الله متجسدا بالضمير الإنساني الحيّ ومرآة عاكسة له شعاعا إنسانيا ساميا

بقلم مهدي قاسم

حسبما أعتقد و أظن : بأنه يوجد ثمة فارق كبير بين عقيدة
دينية و مذهبية أو فئوية أخرى من جهة و بين يقظة الضمير الإنساني الحّي و الوّهاج على طول الخط من جهة أخرى ، وإذا كان معتنقو هذه العقيدة أو تلك ينحازون إلى جانب الظلم و الباطل و الجريمة و حتى الخيانة الوطنية والولاء للأجنبي الطامع و يبررون كل ذلك بذرائع عقائدية
واهية ، انسجاما مع أوهام عقائدهم ، و بالأخص ، لوجود أحزابهم أو مِمَن يمثلون عقائدهم في السلطة و الحكم ، فأن أصحاب الضمير الإنساني الحيّ على عكس منهم ، لا يداهنون و لا يصمتون عن الظلم و الباطل و الجريمة ، إنما يفضحونه أولا و يتصدون له ثانيا و يدعون غيرهم
لمواجهته بغية بطلان مفعوله ثالثا و إزالته رابعا ، حتى يمكن القول إن بعضا من المخدوعين بهذه العقيدة أو تلك سرعان ما تنتفض ضمائرهم الحيّة و بضد من عقائدهم ذاتها ، ليقولوا الحق و يقفوا ضد ظلم الناس وإذلالهم حتى ولو بضد من التزامات عقائدهم ، بعدما يكتشفون بأن
هذه العقائد ما سوى ركام من أباطيل و أوهام مغّبرة بعيدة عن عطف الله وجمال روحه المتوهج دوما ، ولا سيما عندما تصبح وسيلة للصوصية و إفقار الناس المغلوبين على أمرهم و مذلتهم والاستهانة بكرامتهم الآدمية والتسبب لهم معاناة يومية ، وحكمهم بظلم و بطلان ، و بكل نوع
آخر من جرائم مختلفة ، طبعا باسم نفس العقيدة و بحجة الدفاع عنها إزاء ” متآمرين ” متربصين من أعداء يتم تخيلهم حتى من بين صفوف الشعب المنتفضة نفسه !!..

و هنا و ضمن هذا السياق لابد من التأكيد على أن الضمير
الإنساني الحيّ واليقظ يشبه عطايا إلهية أو منحة من قبل الطبيعة الخلاّقة ، و إنه أشبه بموهبة ــ مثلا ــ لا يتصف بها كل من هب و دب ، إلا أولئك المختارين والمصطافين من ذوي القلوب الزاخرة بقيم و عواطف إنسانية سامية ، لا يعلو عليها إلا ما هو راية حق خفّاقة ،
و صرخة جبارة ضد كل ما هو ظالم و باطل حتى ولو جاء من ذوي القربى أنفسهم !..

أما قلوب أصحاب عقائد شمولية و باطشة ساحقة ، ! ، فأنها
في الوقت الذي تبدو جوفاء و خالية من أبسط قيم إنسانية متعاطفة ورؤوفة مع مظلومين و ضحايا ، ، فأن هذه القلوب تبقى أشبه بمدخنة سوداء و كالحة تنفث أدخنة ” عقائدية ” مسمومة من سواد و سخام ..

فطوبى لذوي الضمائر الإنسانية الحية و الزاخرة بكل قيم
تعاطف ومشاركة داعمة ومتعاونة ..

و في مقابل ذلك ، فكم مثيرة للشفقة أصحاب القلوب الجوفاء
و المدّخِنة على طول الخط بأدخنة من سواد و سخام أحقاد مزمنة ، لا رجاء لها و لا شفاء ! ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here