هذه تفاصيل قانون الانتخابات العراقي الجديد

بغداد ــ براء الشمري
ديسمبر 2019

صوّت البرلمان العراقي، الثلاثاء، على قانون الانتخابات الجديد، بعد أسابيع من الجدل بشأنه بين كتل مجلس النواب التي استمرت خلافاتها حتى ساعة التصويت على القانون، الذي يرى فيه بعضهم محاسن كثيرة، في حين يعتبره آخرون سيئاً لأنه يهدر أصوات فئات عراقية مهمة كالنازحين والمهجرين وساكني العشوائيات.

ومن أبرز ما يحسب للقانون الجديد، هو الانتقال من نظام التمثيل النسبي، الذي يعتبر كل محافظة عراقية كبيرة دائرة انتخابية لا يمكن الفوز فيها إلا بعد الانضواء ضمن قوائم انتخابية كبيرة، إلى الترشيح الفردي بعيداً عن القوائم في دوائر انتخابية صغيرة. ويرى مراقبون أنّ ذلك يعد إضعافاً للأحزاب التقليدية التي حكمت العراق منذ أول انتخابات أجريت فيه عام 2005.

ومن “ميزات” هذا القانون أيضاً، أنه قضى على آلية “سانت ليغو” لاحتساب الأصوات سيئة الصيت في العراق، بسبب مساهمتها في هدر الأصوات ومحاباة الأحزاب الكبيرة.

كما أنّ الجديد في قانون الانتخابات الذي صوت عليه البرلمان العراقي، هو مراعاة التركيبة الديمغرافية والجغرافية للمناطق العراقية، إذ قسّم المحافظات إلى دوائر انتخابية على أساس الأقضية (المدن)، ولكل 100 ألف نسمة في تلك المدن مقعد برلماني، وفي حال قل عدد سكان القضاء عن 100 ألف يدمج مع قضاء مجاور لتلافي تلك المشكلة.

ورفع نواب تحالف “سائرون” المدعوم من التيار الصدري شارة النصر بعد التصويت على قانون الانتخابات الجديد، كونهم دفعوا بقوة لتبنيه منذ البداية.

وبعد تلقيهم أنباء التصويت على قانون الانتخابات، رحّب متظاهرون في ساحة التحرير وسط بغداد بالتصويت على القانون، كونه مثّل خطوة لتفتيت الأحزاب، بحسب رأيهم، ولأن أغلب مواد القانون تتوافق مع مطالبهم، وأبرزها الترشيح الفردي والدوائر المتعددة.

إلا أنّ نواباً عن القوى عربية سنية وأخرى شيعية، هيمنت في السنوات الماضية على المشهد الانتخابي في البلاد، وآخر ممثل عن أربيل (عاصمة إقليم كردستان) في مجلس النواب، اعتبروا في تصريحات، لـ”العربي الجديد”، أنّ القانون الجديد فيه كثير من المساوئ، كونه يلغي أصوات النازحين والمغتربين، كما أنه لا ينهي سطوة الأحزاب والتيارات السياسية بشكل كامل، وأشاروا إلى أن التيار الصدري مثلاً لديه قاعدة شعبية كبيرة ويمكن أن يحصل مجدداً على مرتبة متقدمة في الانتخابات.

ولفتوا إلى وجود أقضية وبلدات متنازع عليها بين بغداد وأربيل، سيتسبب تحويلها الى دوائر انتخابية بمشاكل كبيرة، فضلاً عن عدم وجود حدود فاصلة بين الأقضية، مؤكدين أن أصوات ساكني العشوائيات غير المحسوبين على أي من الأقضية ستهدر، وتقدر أعدادهم بعشرات الآلاف، فضلاً عن ضياع حق الأقليات التي تسكن في مدن فيها أغلبية من مكونات أخرى.

وأبدى عضو البرلمان العراقي عن محافظة نينوى أحمد الجربا، اعتراضه على تمرير المادة 15 من قانون الانتخابات، مؤكداً، في مؤتمر صحافي، عقده بمبنى مجلس النواب أنّ هذه المادة “دقت إسفين تقسيم العراق”، بحسب رأيه.

ولفت إلى أنّ الحديث عن إمكانية إجراء انتخابات مبكرة “مجرد أكذوبة ابتكرت من قبل البعض الذين يريدون تقسيم البلاد”، مشيراً إلى وجود كثير من المشاكل الإدارية بين الأقضية التي تحولت إلى دوائر انتخابية، محذراً من “احتمال الذهاب إلى المجهول”.
وأوضح أنّ البرلمان تبنى المادة 15 من قانون الانتخابات ومررها في أجواء سريعة، دون السماح لأعضاء مجلس النواب بإجراء مداخلات مفصلة بشأنها.

ورأى رئيس الدائرة الانتخابية في مفوضية الانتخابات السابقة محسن الموسوي، أنّ الدوائر الصغيرة ستؤدي إلى فوز زعماء ووجهاء القبائل والأشخاص المعروفين على المستوى المحلي، مؤكداً، لـ”العربي الجديد”، أنّ هذا الأمر سيؤدي أيضا إلى الحاجة لمعادلات معقدة من أجل توزيع المقاعد على المرشحين.

من جانبه، أشار رئيس “المركز العراقي للدراسات الانتخابية” مقداد الشريفي، إلى وجود كثير من المشاكل الفنية التي تقف حائلاً دون تحويل العراق إلى دوائر انتخابية على مستوى الأقضية أو أصغر من ذلك، مؤكداً، لـ”العربي الجديد”، أنّ “الدوائر الانتخابية يمكن أن تقسم داخل المحافظة على المستوى الجغرافي، لكن لا يجب اشتراط أن يكون التقسيم على مستوى القضاء”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here