيَّة السياسية، وابداء المظلومية التاريخية، ولعب دور المخلِّص

التقية: الحيطة والحذر من الضرر والتوقي منه ، والتقية والتقاة بمعنى واحد، قال تعالى : ( إلاّ أن تتقوا منهم تقاة ) سورة آل عمران : 3 | 28 .

ان تقول أو تفعل غير ما تعتقد لتدفع الضرر عن نفسك أو مالك أو لتحتفظ بكرامتك والتقية اسم مصدر من تقى يتقي، أو من اتقى يتقي.

تبرز بين الفينة والأخرى على الساحة السياسية مصطلحات عدة، بعضها يستخدم لتعريف فعل ظاهر قامت به دولة ما، وبعضها الآخر يفسر ويظهر خبث فعل قامت به إحدى الدول، ولعل من المصطلحات التي طفت على السطح بقوة هذه الأيام مصطلح «التقية السياسية» والتي تعني أن تقوم دولة بعمل ما تظهر فيه وديعة وداعة الحمل ؛ لكنها في الوقت ذاته خبيثة ماكرة تظهر خلاف ما تبطن، والمثال الحي على التقية السياسية هي «إسرائيل» دويلة الاحتلال التي تقوم بأعمال يستحيي الإجرام أن تكون سمة له، ومع ذلك يحاول قادة هذه الدويلة أن يظهروا بمظهر المحب للسلام الساعي له ما وجدوا لذلك سبيلاً!!
ولعل ما شجع «إسرائيل» على ذلك هو الدعم اللامحدود الذي تتلقاه من الولايات المتحدة، لا سيما أن الأخيرة جعلت من «الفيتو» عصا مسلطة على كل من يعارض سياسة «إسرائيل» أو حتى يسعى لانتقادها والحصول على أقل ما يمكن من الإدانة لأعمالها؛ ذلك أن «إسرائيل» تمارس تقية سياسية أمام العالم، فمن جهة تقتل كل متظاهر سلمي يرفض غطرستها، وفوق ذلك تقتل كل من يصوّر أو ينقل الخبر للعالم؛ لتعتّم على إجرامها. ومن جهة أخرى ترسل قوافل المساعدات للفلسطينيين لتداوي جراح من نكلت بهم، ثم حينما يتنبه الفلسطينيون لإجرامها ويمنعون تلك المساعدات تخرج المنظمات «الإسرائيلية» إلى العالم مشتكية حسن نيتها وما قوبلت به، وليس هذا وحسب؛ بل تظهر الكاميرات كيف أن الجنود «الإسرائيليين» يدفعون المتظاهرين الغاضبين على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وربما عطفهم الذي يبدو في الكاميرات يفوق عطف الأم وحنوها، في حين أنهم في المقلب الآخر يعتقلون الطفل ويقتلون الجنين في رحم أمه.
التقية السياسية التي مارسها الاحتلال على مدى سنوات إجرامه ما عادت تنفعه؛ فإجرامه بان للعيان وخبره وصل للقاصي والداني، ولم تعد خططه وحيله تنطلي على أحد، فدموع التماسيح حري به أن يخبئها ليوم يجد فيه من يصدقه، فما قابلت به «إسرائيل» مسيرات «العودة» و«النكبة» من عتو وصلف، شاهد عيان على أن التقية السياسية لن تنفعها، ولعل ما يثبت ذلك أن أحرار العالم انتفضوا ودانوا الإجرام «الإسرائيلي»، وبما أن «إسرائيل» قد خانتها تقيتها وجعلت أفعالها ظاهرة للعيان، فحري إذاً بالسلطة أن تدرك أنه لا مأمن للإجرام «الإسرائيلي»، وأن التقية التي مارسها الاحتلال قد انكشفت خيوطها، فهل ستوقف السلطة الفلسطينية التنسيق الأمني مع «إسرائيل»؟ وهل ستقلب الطاولة على أي تفاهم مع العدو الماكر؟ أسئلة تنتظر الإجابة.. فهل من مجيب؟

ربما ظهرت التقيَّة، بادئ ذي بدء، في العقيدة الدينية، التي من خلالها يخفي المؤمن عقيدته الحقيقية كي يحافظ على رأسه بين كتفيه إذا داهمه خطر عقدي ما. بقي نطاقها محدودا مع ظهور الإسلام في شبه الجزيرة العربية، وسجلت أول تقيَّة عندما أنكر عمار بن ياسر إسلامه لينقذ والديه من بطش قريش. ومن ثم انتشرت التقيَّة كالنار بالهشيم، بعدما تمذهب الإسلام، وتمأسس في دولة ثيوقراطية. ولم يكن انتشار التقيَّة عند المذاهب الشيعية فحسب، إنما لدى المذاهب السنية والجماعات الصوفية والمعتزلة أيضاً.
ويتحمل مسؤولية هذا الانتشار، الاستبداد الديني الذي مارسته السلطات المتعاقبة من الخلافة الأموية حتى الخلافة العثمانية، مما يعني، في جوهر التقيَّة، تحولها من تقيَّة تبعد الشبهات الدينية إلى تقيَّة تبعد الشبهات السياسية، من تقيَّة دينية إلى تقيَّة سياسية، وأحياناً دينية – سياسية طالما الصراع على السلطة يأخذ شكلاً دينياً، في جوهره سياسي دون ريب.
لقد كان، ولايزال، أهم صراع تاريخي على سلطة سياسية بلبوس ديني، أو عقدي، بين الشيعة والسنة، تمظهر دائماً بما يدعيه الشيعة بالمظلومية التاريخية ـ سرقة حق آل البيت بالخلافة ومصرع الحسين ـ وعلى هذا الأساس تمأسست التقيَّة في العقيدة الشيعية كركن أساسي من أركانها.
وروي عن الإمام جعفر الصادق في الأثر الصحيح، قوله: “التقيَّة ديني ودين آبائي” و “من لا تقيَّة له لا دين له”.
وسواء صدق هذا القول أم لا فإنه من الثابت أن التقيَّة سمة، ركن، للعقيدة الشيعية الإماميَّة دون غيرها من المذاهب والفرق الإسلامية لا تخفيها إيران الشيعية الثيوقراطية، بل تجاهر بها وبممارستها في عقيدتها الدينية.
مما لاشك فيه أن الإيرانيين، كغيرهم من الشعوب، تأثروا بشكل كبير بالأسطورة، ولاسيما أن إيران أرض التناقضات الكبرى في البيئة الطبيعية والاجتماعية، استقبلت مؤثرات عديدة، منها ما هو قادم من الشرق، الهند والصين، ومنها ما هو قادم من الغرب، بلاد ما بين النهرين، واليونان وروما، ونمت في طبيعتها الوعرة ثقافات مختلفة ومتنوعة ساهمت في جعل وجهتها باتجاه الغرب أكثر، وبالرغم من إسلامهم لم يتحرر الإيرانيون من الأسطورة التي تفاعل بين ظهرانيها مزيج من الموروثات الثقافية.
لقد بيّنت الدراسات الميثولوجية تشابه الديانات الهندية والإيرانية وخاصة الديانة الميترائية نسبة للإله (ميتراس) الذي يعني العقد، وهو إله آري يصون الحقيقة ويحفظ النظام ويدمر الشر، ويوصف بأنه محارب قوي ويقاضي الروح بعد الموت، وهو الذي يقرر متى ينتهي حكم الشيطان، والإيرانيون قبل إسلامهم ينتظرون قدومه بخشوع وولاء يوم النصر العظيم، وبعد إسلامهم صاروا ينتظرون عودة إمامهم الغائب.
إن فكرة (المخلِّص) الميترائية – الزرادشتية الإيرانية، توقظ الماضي السحيق، بأثواب يزينها حاضر أليم، إيران طرف فيه بجميع تفاصيله، وزادت عليه فكرة العمل على زيادة الفساد والإفساد للتعجيل بظهور المهدي ـ المخلِّص.
إن السياسة وليدة الجغرافيا والمصالح والموروثات الثقافية والبيئة الاجتماعية، لها بصمة جيواجتماعية، وهي تعبير عن الحاجات المادية والروحية للمجتمعات ومعتقداتها. وبالنسبة للجمهورية الإسلامية الإيرانية وكل قوى المنطقة التي تدور في فلكها تعتبر قواعد التقيَّة والمظلوميَّة والمخلِّص سواء من أسطورتها قبل الإسلام، أو أسطورتها بعده، الأساس المتين الذي بنيت عليه مفرداتها العقدية.
فهل تمارس إيران التقيَّة في عقيدتها السياسية؟! بمعنى أخر هل العقيدة السياسية الإيرانية مبنية على التقيَّة والمظلومية والمخلص في القضايا التي تكون فيها طرفاً مهماً وذا تأثير، وفي علاقاتها السياسية الدولية؟! وكيف تمكن ملالي طهران من إخضاع المجتمع الإيراني الحديث الذي يتميز بالحيوية والديناميكية لأقانيم الأسطورة الفارسية الثلاثة؟!
منذ التحضير للثورة الإيرانية مارست الخمينية السياسية عقيدتها الدينية حيال القوى الأخرى التي ساهمت معها، وكان لها الفضل في إسقاط نظام الشاه، فقد أخفت الخمينية أهدافها الحقيقية عن الشعب الإيراني آنذاك.
ولما تمكنت من السيطرة على عموم إيران كشفت جميع أوراقها، فقامت بإقصاء شركائها في الثورة وأسست نظام ولاية الفقيه لحين ظهور المهدي -المخلِّص، وصدرت ثورتها للمنطقة العربية من أجل المظلومية. مع ما رافق ذلك من تداعيات خطيرة على المنطقة، بدلت ملامحها الجيوسياسية رأساً على عقب.
ولم تكن الحرب الإيرانية – العراقية سوى بروفا للموديل الذي صمم للمنطقة كنموذج دائم لها، ساهمت السياسة الإيرانية فيه باستخدام الخداع الاستراتيجي في جميع علاقاتها، سواء مع المصممين الفعليين أو شهود الزور على تنفيذه بحذافيره من دول المنطقة وأنظمتها.
لقد تمكنت إيران من اجتياح منطقة الشرق الأوسط بفعل التقيَّة السياسية، وابداء المظلومية التاريخية، ولعب دور المخلِّص، في أهم قضايا المنطقة، القضية الفلسطينية. واستطاعت تشكيل ما يسمى “الهلال الشيعي” من طهران حتى بيروت، على ايقاعات هذه القضية في جميع منعطفاتها الحادة وغير الحادة، من دون أن يكلفها ذلك سوى المال والسلاح فقط. وغدت من خلال ذلك، الرقم الصعب في جميع ملفات وقضايا المنطقة، يحسب الجميع حسابه في معادلاتها وتوازناتها.
كما تمكنت إيران بفعل برنامجها النووي الذي مارست فيه أقانيمها الثلاثة، التقيَّة والمظلومية والمخلِّص، من ابتزاز العالم وهي لم تبلغ بعد إنتاج السلاح النووي.
كما مارست إيران التقيَّة و الخداع الاستراتيجي لإفشال المشروع الوطني الديمقراطي من خلال مناصرتها الإخوان المسلمين بإظهار تأييدها لثورات الربيع العربي في كل من ليبيا وتونس ومصر، لأنه يتعارض مع مشروعها القومي الامبراطوري.
كما شكلت زيارة أول رئيس إيراني أحمدي نجاد لمصر منذ 1979 في الخامس من شباط / فبراير 2013، وتوقيع اتفاقات متعددة الجوانب مع حكومتها الإخوانية، ناقوس خطر نبه بعض دول الخليج العربي والغرب من أخطار تمدد إيران نحو مصر والمغرب العربي، بعد أن تمددت في مشرقه.
ويذكر في هذا الصدد، أن إيران رحبت بقيام الثورة في مصر منذ انطلاقتها عام 2011، والتي أدت لتنحي الرئيس المصري السابق حسني مبارك عن الحكم، وقد وصفتها بأنها “ثورة إسلامية”.
ولكنها مارست الخديعة ذاتها في سورية لكن بوجه آخر، فقد أظهرت خوفها على النظام باعتباره حليف استراتيجي شديد الارتباط بها، خصوصاً بعد اغتيال رفيق الحريري والمحكمة الدولية، وانسحابه من لبنان، وحرب تموز 2006. إلا أنها في الحقيقة ساندت النظام لأنه جعل من سورية قلب الهلال الشيعي وخسارتها بأي تغيير سياسي ديمقراطي قد يعني نهاية الحلم الإيراني الفارسي، لذلك ساهمت بفاعلية في تحويل المسألة السورية إلى صراع مذهبي شيعي ـ سني بالعزف على وتر المظلومية التاريخية، إلى جانب التقيَّة وتذكير النظام بدورها المخلص لقبض أثمانه.
وبذلك قدمت إيران دعماً غير مباشر للاتجاه “الإخواني”، الذي نسف المشروع الوطني الديمقراطي في الثورة السورية.
وتعتبر شراكة إيران في أستانا مع كل من تركيا وروسيا وبتغطية أمريكية، وما انبثق عن هذه الشراكة من تفاهمات واتفاقات كان الإخوان المسلمين والنظام الطرفان السوريان الوحيدان فيها، الدليل الكافي على تواطئها مع الإخوان المسلمين لنسف المشروع الوطني الديمقراطي. ومن المرجح أن تكون قطر قد لعبت نفس الدور الذي لعبته إيران ولكن من ضفة أخرى.
في مقلب آخر دعمت إيران سراً وعلانية ثورة البحرين لأنها شيعية، لم تطرح شعارات ديمقراطية، إنما استندت إلى مظلومية مذهبية وأطماع إيرانية تاريخية بضم البحرين، كما دعمت الثورة الحوثية المضادة، لأنها من جهة تغرق السعودية في وحول اليمن، ومن جهة ثانية تتحكم بمضيق باب المندب الاستراتيجي للملاحة البحرية الدولية ولكل من إسرائيل ومصر.
إن إيران الثيوقراطية تدرك أن أي تغيير ديمقراطي في المنطقة سينتقل إليها حتماً، وقد سبق وأن تعاملت مع ثورتها الخضراء في حزيران / يونيو 2009، بنفس العنف الذي شجعته في سورية ضد الحراك السلمي ورفضته في أماكن أخرى.
لقد تدخلت إيران بقوة في المسألة السورية منذ بدايتها، وعوضاً من أن تلعب دور الصديق الناصح للجميع، لعبت دور العدو والصديق في الصراع الداخلي، وقد فضح دورها المشبوه بمذهبة الصراع جميع نواياها الحقيقية، ولم تنجح تقيتها في إخفاء أهدافها الحقيقية، وإن نجحت باستخدام المظلومية بتأجيج الصراع المذهبي، والمخلص بابتزاز النظام، ومساومة ومقايضة الدول الفاعلة والمتدخلة الأخرى.
بعد ثماني سنوات أصبحت إيران القوة الأكبر على الأرض السورية من حيث:

عديد المقاتلين الذي يقدر بمائة ألف في خمسين فصيلاً ومليشيا، بين حرس ثوري وجيش إيراني وخبراء ومستشارين إيرانيين وميليشيات تابعة لإيران من عراقيين ولبنانيين وأفغان وباكستانيين وميليشيات سورية تمولها وتسلحها إيران، بالإضافة إلى قوات سورية هواها إيراني وتتلقى الدعم والمساندة من إيران.
ومما لا شك فيه أن الأهداف الإيرانية من إرسال المسلحين الأفغان والباكستانيين والعراقيين واللبنانيين، لا تقتصر على مسرح العمليات السوري فحسب، بل هم جزء من عملية الخداع الاستراتيجي الإيراني الذي لن يتوانى للحظة عن إعادتهم إلى بلادهم كاحتياطي قوة تستخدمه إيران في سبيل مصالحها الجيوسياسية. فضلاً عن كونهم وقوداً بشرياً لحروبها من دون أن تدفع أثماناً باهظة من لحمها الحي.

نوعية العتاد العسكري الميداني الذي يتراوح بين حربي وأمني ومعلوماتي ولوجستي.
التوزع الاستراتيجي الجيوعسكري عظيم الأهمية في الجنوب السوري ومحيط العاصمة، وفي القصير والقلمون الغربي حتى الزبداني، وفي دير الزور و البوكمال، وفي حمص وحماه وحلب وريفها الشمالي، وفي الساحل السوري.
ومن المعلوم عسكرياً أن الذي يفرض المعادلات هو من يملك القوة البرية، إذ إن القوات الجوية، تمتلك قوة تدميرية هائلة لكنها لا تمسك بالأرض. وإيران يمكنها بهذه القوة الميدانية في كيمياء المسألة السورية، لعب دور بيضة القبان في أية صفقات أو مقايضات مع الدول العظمى والدول الإقليمية المتدخلة والفاعلة، وبالتالي يتحدد شكل وجوهر هذه الصفقات والمقايضات بمدى مساهمة إيران في التحضير لأسباب نشوئها.
لقد فشلت الحملة الروسية على إدلب بعد تسعين يوماً من انطلاقتها، ولم تحقق تقدماً يذكر على الأرض إلا بعد اشتراك القوات الإيرانية بطلب من روسيا التي رفضت في بداية الحملة مشاركة إيران حتى لا تتقاسم معها الغنائم، والشيء ذاته حصل في مناطق خفض تصعيد أخرى في الجنوب وفي الغوطة الشرقية وغيرها.
لم تكن الاعتبارات الاقتصادية تأخذ الأولوية في علاقة إيران بسورية قبل انطلاق الاحتجاجات في آذار / مارس 2011، إنما كانت تقدم مصالحها السياسية على أية مصالح أخرى، وبالتالي لم تستفد سورية اقتصادياً من علاقتها بإيران، إلا أثناء سنوات الحرب التي شاركت فيها إيران بقوة لتحافظ على مصالحها السياسية.
ولم تكن اتفاقيات التعاون والعقود الاقتصادية التي أبرمتها الحكومة الإيرانية مع الحكومة السورية من اجل إعادة تشييد القطاعات التي دمرتها الحرب، الخدمات والبنية التحتية والكهرباء والصحة والمطاحن والمواد الغذائية والقطاع المالي، والشراهة التي تبديها للاستثمار في العقارات والموارد الطبيعية السورية، من قبيل النهوض بسورية في إطار مشروع تقدمي ترعاه إيران أو تسانده، إنما من قبيل إبقاء سورية تدور في فلك المحور الإيراني الذي تعتقد طهران أنه يخدم مشروعها القومي الفارسي.
من حق إيران أن تمتلك مشروعاً وطنياً للنهوض بمجتمعها واقتصادها، كما هو حق مشروع لكل دولة أو أمة، ولكن ليس من حقها أن تمارس التقيَّة ودور المخلص والمنافح عن المظلومين، من وجهة نظرها، في علاقاتها مع دول المنطقة. فالعلاقات الطبيعية بين الدول تقوم على أساس مبادئ القانون الدولي ومبادئ حسن الجوار وتبادل المنافع والمصالح وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وليس على أساس تخريبها باستخدام التقيَّة لإخفاء الأهداف الحقيقية وخلق الفتن الدينية والحروب الأهلية باستخدام مظلوميات تاريخية، ومعاداة التغيير الديمقراطي بحماية الاستبداد السياسي والديني من السقوط.
إن خروج المنطقة كلها، بما فيها إيران، من حالة التكاذب والصراع المنحرف، يتوقف على تعجيل انتقال دولها من الاستبداد، بجناحيه السياسي والديني، إلى الحرية والديمقراطية والعلمانية، والانتقال من الأسطورة والخرافة إلى العلم وتطبيقاته التكنولوجية.
إن جميع مشاريع النهضة التي انشغلت بخوارجها على حساب دواخلها آلت إلى فشل ذريع، والمشروع الإيراني لن يكتب له النجاح طالما هو مشغول في قضايا خارج إيران على حساب قضاياها الداخلية، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأثنية والعرقية.
وعلى إيران أخذ العبرة من المشاريع التي حققت نجاحات باهرة ككوريا الجنوبية وماليزيا والهند وسنغافورة والبرازيل، ولكن هذا لن يحصل طالما تصر على ممارسة الخداع الاستراتيجي عبر التقيَّة السياسية، والبكاء على حائط المظلومية التاريخية، ولعب دور المخلص الزائف.

الكذبة الكبيرة التي دائماً ما يطلقها قادة طهران، أن إيران دولة محبة للسلام والتعايش، وأنهم كقادة يبحثون عن السلام وحسن الجوار، وعن الأمن والاستقرار، وأنهم يريدون تحسين العلاقات العربية الإيرانية.. هذا ما يتكرر على اللسان، لكن ما نراه ونشاهده على أرض الواقع شيء آخر. فالذين يعرفون السياسة الإيرانية، ويحللون سلوكياتها يدركون ما تتسم به من «تقية»، وهو نهج تريد معروف تريد منه إيران أن تجعل الآخرين يطمئنون إليها، وتفعل ما يخدم مخططاتها وأهدافها ومشاريعها التوسعية، ثم توعز لميليشياتها في المنطقة بطعن الطرف الآخر في الظهر. أو بعبارة أخرى: فاوضهم وصافحهم وتعهد لهم على مائدة المفاوضات بأنك أنت الجار الصدوق، لكن واصل تمويل وتسليح ميليشياتك في المنطقة تحت مسميات مختلفة لتمارس القتل والتدمير، وعندما تظهر الحقيقة للعيان حاول أن تتهرب من الموضوع وأن تنفيه كلياً.. هذا هو بالضبط ما تفعله إيران مع جيرانها, جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني زار الكويت والدوحة بعد الاتفاق النووي، وقال إن زيارته «لطمأنة جيراننا في دول الخليج، إلى أن إيران تريد التعاون والتعايش معهم في سلام واستقرار»، لكن بعد أيام تم القبض على شبكة تخريب في الكويت والبحرين بحوزتها أسلحة وعندما وجهت أسئلة إلى وزير الخارجية الإيراني حول الشبكات التابعة للمخابرات والحرس الثوري الإيرانيين في المنطقة، نفى أن تكون لبلاده صلة بهذه الشبكات، وذلك رغم الأدلة الواضحة وضوح الشمس وفي موضوع الشبكة التخريبية التي تم القبض عليها في البحرين مؤخراً، حيث قدمت السلطات الأمنية هناك ما يكفي من الأدلة والوثائق على أن هذه الشبكة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بإيران، وأن عناصرها تدربوا في معسكرات إيرانية، إلا أن طهران نفت صلتها بالشبكة!

ويحلنا ذلك إلى ما لاحظه شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب مؤخراً من أن هناك أموالاً تضخ لتحويل شباب أهل السنة إلى المذهب الشيعي، وهو أمر خطير يرفضه الأزهر. وقد عبر عن هذه الصورة الدكتور نبيل العربي، الأمين العام للجامعة العربية، في حواره مع صحيفة «الشرق الأوسط» (5-11-2015) بعد لقائه «ظريف»، حيث قال: «ذكرت له أنهم يتحدثون كثيراً عن تحسين العلاقات مع الدول العربية، ولم يتخذوا أية خطوات تدعم هذه الرغبة، وقلت له: عليكم وقف التدخلات في الشأن العربي، وقد أنكر ذلك وبالتالي لم ألمس أي تغيير في الموقف الإيراني».

خبير الشؤون الإيرانية في مركز الدراسات الاستراتيجية، «سكوت مودال» حدد جوهر السياسة الإيرانية في شهادته أمام الكونجرس الأميركي، عندما ناقش الدور الإيراني في تهدير استقرار المنطقة، من خلال الاعتماد على سياسة الانقسامات واستغلال التوترات الطائفية، واللعب بنيران التطرف الديني ودعم الحركات الإرهابية، مشيراً إلى أن طموحات إيران التوسعية لا تقل خطورة عن برنامجها النووي، وإلى أن نوايا قادتها غير حسنة، فهم قد يصافحونك بيد ويطعنونك باليد الأخرى، مؤكداً أن دول الخليج العربي محقة في موقفها من إيران وفي توجساتها من المحاولات الإيرانية لاستغلال قضايا التطرف لضرب استقرار المنطقة. وتابع «مودال»: إن خطورة إيران تكمن في كونها استطاعت أن تقطع شوطاً طويلاً في تكوين أجهزة تعمل في الخفاء بشكل يتيح لها دعم الحركات الإرهابية الموالية لها، من خلال واجهات ثقافية واجتماعية واقتصادية وسياسية وتجارية، واستخدام هذه الواجهات لزعزعة الاستقرار في المنطقة.

التقية السياسية مابين الدولة العقيمة والدولة العميقة هي تبادل ادوار وتفاهم مابينهما، فتحقق الدولة العميقة الهدف للدولة العقيمة، والعقيمة تعلن براءتها وجهلها بما تفعله العميقة، والحق ان هذا اعلى صور التقية السياسية المتوارثة التي لم يتفطن لها البرتو ميكافيلي في كتابه الأمير العميقة تقتل وتجرح والعقيمة تتبرأ وتجهل الغاية الإفلات من القبضة القانونية المحلية والدولية والهدف مشترك متفق عليه والمبارك وراعي وعاقد ومخطط عقد القران الأرجنتيني؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ قد تكون ايران حققت تقدما مع الغرب واستطاعت ان تخفف الضغوطات السياسية والاقتصادية بممارستها (( التقية السياسية )) التي من خلالها استطاعت مهادنة الغرب ولو مؤقتا لتكسب ودهم وتخفف من الضغوطات الاقتصادية عليها بسبب موقفها المتشدد من الملف النووي لا ننكر ان ايران استطاعت ان تذيب الجليد السياسي والاقتصادي عن نفسها مع بقاء درجات الحرارة باردة نسبيا وبقاء ملفها النووي ساخنا بالنسبة للغرب الذي يريد أن يرى نهاية مبشرة لملف ايران النووي حتى لا تستطيع ان تحصل على القنبلة النووية ولبقاء نسبة تخصيب اليورانيوم بالحد الأدنى الذي لا تمنكنها من ذلك إن ايران مارست كل انواع (( التقية السياسية )) وهي فن الخداع والتسويف والمماطلة للوصول الى أهدافها وتحقيق غاياتها سواء بالمنطقة او على المستوى العالمي وهي الدولة التي اصبحت تشكل خطرا داهما على أمن أمتنا العربية من محيطها الى خليجها على الغرب أن يمارس ضغوطا حقيقية على ايران وان لا ستجيب لمطالبها بتخفيف الضغوطات الاقتصادية عنها حتى لا تفرد جناحيها أكثر لتحلق عاليا وبعدها تنهش لحومنا ودمائنا وهي قد نهشتها في العراق وفي سوريا وفي اليمن وغيرها من المناطق العربية التي اصبحت ايران مصدر خطر وتهدد الأمن القومي العربي ,
على الغرب ان لا يصغي الى هذه الدولة المارقة التي تحكمها (( ولاية الفقية )) وهي الدولة التي اخذت دورا اكبر من حجمها بسبب تواطىء الغرب معها في بعض الأحيان وخاصة امريكا التي يسمونها بالشيطان الأكبر وهم يلهثون وراء الشيطان (( لمصاحبته )) بالاضافة لحماية الروس لهم لمنافع مادية وصفقات تجارية تتربح من وراءها المافيا الروسية إن على ايران أن تكف اذرعها عن الدول العربية وأن لا تتدخل في شؤونها الداخلية وأن تسحب مقاتليها من سوريا وتوقف الدعم عن (( ارهابييها )) من حزب الله في المنطقة حتى تكسب ود الشعوب العربية وان تكون نصيرا لقضاياها لا من اجل مصالحها الضيقة وهي ترفع شعار الموت لأمريكا والصهاينة بينما من الباطن تمارس (( تقيتها السياسية )) في الفن والخداع الذي اصبح لا ينطوي على أحد . .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here