طبيعة تعاملي مع المرجعية تحددها مواقفها الوطنية أو عدمها

بقلم مهدي قاسم

ثمة مشكلة قديمة قائمة بين كاتب وقارئ ، خاصة إذا كان هناك قارئ طارئ و عابر الذي يحكم على الكاتب من خلال مقالة واحدة دون أن يكون عنده وقتا أو فرصة ليتطلع على مقالات الكاتب السابقة ، ولقد لاحظتُ أو تلمسته شخصيا طيلة السنوات الثلاثين الماضية ، حيث دأبتُ على الكتابة اليومية في مواضيع مختلفة على كل صعيد و ناحية و كذلك ضمن نصوص إبداعية متنوعة كالقصة القصيرة والطويلة و القصائد و الخ ، و على ذكر قارئ طارئ أو عابر يوجد هناك قراء دائمون الذين يتابعون كتابات ومقالات و نصوص كاتب ما ، بشكل شبه يومي فتتكون عندهم فكرة ثابتة عن هذا الكاتب و مواقفه المبدئية ، وبالتالي لا يفسّرون أية مقالة ّله ــ قد تكون هي بالضد من قناعاتهم أو خروجا عن قناعته هو ــ تفسيرا خاطئا أو يحتوي على سوء فهم عن مقاصد ومرامي الكاتب ، لكونهم على دراية من قناعات و يقين ومواقف الكاتب من الشأن العام أو من أمور معينة أخرى ، أما ما يعنيني أنا ، فأحب الإنصاف و قول الحق حتى لصالح خصمي أو عدوي ـ أن وجدا أصلا ــ إذا رأيته جاء على إتيان أفعال أو أعمال حسنة أم في موقف ما يحاذي الحق ، فالإنسان المنصف لا يمكن أن يكون منصفا حقا إلا إذا تعامل مع الجميع بما فيهم حتى خصومه أيضا ــ بإنصاف ، فالإنصاف مثل قول حق و فعل عدل ، لا يمكن أن يتجزأ ويتقسم حسب رؤية أحادية أو مصلحة فردية أم فئوية أو دينية و طائفية ضيقة ، حتى تتوزع على شكل صكوك غفران أو رضوان على هذا دون ذاك ، و يأتي موقفي المرحب لمواقف مرجعية السيد السيستاني المناصرة للمتظاهرين في الأونة الأخيرة ، بشكل مبطن حينا و صريح حينا أخر والمنتقد دوما على طول الخط في السنوات الأخيرة ضد سلوك فاسدي ومفسدي المنطقة الغبراء ) و من حيث جاء هذا الموقف المرحب أو يأتي ضمن هذا السياقات الحالية ، و المتجسد في مقالي الأخير و قبله أيضا ، فأنا أعتقد بأنه يجب كسب جميع فئات و شرائح المجتمع العراقي إلى جانب انتفاضة الأكتوبر المجيدة ، و ليس من المهم المشاركة الفعلية في التظاهرات ، وإنما مجرد إبداء شيء صريح و معلن من مشاعر تأييد و تعاطف و دعم شعبي واسع ـــ و بأي شكل من الأشكال ـــ سيكون عامل دعم جماعي كبير و مؤثر لصالح الانتفاضة نحو مقوّمات و عوامل نجاحها الكامل ، بينما عكس ذلك سيكون عوامل عرقلة كبيرة ، ربما قد تؤدي إلى إفشال الانتفاضة مع خسائر كبيرة جدا بين صفوف الضحايا و الشهداء من المتظاهرين ، أي أكثر بكثير من الضحايا و الشهداء و المصابيين والمعوّقين الحاليين و البالغين بآلاف مؤلفة ، مع بقاء الطغمة الفاسدة في السلطة لعقود طويلة مقبلة ، بتعبيرآخر :
ـــ لنفترض إن مرجعية السيد السيستاني قررت منذ البداية ــ ضمن تنسيق مسبق مع الخامنئي ــ الوقوف مع هذه الطغمة الفاسدة بالضد من إرادة المتظاهرين و طموحات غالبية الشعب العراقي بالتغيير والإصلاح بل و شرعت في اتهام المتظاهرين بالمندسين و المخربين والوهابيين والبعثيين ــ مثلما يفعل الخامنئي و الحائري مثلا وطبّاليهم من كتبة و حكواتيين ــ إليس ذلك كان سيكون بمثابة موافقة و إيعاز لقتلة المنطقة الخضراء و ميليشياتها المتعطشة للمضي قدما و اندفاعا أكثر و إيغالا فاشيا أكبر في سفك دماء المتظاهرين بكل سادية و انتشاء ، بل و شرعنة كل تلك المجازر وأعمال القتل والاغتيال والخطف و التغييب القسري بذريعة حماية مكتسبات المذهب المتجسدة بسلطة عصابات اللصوص و خونة الوطن في المنطقة الغبراء ..؟!!..
على الأقل أنا أرى المسألة من خلال هذا المنظور الواقعي بالنسبة لي ، و على ضوء ذلك أقوم بتقييمها لأنني أجدها صالحة ومناسبة ..
يبقى أن نقول أن بعضا يرى أنه ليس من الصحيح أن تتدخل المرجعية العليا في السياسة ، بينما بعض آخر لا يكفيه تأييد المرجعية لمطالب المتظاهرين وانتقادها الدائم للصوص المنطقة الخضراء إنما يطالبها بدور أكثر فعالية ونشاطا و تأثيرأ كطرف مشارك و مساهم *!!..
على الأقل أنا أرى المسألة من خلال هذا المنظور الواقعي بالنسبة لي و أقوم بتقييمها على هذا النحو لكوني أجدها صالحة ومناسبة ..
ا طبعا ، مع احترامنا للرأي المختلف ..
*( بو رامي • منذ ١٠ ساعات من زاوية المعلقين :
من الواجب ان لا نجامل ولا نراوغ في مثل هكذا مواقف حساسة, أن كمواطن أرى أن المرجعية متذبذبة في مواقفها وتصريحاتها عائمة أشبه بالالغاز بحيث تحتمل أكثر من وجه فيفسرها المواطن البسيط لصالحه ويفسرها السياسي والمسؤول لمصلحته وهكذا تتهرب المرجعية من تحمل مسؤوليتها والشعب يُذبح في كل يوم آلاف الشباب ينامون في العراء بعيدا عن دفىء عوئلهم واسرهم والمعممين ممن يسمون مراجع وغيرهم ينعمون بالدفىء والنوم العميق ورغد العيش, كلهم يتغنون بالائمة واقوالهم المأثورة المنسوبة لهم صدقا أو زورا وأنني أميل ألى أنها منسوبة لهم وإذا قالوها فعلا فمن أجل شعبيتهم وكسب اتباعهم مع انهم كلهم عاشوا منعمين بالغنائم والجواري والعبيد ولم يعرف أحدهم ما الفقر وما الحرمان! أميل الى هذا التفسير واقول لو كانوا فعلا كما يُشاع عنهم لما خالفهم أتباعهم والمتباكين عليهم والمتيمين بحبهم فالنكن مرة واحدة صادقين مع انفسنا ــ نقلا عن صحيفة صوت العراق زاوية المعلقين ) ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here