ابن تيمية وسيد قطب(2) صالح الورداني

– رؤية سيد قطب
كانت أفكار سيد قطب حول الجهاد هى الشرارة الأولى التي أشعلت فتيل الإرهاب والتطرف ونبتت على أساسها الفرق التي تبنت القتال والمواجهة مع الحكومات والشعوب..
ولو لم تكن شخصيته تحمل ملامح شخصية إبن تيمية ما كان من الممكن أن تطرح هذا الطرح..
وأفكار سيد قطب برزت كما هو معروف في ظل الصدام بين نظام عبد الناصر وجماعة الإخوان في منتصف الخمسينيات، وما خلف هذا الصدام من قتلى ومآسي كان لها عظيم الأثر في دعم الأفكار المتطرفة وتبرير الإرهاب..
وقطب يقف بقوة في صف الفقهاء القدامى الذين كانوا يميلون للقتل والقتال في محيط جزيرة العرب وخارجها..
وهو ما نلحظه من خلال تلك المقدمة الطويلة عن الجهاد التي قدم بها سورة الأنفال من كتابه في ظلال القرآن..
قال : إن الإسلام لله هو الأصل العالمي الذي على البشرية كلها أن تفيء إليه أو أن تسالمه بجملتها ،فلا تقف لدعوته بأي حائل من نظام سياسي، أو قوة مادية..
وأن تخلي بينه وبين كل فرد، يختاره أو لا يختاره بمطلق إرادته، ولكن لا يقاومه ولا يحاربه، فإن فعل ذلك أحد كان على الإسلام أن يقاتله حتى يقتله أو حتى يعلن استسلامه..
والمهزومون روحياً وعقلياً ممن يكتبون عن الجهاد في الإسلام يدفعوا عن الإسلام هذا الإتهام ،يخلطون بين منهج هذا الدين في النص على إستنكار الإكراه على العقيدة، وبين منهجه في تحطيم القوى السياسية المادية التي تحول بين الناس وبينه ،والتي تعبد الناس للناس وتمنعهم من العبودية لله..
يحاولون أن يحصروا الجهاد في الإسلام فيما يسمونه اليوم: «الحرب الدفاعية» ..
ويوجه قطب النقد واللوم للرافضين تصوير الإسلام على أنه دين السيف والتوسع في الأرض واصفاً إياهم بالمهزومين الذين يسيرون ضمن مخطط إستشراقي لضرب الإسلام..
وهو ما يظهر من قوله: أما محاولة إيجاد مبررات دفاعية للجهاد الإسلامي بالمعنى الضيق للمفهوم العصري للحرب الدفاعية ،ومحاولة البحث عن أسانيد لإثبات أن وقائع الجهاد الإسلامي كانت لمجرد صد العدوان من القوى المجاورة على الوطن الإسلامي..
إن هذا الدين إعلان عام لتحرير الإنسان في الأرض من العبودية للعباد ،ومن العبودية لهواه أيضاً وهي من العبودية للعباد، وذلك بإعلان ألوهية الله وحده- سبحانه- وربوبيته للعالمين..
إن معناه تحطيم مملكة البشر لإقامة مملكة الله في الأرض..
ترى لو كان أبو بكر وعمر وعثمان قد أمنوا عدوان الروم والفرس على الجزيرة أكانوا يقعدون إذن عن دفع المد الإسلامي إلى أطراف الأرض..؟
ولقد انتهت هذه المراحل كما يقول ابن القيم في كتابه زاد المعاد: فاستقر أمر الكفار معه- بعد نزول براءة- على ثلاثة أقسام:
محاربين له، وأهل عهد، وأهل ذمة..
ثم آلت حال أهل العهد والصلح إلى الإسلام.. فصاروا معه قسمين: محاربين، وأهل ذمة. والمحاربون له خائفون منه..
فصار أهل الأرض معه ثلاثة أقسام: مسلم مؤمن به، ومسالم له آمن -وهم أهل الذمة كما يفهم من الجملة السابقة- وخائف محارب.. وهذه هي المواقف المنطقية مع طبيعة هذا الدين وأهدافه، لا كما يفهم المهزومون أمام الواقع الحاضر، وأمام هجوم المستشرقين الماكر..
فكان القتال- كما يقول ابن القيم- «محرما، ثم مأذونا به، ثم مأمورا به لمن بدأهم بالقتال، ثم مأمورا به لجميع المشركين ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here