في رثاء صديقنا وأخينا الدكتور محمد شحرور

فلترقد بسلام أيها الصديق ونم هناك عند مليك مقتدر ، ولتسلم روحك التي مافتئت تدعوا إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، فقد بلغني هذا اليوم خبر وفاتك أيها الصديق العزيز ، فدعوت الله مخلصاً أن يسكنك في الجنان مع الأنبياء والصالحين والشهداء .

لقد كنت نعم الصديق ونعم الأخ جمعتنا معكم الأقدار والتاريخ والهم المشترك ، ونظرتنا الموحدة لما يجب أن يكون عليه إنساننا العربي المسلم ، بعيداً عن هيمنة الخرافة والدجل وسطوة التجار من رجال الدين مروجي الفتنة وبائعي الضمير والشرف .

فكنا معاً وسوياً في لحظات تاريخية حاسمة نبحث و نناقش بتجرد ومن دون إنحياز ما يجب وما لا يجب علينا فعله وعمله ، وكانت سنوات التسعين من القرن الماضي حافلة بهذا وذاك ، وكانت دالتنا إلى ذلك كتاب الله المجيد ولغتنا العربية ، وكان الله معنا في العون ونحن نواجه الإختلال الفكري والعقيدي والتطرف والنزعات المذهبية الضيقة ، نعم كان للراحل عزماً ومجالدة وإصرار وإيمان لا يلين و بأن الحق غالب ، وإن الجهد الصالح لا يضيع مهما كثر المرجفون والظانين بالله ظن السوء ، ولهذا وجدت أفكاره لها مواطئ قدم مشكلة جداول وأخاديد في ذهن وعقل الإنسان العربي والمسلم .

نعم إن من صاحب الرجل يعرف كم كانت روحه مفعمة بالحرية ونشدان الحقيقة ولا سوآها ، فطوعت له ذلك ليدخل في مجالات وبحوث كانت حكراً على فقهاء التاريخ والماضي ، وقد برع في ذلك كثيراً ولكم أن تشاهدوا هذا الكم من المعاني الجوالة التي يتداولها المريدون والأعداء على حد سواء ، ولم يثنه كثرة النعيق من حوله في تشكيل ما يؤمن به وما يريد البوح عنه أو الإفصاح ، فجاءت مؤلفاته تترى محفزة ومنبهة هذا العقل الراكد على أن في

الأمة ( رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ) ، فغير الكثير من المسلمات وأعاد تشكيل خارطة العقل العربي المسلم على نحو جديد ، وجعل من إنتاج المعرفة حلالاً على الجميع ليس فيها حكرا أو مصادرة ، وقد ساعده على ذلك هذا التطويع المذهل في تحرير لغة العرب من هيمنة الماضي ، وفتح لفهمها ألف باب وباب من الإجتهاد والنظر .

نعم لقد فقدنا صديقاً وأخاً عزيزاً كنا معه ومع غيره من الأحبة نشكل هذا الجهد الذي أشار إليه المولى فيمن ( تواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) ، فله الدعاء خالصاً وله المحبة ولعائلته الكريمة كل التقدير والإحترام .

( وإنا لله وإنا إليه راجعون )

آية الله الشيخ إياد الركابي

26 ربيع الآخر 1441 هجري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here