انتفاضة تشرين والشرعية الثورية

ادهم ابراهيم

ان النظام الكلبتوقراطي القائم في العراق قد اهتزت اركانه بفعل الانتفاضة الشعبية الكبرى. فاصبح ايل للسقوط بين عشية وضحاها . وعندئذ ستنهار دولة الفساد والتدين الزائف
وان الموقف الدولي ازاء عمليات القتل والتغييب لقمع هذه الانتفاضة بدأ يتبلور تباعا، وازاء تشبث الحكام بسلطتهم الفاشية وعدم استجابتهم لمطالب الثوار . فان احتمال تدويل القضية العراقية وارد جدا، لكون المجتمع الدولي غير مستعد لانقاذ سلطة سياسية فاسدة، لم تتوان عن اتخاذ ابشع الوسائل القمعية تجاه شعب اعزل يطالب بحقوقه الانسانية. ولذلك فان الامر يتطلب اتخاذ خطوات عملية لانقاذ البلد
خصوصا وان هناك أمر على درجة كبيرة من الأهمية والخطورة تتجاهله السلطة الحاكمة، وهو الانفصام التام بينها وبين الشعب وحقوقه وطموحاته، حيث ان الشعب بشرائحه المتعددة لم يعد يثق بهذه السلطة، ولذلك فان الاعتماد عليها وهي تبحث عن حلول دستورية مقبولة بات في حكم المستحيل حيث ان البحث عن رئيس وزراء من بقايا النفايات السياسية لم يعد يجد نفعا، وكلما ظهر اسم رفضه الثوار، وهم يؤكدون في كل مرة على ان مطاليبهم لاتنحصر في تغيير رئيس الوزراء بل في تغيير مجمل العملية السياسية القائمة على التحزب والمحاصصة والفساد. كما اصبح حل مجلس النواب ضربا من المستحيل لكون اعضائه متشبثين بمقاعدهم، ولا يمكن ان يتخلوا عنها لاي سبب كان

اضافة الى كل هذا وذاك، فان الاستجابة لجزء من مطالب المحتجين الثوار مثل قانون الانتخاب او قانون المفوضية المستقلة للانتخابات سوف لن تحقق اي تغيير في الخارطة السياسية للعراق بسبب انتشار الميليشيات المسلحة في الشوارع والتي بامكانها قلب كل معادلات الانتخاب والتصويت بالقوة المسلحة او التهديد بها . فينعدم عندئذ اي انجاز ديموقراطي حقيقي

وبناء عليه فان تصفية المظاهر المسلحة للاحزاب الحاكمة هو من اولى الخطوات المهمة في تحقيق التغيير المنشود للبنية السياسية في العراق

هذا من جهة، ومن جهة اخرى فان الاستمرار بالشرعية الدستورية والتمسك بالكتلة الاكبر التي تتعكز عليها الاحزاب الحاكمة سوف لن تستجيب لمطالب الثوار، خصوصا وان تطبيق مواد الدستور لم يحظ باحترام السلطة الحاكمة. وقد كان ولم يزل يسير على وفق اهواء الاحزاب الحاكمة. فهناك مواد كثيرة في الدستور معطلة مثل المجلس الاتحادي. ومجلس الخدمة المدنية. وقانون الاحزاب، واستمرار مجالس المحافظات المنتهية ولايتها ، والرقابة المالية والهيئات المستقلة، والتوقيتات الدستورية الملزمة وكثير غيرها من المواد الدستورية المعطلة. . فعن اي شرعية دستورية يتحدثون. وهم قد اتخذوا الدستور لعبا وضحكا على الذقون

ان الشرعية الدستورية لهذه الحكومة تفقد شرعيتها عند مخالفة روح الدستور ومواده الملزمة، والاضرار بمصالح المواطنين، والدولة، وامنها الداخلي والخارجي، والانتهاك الصارخ لحقوق الانسان

كما ان الشرعية الدستورية تستند على الشعب، وتستمد شرعيتها منه، وعندما تنتهك حقوق الشعب تصبح الشرعية الدستورية منتهية الصلاحية وتحل محلها الشرعية الثورية، وهي وحدها واجبة التطبيق

والشرعية الثورية هي نتاج مخالفة الحكام لحقوق الشعب المشروعة، وتتمثل في الانتفاضة الشعبية او الثورة بوجه الحكم الفاسد الجائر، والتي تنزع عنه الشرعية الدستورية لتقوم بوضع اسس تشريعية جديدة تضمن مصالح الشعب وقواه الفاعلة

ان شرعية السلطة الحاكمة في العراق قد سقطت عند سقوط اول شهيد من شهداء الانتفاضة الشعبية السلمية، فكيف اذا سقط ستمائة شهيد واصيب عشرات الالوف من الجرحى . وتم اغتيال واعتقال المئات منهم. ان شرعية ساحة التحرير في بغداد وساحات الانتفاضة بالمحافظات هي اقوى بالف مرة من شرعية الاحزاب الفاسدة الحاكمة

وعليه فمسار الحكم في العراق يجب ان يتوافق مع مطالب الثوار، ويتجه نحو تشكيل حكومة انتقالية تحظر الاحزاب وتنظف الشارع من السلاح المنفلت وتجرم حامليه . ومن ثم اجراء انتخابات باشراف دولي. وبعكسه فان ثورة الشعب ستستمر وباستراتيجيات متطورة حتى تحقيق غايتها في انجاز التغيير المطلوب واقتلاع الحكم الفاسد الحالي
ادهم ابراهيم

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here