عنف وقتل وسفك دماء وقوة مفرطة بمكافحة الاعتصامات والتظاهرات

أ.د.سلمان لطيف الياسري

عنف وقتل وسفك دماء وقوة مفرطة بمكافحة الاعتصامات والتظاهرات والحكومة تتكأ على الظرف الثالث والقناص وقوى خارجية وغير منضبطة والمنضبطة بلا سلاح ومتفرج
مازالت الحكومة وطاقمها من الاحزاب والمليشيات , ينجرفون الى طريق الفوضى والعنف الدموي . وتغيب الحلول المقنعة للخروج من الازمة الخطيرة , التي قد تقود العراق الى الجحيم وشفا الهاوية , فمازالت في عنجهيتها المتغطرسة , تلوك المهازل والمهاترات والاكاذيب وتصنع الحكايات الغبية والساذجة , التي اصبحت محل سخرية وتندر . وهذا يدل بأنها فقدت المعالجة بالطرح الحل السياسي المنقع لانقاذ العراق من ازمته الخطيرة . وانما اقتصرت على استمرار نهج الحل الامني الباطش , وهذا يدل على عجزها وضعفها وهشاشتها . فقدت مسؤولتها في حفظ الامن والنظام وحماية الشعب . يعني بكل بساطة انها غير جديرة بالمسؤولية مطلقاً , أو بالاحرى هي مسيرة من الطرف الثالث المعلوم , يملي عليها اوامره وقراراته , ويلعب بها كما يشاء ويرغب. ويؤكد عليها في الالتزام بالانجراف في القتل الدموي بدون تراجع , مهما كان حجم القتل وسفك الدماء , حتى تحافظ على المناصب والنفوذ والمال , وكذلك يمنعها في تقديم أي تنازل حتى لوكان بسيطاً , لان اي تنازل يضعفها ويقوي جبهة الشعب في انتفاضته الباسلة . هذا يدل بأن حكومة عادل عبدالمهدي غير مستقلة . وانما تتبع حرفياً الطرف الثالث الذي يقوده ( قاسم سليماني ) المتحكم في خناقها من قمة رأسها الى اسفل قدميها , وهو الحاكم الفعلي والبقية ( طراطير وهتلية ) . ويحاول ان لا يخسر ورقة العراق فهو المورد المالي لنظامه في ايران , وبدون هذا المورد المالي , يعني انهيار نظامة في فترة محدودة . وهذا مايفسر الايغال في العنف الدموي , لافشال انتفاضة الشعب العظيمة , في قلع النظام الطائفي الفاسد . وقد جربوا كل الحلول والاوارق الدموية , لكنها فشلت واحترقت , والآن يلعبوا على الورقة الاخيرة في جعبة ( قاسم سليماني ) . هي ورقة تحويل الطرف الثالث القناص , ان يغير مهنته الى مشعل الحرائق في الممتلكات الدولة والمواطنين , في حرق محلاتهم ومخازنهم التجارية , وكما صرح احد ممثلي غرفة التجارة في بغداد , بحجم الخسائر من الحرق المحلات والمخازن التجارية , تجاوزت المليار دولار . وحده شارع الرشيد سجل حرق المحلات والمخازن حوالي ( 1000 ) ألف حريق , اضافة ان الحرائق والتخريب اخذت تشمل المدن العراقية . في سبيل تأجيج روح العداء والتذمر ضد المتظاهرين , الذين تطلق عليهم الحكومة بالمخربين والمندسين والمشاغبين , الذين يقومون بأعمال التخريب والحرق والاعتداء على المواطنين , والقيام بعمليات السلب والنهب , لاحداث فوضى في العراق وتخريبه وحرقه . لذلك يجب مواجهة اعمال الشغب والتخريب والحرق , بأجراءات صارمة في البطش والتنكيل , وبحثت الحكومة عن مخرج قانوني يبرر دموية عنفها المفرط بالوحشية , وجدت قانون رقم 111 الصادر من مجلس قيادة الثورة لعام 1969 . كما أعلن الناطق الرسمي بأسم وزارة الداخلية بتطبيق هذا القانون وخاصة مادته 197 , التي تنص على ( يعاقب بالاعدام او السجن المؤبد , كل من خرب أو هدم أو اتلف أو اضر اضراراً بليغة عمداً في مباني او املاكا عامة أو مخصصة للدوائر المصالح الحكومية أو مؤسسات أو مرافق عامة ) اي تعطي الحكومة شرعية لنفسها , بالاجرام في القتل والاعدام والعنف الدموي , هذه اخر ماتفتقت عليه العقلية الاجرامية , في تمرير هذا القانون الفاشي والخطير , يعني بكل بساطة اجهاض انتفاضة الشعب الباسلة . هكذا يتباهى ( قاسم سليماني ) في تطبيق النموذج الايراني في مجابهة التظاهرات الاحتجاجية , فقط في ثلاثة ايام . سقط اكثر من 450 قتيلاً , والآف الجرحى والمصابين , واكثر من 7 آلآف محتجز , وكما استخدمت القوات الامن والحرس الثوري الايراني , اعدامات ميدانية ضد المتظاهرين , وقتل الشباب المتظاهر بشكل مباشر بالرصاص الحي . هذا الذي يسعى الى تطبيقه في العراق حتى لو سقط آلآف شهداء . وهذا يثبت للقاصي والداني , أن الحكومة واحزابها لا شرف ولا ضمير لهم , بل هم مجموعة لصوص أستولت على مقدرات العراق , ويومهم اقترب اكثر من اي وقت مضى , انهم يحفرون قبورهم في ايديهم , لان الثورة ستنتصر بالنصر المؤكد

لهذا فأن مسألة القتـ.ل مرفوضة سياسيا ودينيا و وطنيا وانسانيا واخلاقيا لا اعتقد – على حد علمي – ان ديناً ما سماوياً او غير سماوي يقبل بسفك دماء شباب اعزل بل حتى لو كان بين المحتجين عناصر مندسة مسلحة بكيفية ما فيجب حينها ايقافها عبر الضرب على السيقان او ما شابه لأنها تنفع في التحقيق للكشف عن شبكة المندسين وخصوصا بعد تطور اسلحة تشتيت المحتجين ومكافحة الشغب عبر الرصاص المطاطي والمسيل للدموع وغيرها لا نتكلم عن اصل وجود القناص على البنايات فهذا امر صحي وضروري لحماية قوات الامن والمحتجين معاً وانما عن مسألة اوامر حكومية متعمدة لقتل الشباب ولهذا فان نتائج التحقيق التي دعت اليها المرجعية العليا المباركة لا تعني ذوي الضحايا او مؤيدوا الاحتجاجات بل تعني جميع العراقيين بلا استثناء حتى مريدوا هذه الحكومة نعم تبقى هناك احتمالية تؤخذ بنظر الاعتبار ان الرمي العشوائي باتجاه السماء من قبل قوات الامن وخصوصا في ساحات مفتوحة وبكثافة مستمرة تؤدي بشكل طبيعي لسقوط قتلى يزداد عددهم طردا مع كمية الرصاص المستخدم كما يحدث بين فترة واخرى نتيجة فوز المنتخب او الرمي عند المناسبات ولا نستبعد على حال وجود قناص من طرف ثالث- وهذا ما يجب ان تثبته التحقيقات فان زيادة عمليات القتل لا يصب بصالح الحكومة فكلما زادت الدماء زادت التفاف الناس حول المحتجين وزاد تعاطف المرجعية والقوى المحلية والدولية اذن الحكومة ومن ينتفع من بقاؤها متضرر من سقوط عدد اكبر من القتلى وهذه مسألة حسابية بسيطة
فأن الطرف الثالث منزعج من حكومة عبد المهدي ويسعى لقتل اكبر عدد ممكن لفضح حكومته والتعجيل بزوالها ويجب ان يكون عندها طرف متغلغل في الاجهزة الامنية كالاستخبارات الامريكية مثلا والتي لها باع وتجارب مسبقة في هذا المجال تبقى هذه مجرد تخمينات عامة ولكن نتائج التحقيق بهذا الملف اعتقد انها يجب ان تمس كل عراقي وطني غيور وكل انسان له دين

وما زالت الحكومة العراقية تصر على رواية “الطرف الثالث” الذي يقتل المتظاهرين ويستخدم الذخيرة الحية، وتذكر ذلك مع كل حصيلة جديدة للضحايا تصدر عن منظمات حقوقية أو عن المستشفيات العراقية في جنوب ووسط البلاد وبغداد.ورغم سقوط ما يقارب 463 قتيلاً من بين المتظاهرين منذ اندلاع التظاهرات مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عدا عن قرابة 19 ألف مصاب، فإن السلطات العراقية لم تقدم للمحاكمة أو التحقيق أيا من قوات الأمن والأجهزة التي دفعت بها للشارع لمواجهة التظاهرات، وهو ما يمكن اعتباره عاملا إضافيا في استفزاز المتظاهرين وغضبهم.وتتصدر بغداد والبصرة وكربلاء وذي قار وميسان مدن التظاهرات من حيث عدد الضحايا وحجم القمع الذي تمارسه قوى الأمن فيها.وينفي وزير الدفاع العراقي نجاح الشمري، أن يكون هذا “الطرف الثالث” الذي يقتل المتظاهرين محاولة للهرب من اتهام قوات الأمن، أو تنصلا من الاعتراف بالذنب، وفقا لما ينقل عنه عضو بلجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، مضيفا أن من يقتل المتظاهرين ليست قوات الأمن بمختلف تسمياتها، بل هناك فعلا طرف آخر يريد ترهيب المتظاهرين بطريقته.وبحسب المصدر ذاته، الذي تحدث لـ”العربي الجديد”، فإن “الطرف الثالث الذي يخشى ساسة العراق وقادة أحزاب البلاد والمسؤولون الحديث عنه، هو الفصائل المرتبطة بإيران، وأبرزها كتائب حزب الله والنجباء وسرايا الجهاد والخراساني، وهي التي تشكل العمود الفقري في قوات ما يعرف بـ(أمنية الحشد)”.وأكد أنهم “متورطون فعلا بعمليات قنص وقتل متظاهرين، وحتى عمليات حرق وتخريب، لحرف التظاهرات عن سياقها، وهذا الكلام لا يجرؤ أحد على قوله بالتأكيد”، مؤكدا أنهم أيضا يقفون وراء عمليات خطف عدد كبير من الناشطين في الفترة الأخيرة.وختم بالقول “لكن هذا لا يعني أن من يقتل المتظاهرين ليس قوات الأمن أو الجيش، بل على العكس الأغلب سقط من الضحايا على يد القوات العراقية النظامية، لكن الطرف الثالث نعم موجود وواقعي وهو الطرف المرتبط بإيران”.

وكانت منظمة العفو الدولية قد كشفت، في تحقيق لها، عن وجود إصابات مروعة وقاتلة تعرض لها المحتجون في العراق بسبب قنابل تشبه القنابل المسيلة للدموع، اخترقت جماجم المتظاهرين بشكل لم يشاهد من قبل، مؤكدة في تحقيق لها، أن هذه القنابل يتم إطلاقها على المتظاهرين من أجل قتلهم وليس لتفريقهم. ودعت المنظمة السلطات العراقية فوراً وشرطة مكافحة الشغب وقوات الأمن الأخرى في بغداد للتوقف عن استخدام هذا النوع من القنابل القاتلة والتي لم يسبق لهما مثيل.”العربي الجديد” تواصل مع محتجين في بغداد، وقال أحدهم إن العنف والقمع الذي تمارسه القوات الحكومية مع المتظاهرين لم يهدأ كما أنه لم يتغيّر، إذ لا تزال قوى الأمن تستخدم الرصاص الحي في تفريق الشباب المنتفض في ساحة الخلاني، وفي كل مرة يتم تفريق المحتجين يسقط قتلى، فيما بيَّن آخر أن الاعتقالات التي وعد رئيس الحكومة بتقنينها وتقليلها لم تتوقف، وما زال عشرات المتظاهرين مغيبين في سجون سرية تتبرأ منها كل أجهزة الحكومة الرسمية، ما يؤكد نفاذ عمل الفصائل المسلحة والمليشيات الداعمة للدولة، وهي الطرف الثالث الذي يمارس العنف، وتتنصل كل الأحزاب والكيانات السياسية والشخصيات العراقية العامة من الاعتراف بدورها.وخلال الأيام الماضية، وثقت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق استخدام العنف المفرط من قبل القوات الأمنية في بغداد وذي قار والبصرة، كما طالبت الحكومة بمنع استخدام العنف المفرط بكافة أشكاله ضد المتظاهرين السلميين كونه يعد انتهاكًا صارخًا لحق الحياة والأمن والأمان وبضرورة الالتزام بقواعد الاشتباك الآمن وإحالة القائمين بذلك إلى القضاء، مشيرة في بيان أصدرته أخيراً إلى أنه “تمّ تسجيل العشرات في بغداد والبصرة، وذي قار وكربلاء”.

من جهته، أشار السياسي العراقي رحيم الدراجي، إلى أن “الطرف الثالث موجود، وهو أمر يؤكده المحتجون في الساحات الشعبية، وكذاك قيادات سياسية وأمنية، ولكن لحد الآن لم تتمكن الحكومة العراقية من كشفه، وهذه الحكومة التي لم تتمكن خلال الشهرين الماضيين من معرفة القناصين الذين قتلوا العراقيين، واستهترت بالدماء واختطفت العشرات من المدونين والناشطين، لا تستحق البقاء في الحكم، ويجب استبدالها”…أن “الطرف الثالث هو مهرب لجأت إليه الحكومة العراقية من أجل تبرير جرائم قتل المتظاهرين بواسطة القوات النظامية، وبالتالي فإن دماء القتلى من المحتجين ستذهب بلا فائدة”.
ويتحدث ناشطون، كما بعض الصفحات على “فيسبوك” التي يديرها محتجون عراقيون، عن تورط “الحشد الشعبي”، إلا أن القيادي بالحشد علي الكرعاوي، ذهب في حديثه لـ”العربي الجديد”، إلى أن “الطرف الثالث هو أميركي وإسرائيلي بأموالٍ خليجية، ولا علاقة للحشد الشعبي الذي لطالما كان حصنا للعراق وقارع الإرهاب وقاتل تنظيم (داعش)، بأن يتورط بقتل العراقيين، بل على العكس، فالتظاهرات فيها الكثير من أبناء الحشد الذين يطالبون بوطنٍ محترم وحياة كريمة”، وفقا لقوله.واعتبر أن “اتهام الحشد الشعبي وفصائل المقاومة الإسلامية بأنها تقمع المحتجين، ما هو إلا ترهات وكلام مسموم يهدف لزرع التفرقة بين العراقيين، بل إنه لا يستحق الرد”.وتطالب التظاهرات بحلّ الرئاسات الثلاث وإجراء انتخابات مبكرة في البلاد تحت إشراف أممي، وتشكيل محكمة عليا مختصة بقضايا الفساد منذ عام 2003 ولغاية الآن، وتعديل الدستور وسنّ قانون جديد للانتخابات.الطرف الثالث الذي يخشى ساسة العراق وقادة أحزاب البلاد والمسؤولون الحديث عنه، هو الفصائل المرتبطة بإيران

السؤال الأهم في أي عمل سياسي هو: من يتحمّل المسؤولية، وما هي المسؤولية؟ يلجأ السياسي السيئ وغير النزيه إلى التهرب من المسؤولية، بينما يعلن من يحترم نفسه ومنصبه مسؤوليته دائماً عمّا يقوم به أو يرتبط به من أفعال وأقوال وقضايا، بحسب الموقف وطبيعته وحقيقته.أما في العراق، فقد برعت الطبقة السياسية الحاكمة في فن التهرب من المسؤولية على مدى الستة عشر عاماً الماضية. حتى كلمة المسؤول بحدّ ذاتها أصبحت ذات ارتباطات ومعانٍ سلبية كثيرة ومتعددة في العراق، بسبب سلوك المسؤولين فيه. وعندما اندلعت انتفاضة أكتوبر المستمرة، التي تحولت إلى ثورة على الطائفية والفساد، كان سؤال المسؤولية أعلى وأكبر ويتعلق بقضايا كثيرة تتعلق بأسباب الانتفاضة. ولكن كان هناك أيضاً، ولا يزال، السؤال عن قتل المتظاهرين الذي بدأ منذ اليوم الأول للتظاهرات، ومَن المسؤول عن ذلك. وقد كان الجواب الذي قدمته الحكومة العراقية غريباً ومؤلماً، مضحكاً مبكياً في الوقت نفسه: الطرف الثالث. طرف ثالث هو من يقتل المتظاهرين والقوات الأمنية، بحسب زعم الحكومة العراقية.بدأت حكاية الطرف الثالث مع الأيام الأولى للتظاهرات في العراق. منذ البداية، جاءت تصريحاتٌ بدت غريبة فعلاً من أحد المتحدثين باسم القوات الأمنية عن طرفٍ ثالث يقتل المتظاهرين، وهو نفسه يقتل القوات الأمنية وأين؟ في وسط بغداد التي تسيطر عليها القوات الأمنية بعناصرها واستخباراتها وكاميراتها ومخبريها، وبالتعزيزات التي قامت بها قبيل التظاهرات، استباقاً لها وتحضيراً.عاد الحديث عن الطرف الثالث ليكتسب زخماً كبيراً أخيراً، مع تركيز المتحدثين باسم القوات الأمنية والحكومة عليه، وأيضاً مع حديث وزير الدفاع العراقي، نجاح الشمري، عن ذلك الطرف المزعوم، في مقابلة معه أجريت في أثناء زيارته فرنسا. استرسل الشمري في الحديث والتنظير عن هذا الطرف بصيغة جازمة، محملاً إياه المسؤولية عن قتل المتظاهرين والقوات الأمنية. ونجاح هذا الرجل نفسه وقصته يقدمان مثلاً للمأزق الذي وصل إليه النظام السياسي العراقي، وصيغه التي لم تعد تعمل. فبعد أن بقي منصب وزير الدفاع شاغراً لأشهر طويلة، بعد تشكيل حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، عُيِّن في منصبه مرشحاً من رئيس الوزراء السابق، إياد علاوي، ضمن حصة حكومية لكتلته السياسية. قدم علاوي نفسه سنواتٍ طويلة حلاً علمانياً وطنياً معادياً للنفوذ الإيراني، لكنه لم يكن – طوال سنوات العملية السياسية – سوى صوت يضجّ بنقد النظام السياسي، ويشارك فيه بفاعلية. طالما وصف الانتخابات بالمزوّرة، لكنه استمر في المشاركة الفاعلة فيها وقبول ما يُعطى له من حصص ومناصب نتيجة للانتخابات. وكان نجاح الشمري حصته الأخيرة.بالإضافة إلى تصريحاته غير المقنعة عن الطرف الثالث المزعوم، يواجه الشمري اتهامات تتعلق بقيامه بأعمال تزوير واحتيال على نظام الرعاية الاجتماعية في السويد التي كان لاجئاً فيها منذ عام 2009، قبل أن يعود إلى العراق ويصبح وزيراً. ويبقى سؤال آخر يتعلق بمنطقية أن يكون الشمري لاجئاً وهارباً من نظامٍ يعود ليصبح وزيراً للدفاع فيه. هل كان مهدّداً فعلاً، وكيف انتهى واختفى التهديد، ومن المسؤول عن ذلك كله؟ تثبت كل تلك القصة وأسئلتها أن الواقع في العراق أصبح عصيّاً على الحلول القديمة والسياسات القديمة والسياسيين الذين لم ينتجوا حلولاً حقيقية لمشكلات العراق.لكن الطرف الثالث قد يكون فعلاً موجوداً ومؤثراً، ومنذ الأيام الأولى. فعلى الرغم من أن وزير الدفاع الشمري استبعد شبهة أنه يقصد الحشد الشعبي، حينما تحدث عن الطرف الثالث، جاءت تصريحات من مليشيات عراقية تنتمي إلى الحشد تهاجم الوزير وتصريحاته التي اعتبرتها تلميحاً إليها. لكن تقارير صحافية تواترت، منذ الأيام الأولى للتظاهرات، كشفت أن هناك دوراً لإيران وحلفائها في المليشيات الشيعية العراقية في قيادة جهود قمع التظاهرات والمتظاهرين وتنسيقها. لا بل تضمنت التقارير أن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، نفسه حضر إلى العراق، للتدخل أمنياً في طرق التعامل مع التظاهرات، وسياسياً في إبقاء عبد المهدي رئيساً للوزراء، وعدم تقديم تنازلات للمتظاهرين قد تؤدي إلى انهيار يؤثر بكل المحور الذي تقوده إيران في الشرق الأوسط.غنيٌّ عن القول أن إيران أيضاً ترى طرفاً ثالثاً آخر مختلفاً، هو الولايات المتحدة التي تتهمها طهران بالقيام بمؤامراتٍ تستهدفها في تحريك التظاهرات ضدها، وضد حلفائها في العراق ولبنان. لكن الانتفاضة العراقية ظاهرة عراقية خالصة، حركتها الظروف الموضوعية من انتشار للفساد والطائفية والظلم وسوء الخدمات العامة وفشل العملية السياسية. تعمّدت الانتفاضة بدم الضحايا الذين قتل منهم مئات، وجرح آلاف، وتحولت إلى ثورة، بفعل موقفها الثابت المطالب بتغيير جذري للواقع ولأسلوب التهرب المزمن من المسؤولية الذي برع فيه المسؤولون العراقيون. ادعاءات الطرف الثالث، جاءت من الحكومة العراقية أو غيرها، لن تنفع في التهرّب من المسؤولية. إذا نجحت الانتفاضة العراقية في إحداث تغيير حقيقي، فستكون محاسبة المسؤولين عن قتل المتظاهرين من أولى نتائجها. كذلك، لن يكون أمام أي بديل سياسي قادم في حكم العراق مجال للعب اللعبة القديمة نفسها في التهرّب من المسؤولية وإلقائها على طرف ثالث.

جمهورية خوف هي ملامح الدولة العراقية اليوم في ظل عمليات قمع وحشية تمارسها الحكومة لقمع التظاهرات التي باتت أحزاب السلطة تتوجس خطرها الذي يتهدد وجودها ومكاسبها بعد أن اتفق المتظاهرون على هدف واحد وهو إسقاط النظام، هكذا تصف مجلة فورين أفيرز الأمريكية الأوضاع في العراق، لا نتحدث هنا عن عمليات القتل برصاص القناص فتلك صفحة تكاد تكون انطوت منذ الأسبوع الأول لانطلاق التظاهرات في الأول من تشرين الأول بعد أن تسببت بفضيحة دعت الكثير للتساؤل عن هوية هؤلاء القناصين وإلى من يتبعون بالتزامن مع تقرير لوكالة رويترز التي أكدت فيه وجود قناصين إيرانيين يعتلون المباني قرب الساحات والميادين هم من يطلقون الرصاص على المتظاهرين ؟!.أبشع صور القتل تجري اليوم عبر قنابل غاز تخترق الصدور وتُغرز في الجماجم والتي من المفترض أنها مصممة لتكون مهيّجة للجهاز التنفسي ومكوّنة بمعظمها من غاز “سي إس” المسيل للدموع، الهدف منها تفريق المتظاهرين لا أكثر، إلا إنها وبقطرها الكبير الذي يبلغ 40 مليمتراً ورأس مفلطح أصبحت أداة قتل حصدت أرواح المئات من المتظاهرين فضلا عن تسببها بترك إعاقات دائمة لآلاف آخرين وفقا لمنظمة التحالف العراقي من أجل الإعاقة غير الحكومية.

خطورة القنابل المسيلة للدموع التي تستخدمها قوات الأمن ضد المتظاهرين مؤكدة أن الأدخنة المتصاعدة منها تكون سحابة دخانية مميتة للبشر

من الواضح أن هناك جهات لها خبرة في الالتفاف على القانون الدولي واستغلال ما فيه من ثغرات، هي من قدمت النصيحة لحكومة عادل عبد المهدي في بغداد بشأن كيفية التعامل مع التظاهرات دون أن تثير حفيظة الرأي العام وتحرج حلفائها، فاستخدام الرصاص والذخيرة الحية لن يدع مجالا للتغاضي والتهاون، إلا إن البقاء ضمن دائرة المسموح قانونيا وهو استخدام القنابل الصوتية والدخانية والغازية لربما سيؤخر من المسائلة والمتابعة الدولية وسيجعل من قرارات الإدانة لا تعدوا أكثر من تحفظات ودعوات للتهدئة وهذا ما يجري اليوم من عمليات استنزاف منظم بطلها قنابل غاز وزنها أكثر بعشرة مرات عن وزن القنابل العادية فيما اتضح إنها هجومية قتالية منشئها شركات إيرانية وصربية وفقا لتقرير مطول أصدرته منظمة العفو الدولية مستشهدة بخبير الطب الشرعي لديها الذي أكد أن شدة الإصابة وزوايا الاختراق تشير بقوة إلى أن القنابل أطلقت مباشرة على الضحايا بدلاً من الارتداد عن الأرض .طال الحديث وتشعب بشأن ما هيه حقيقة تلك القنابل حتى نطق وزير الدفاع في حكومة عبد المهدي نجاح الشمري مصرحا بالقول إن هناك “طرفاً ثالثاً يقوم بقتل المتظاهرين” وإن الأسلحة المستخدمة لم تستوردها الدولة وشرح أن البندقية التي تستخدمها القوات الأمنية يمكنها إصابة شخص على مسافة تتراوح بين 75 إلى 100 متر، بينما قتل بعض المتظاهرين من مسافة إطلاق بلغت 300 متر، الشمري لم يسمي “الطرف الثالث” إلا أن تصريحه استنطق ميليشيا حزب الله في العراق التي سارعت بالرد على لسان القيادي فيها “أبو علي العسكري” الذي قال إن تلك القنابل استوردتها وزارة الدفاع بنفسها ووصف تصريحات نجاح الشمري بأنها محاولة للتنصل من المسؤولية وهو ما عده مراقبون بالاعتراف الضمني بأن الجميع مشارك في قمع التظاهرات بما فيها ميليشيا حزب الله والعصائب وهن من الفصائل الأكثر ارتباطا وقربا من إيران .الباحثة والعالمة العراقية بأبحاث التلوث البيئي “إقبال لطيف” حذرت من خطورة القنابل المسيلة للدموع التي تستخدمها قوات الأمن ضد المتظاهرين مؤكدة أن الأدخنة المتصاعدة منها تكون سحابة دخانية مميتة للبشر وإصابات بالاختناقات للجهاز التنفسي والعين وهيستيريا عصبية وحالات تشنج عضلات وشلل مؤقت، وهو تصريح مشابه لما سبق وكشفت عنه مفوضية حقوق الإنسان في العراق التي قالت إن الغازات المنبعثة من قنابل الغاز ذو روائح غريبة وغير معهودة فيما أكدت لجنة حقوق الإنسان النيابية تنصل وتهرب السلطات الحكومية من الرد على طلبات بوجوب تقديم تقرير عن طبيعة ونوعية المواد المستخدمة في صناعة قنابل الغاز التي لم يعد غازها هو الذي يؤرق فحسب بل إن معدن بعضها بات يتشظى ويتسبب بتمزيق أحشاء وبتر أطراف عدد من المتظاهرين وفقا لمئات الفيديوهات التي تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي .وبينما يستمر مسلسل قتل المتظاهرين تحت بند “الدفاع عن النفس ضد المندسين” وفقا لتصريح رئيس الحكومة عادل عبد المهدي فأننا نوجه سؤلا إلى العالم، هل إن وجود هذا النوع من قنابل الغاز المميتة في العراق بمناشئها الإيرانية والصربية والبلغارية هي صدفة في وقت تملك تلك الدول تأريخا مشوبا بالشبهات في انتهاك حقوق الإنسان أم أن الطيور على أشكالها تقع.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here