الهي لا تستجب دعائهم !

* د. رضا العطار

يحتفل اليوم رؤساء الحكومات الاستعمارية الكبرى في العالم المسيحي بعيد الميلاد المجيد، وسوف يذهبون الى الكنائس، ( ليصلّوا ) ! مقدسين ربوبيتك.
ان جبابرة الأرض هؤلاء سوف يؤدون صلواتهم بكل خشوع، منكسين رؤوسهم من خزي افعالهم، مخبئين ايديهم الملوثة بدماء الشعوب. لقد أتوك يا الهي في ثياب الحملان ولكنهم في حقيقتهم ذئاب كاسرة، تكمن الضواري في صدورهم،عرفناهم من افعالهم الاجرامية. وسوف تسمعهم يرددون امامك التلاوة المجيدة التالية:
( ربنا اعطنا اليوم خبز كفافنا واعفو عنا واغفر لنا ذنوبنا كما غفرنا للمذنبين ذنوبهم، ولتكن مشيئتك في الارض كما هي في السماء ).

لا تصدقهم يا الهي ! انهم غدارون، فقد قتلوا اهلنا في فلسطين وشردوهم في ارجاء المعمورة. وادًعوا ان (هناك في كل عصر من عصور التاريخ شعب زائد عن الحاجة. والشعب الفلسطيني في عصرنا الراهن هو هذا الشعب الزائد).
هكذا وبكل تبجح، دون ان يراعوا ضميرا ولا ذمّة. أتوا بغرباء شرامذة، جمعوهم من شتى بقاع الارض، ليس لهم تاريخ ولا لغة ولا ذمّة ولا اخلاق. ليحلوا محل شعب عريق يسكن ارضه، ارض كنعان منذ ستة الاف سنة، في الوقت الذي كان موطن اليهود قديما، في ارض عسير على امتداد البحر الاحمر وليس في ارض فلسطين.

ان هؤلاء المجرمون الذين يقفون امامك يا رب ويذرفون دموع التماسيح، لا تصدقهم، فهم يتناسون سعة جرائمهم البشعة بحق الشعوب المستضعفة، في قارات الدنيا اجمع، ماضيا وحاضرا، خاصة دول الشرق الاوسط، صاحبة البترول.

ان هؤلاء القادة الذين جاؤا اليوم ليقولوا انهم يغفرون ذنوب غيرهم وانهم قانعون بخبز يومهم، انهم كذابون، لم يطبقوا تعاليمك حتى تغفر لهم.
قلت لهم : لا تعطوا القدس للكلاب ولا ترموا باموال شعبكم امام اقدامهم، لكنهم لن يرعوا، بل تمادوا في غيهم ـ ـ ـ قلت لهم ( من لطمك على خدك الايمن فحول له الاخر ايضا لكنهم لطمونا نحن على الخدين ـ ـ ـ قلت لهم : من سألك فاعطيه، لكنهم سلبونا من كل غال ونفيس ونقلوا ثرواتنا الى اوطانهم وحولوا اموالنا الى مصارفهم فكان ان جاعت القاهرة ودمشق وبغداد وغيرها من عواصم الشرق لكي تتخم لندن وباريس ونيويورك.

قلت لهم : طوبى لصانعي السلام لانهم ابناء الله يدعون … فلم يكونوا قط ابناء الله بل انهم ابناء الشيطان، نشروا الكراهية والبغضاء بين شعوب الارض واشعلوا بينها نار الحروب، ليتسنى لهم بيع سلاحهم المخزون.

فمصانع السلاح عندهم تعمل ليل نهار ولا بد لها ان تجد اسواقا للتصريف. وهكذا يضحكون علينا ويسخرون منا، وكلما هدأت اوار الحرب بين شعبين قليلا ارسلوا اليهما السلاح على عجل لكي تبقى الحرب مستعرة ـ ـ ـ قلتَ لهم يارب ( المجد لله في الاعالي وفي الناس المسرة وعلى الارض السلام ) لكنهم جعلوا المجد كله لهم ونشروا الاحزان في كل بيت من بلداننا العربية ولم يدعوا شبرا واحدا من ارض الله يسوده السلام. أهؤلاء هم (نور العالم ؟) أهؤلاء هم (ملح الارض) ؟

لا تصدقهم يا رب، انهم مراؤون منافقون كذابون ولا تستمع الى صلواتهم ولا تستجب لدعائهم، انهم اشرار مستعمرون، اسكتونا بفنون دبلوماسيتهم واستضعفونا بقوة سلاحهم.
اننا نشكو اليك يارب، لان هؤلاء (الابرار) جعلونا لا نملك سوى الشكوى ليس لنا ان نقول سوى ما قاله الشاعر الزنجي ( سوف اخبر الله عن كل متاعبي حين اعود اليه )
نعم، هذا ما يفعله المستعمر باسم المسيح مما يجعلنا نتذكر قول الشاعر احمد شوقي:

يا حامل الآلام عن هذا الورى * * * كثرت لدينا بأسمك الآلام

* مقتبس من كتاب افكار ومواقف لمؤلفه امام عبد الفتاح امام.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here