من أين جاءهم هذا الزاخم المتدفق و المباغت من الشعور الإنساني ؟!!

بقلم مهدي قاسم

نكاد أن ننبهر ذهولا و اندهاشا !!.. و نحن نسمع أو نقرأ
كل هذا السيل من تصريحات ساسة و زعماء أحزاب أو كتابات يعبر أصحابها ــ من إنسانيي الصدفة الطارئة ــ عن مشاعرهم الفياضة و المنقبضة ألما و توجعا على سقوط قاتل و قتيل ساحة الوثبة ، فهم يصيحون بصوت مبحوح بكاء ونحيبا وبكل حرقة و حسرة ، طبعا بدموع تماسيح ساخنة و
مداراة ، فيولولون منتحبين على عادتهم الدائمة :

ــ يا عالم يا ناس أنظروا ماذا فعل هؤلاء المتظاهرون المتوحشون
بطفل لا يتاجاوز عمره 17 عاما ؟.. 17 عاما فقط ..أوف أوف !! .. كيف يمكن أن تقع جريمة رهيبة كهذه .. قتل طفل عمره لا يتجاوز 17 عاما ..

أجل أنهم يصخّبون و يضّجون هكذا أمام الملأ و العلن ،
حتى يبدون في قمة النزعة الإنسانية ، طبعا ، نقصد الإنسانية الزائفة والمضللة من البلاستيك الصيني المتيبس ، ولكنهم يفركون أيديهم فرحا و سرورا في السر أوقرارة أنفسهم ، لأنهم وجودا فيها فرصتهم الضالة لاستغلال هذه الحادثة الشنيعة ـــ والتي ربما لا تخلو أيدي بعضهم
من ترتيبها ــ للتشنيع بالمتظاهرين ..

نقول كل هذا لأن دماء عشرات من صبيان و فتيان متظاهرين
الذين أما كانوا بنفس عمر شاب ساحة الوثبة ، أي 17 عالما و أما أصغر بقليل ــ و الذين سقطوا برصاصات ” الطرف الثالث ” الميليشياوي المجرم و بأسلوب إعدام جماعي مباشر وفي الهواء الطلق ( مثلما حدث في الناصرية و كذلك في ساحة الخلاني ) مع ذلك لم نسمع شيئا عن المشاعر
الإنسانية ” الفياضة و الزاخرة” لهؤلاء الساسة الإسلاميين الفاسدين و لا لكتّابهم البائسين :لا احتجاجا و لا استكارا ولا إدانة و لا مطالبة بمحاكمة الفاعلين ، بل بعضهم صرّح أو كتب محرّضا أو مبررا عملية قتلهم ..

مع العلم أن جميع هؤلاء الضحايا صغار سن و صبيان يافعين
و من أبناء أبناء ” شيعة ” العراق ، و أن كانت جريرتهم الكبرى و التي لا تغتفر هي إنهم ليسوا من الشيعة ” الولائيين أو الموالين للنظام الإيراني ، و لهذا فأن عملية قتلهم كادت أن تكن مصدر فرحة وشماتة لهؤلاء الذيليين بدلا من أن تحرّك فيهم أي شعور بتعاطف إنساني صادق
و أصيل .. .

لأنه وبكل بساطة :

ــ أن فاقد الشيء لا يعطيه !..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here