محتجون يتظاهرون أمام السفارة الأمريكية بالعراق في اختبار جديد لترامب

نظم محتجون ومقاتلون ينتمون إلى جماعات مسلحة مظاهرات عنيفة أمام السفارة الأمريكية في بغداد يوم الثلاثاء احتجاجا على ضربات جوية أمريكية في العراق، حيث أضرموا النار في موقع أمني ورشقوا قوات الأمن بالحجارة في تحد جديد للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

ودفعت الاحتجاجات، التي تقودها جماعات مسلحة مدعومة من إيران، الولايات المتحدة إلى نشر المزيد من قوات مشاة البحرية لحماية أفراد السفارة الذين تجمعوا داخل المنشأة.

ورد حراس السفارة بقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع بعدما أحرق المحتجون الموقع الأمني عند مدخل السفارة دون أن يقتحموا المجمع الرئيسي.

وقالت وزارة الخارجية إن الموظفين الدبلوماسيين بداخلها في أمان ولا توجد خطط لإجلائهم.

وقال مسؤولون أمريكيون، طلبوا عدم نشر أسمائهم، إن قوات من الفرقة 82 المحمولة جوا في فورت براج بولاية نورث كارولاينا يمكن إرسالها إلى المنطقة في الساعات القادمة إذا لزم الأمر. وقال المسؤولون إن العدد قد يكون بالمئات ودون الألف.

ويمثل الهجوم غير المسبوق على بعثة دبلوماسية أمريكية في العراق تصعيدا لصراع بالوكالة بين واشنطن وطهران، وكلاهما له نفوذ كبير في العراق، بينما تتحدى احتجاجات واسعة النظام السياسي العراقي بعد نحو 17 عاما من الغزو الأمريكي الذي أطاح بصدام حسين.

وجاءت المظاهرة بعد شهور شهدت حوادث أمنية في المنطقة تبادل الطرفان الاتهامات بالمسؤولية عنها.

وتحدث ترامب الذي يقضي عطلة في بالم بيتش بفلوريدا عبر الهاتف مع رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي. وقال البيت الأبيض ”شدد الرئيس ترامب على الحاجة لحماية الأمريكيين والمنشآت الأمريكية في العراق“.

واتهم ترامب إيران بتدبير العنف وقال إن طهران ستتحمل المسؤولية.

وقال ترامب على تويتر ”ستتحمل إيران المسؤولية الكاملة عن فقد الأرواح أو الأضرار التي لحقت بأي من منشآتنا. سيدفعون ثمنا باهظا جدا! هذا ليس تحذيرا، إنه تهديد“.

وأضاف أن أفراد البعثة الدبلوماسية الأمريكية بخير.
وتابع قائلا ”السفارة الأمريكية في العراق كانت ولا تزال آمنة! تم نقل العديد من المقاتلين العظماء مع المعدات العسكرية الأكثر فتكا في العالم إلى الموقع على الفور“.

جاءت الاحتجاجات بعد غارات جوية أمريكية يوم الأحد على قواعد تديرها كتائب حزب الله المدعومة من إيران داخل العراق، مما أسفر عن مقتل 25 مقاتلا على الأقل وإصابة 55 آخرين.

وكانت هذه الهجمات ردا على مقتل مقاول مدني أمريكي في هجوم صاروخي على قاعدة عسكرية عراقية ألقت واشنطن باللوم فيها على كتائب حزب الله.

وقال ترامب على تويتر ”قتلت إيران متعاقدا أمريكيا وأصابت كثيرين. قمنا بالرد بقوة وسنفعل ذلك دوما. الآن تنسق إيران هجوما على السفارة الأمريكية في العراق. نحمّلهم المسؤولية كاملة. وإضافة إلى ذلك نتوقع أن يستخدم العراق قواته لحماية السفارة وأبلغناهم بذلك“.

ونفت إيران مسؤوليتها. وتواجه طهران صعوبات اقتصادية جمة بسبب العقوبات الأمريكية التي فرضها ترامب.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس موسوي إن الولايات المتحدة ”لديها الجرأة المثيرة للدهشة على اتهام إيران في احتجاجات الشعب العراقي على قتل (واشنطن) 25 عراقيا على الأقل“.

وجرى استهداف السفارة الأمريكية في بغداد بهجمات صاروخية متفرقة لكن غير مميتة خلال الشهور الأخيرة، وتعرضت مرارا للقصف في أعقاب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003 لكن لم يسبق أن تعرض مجمعها لهجوم من جانب متظاهرين بهذا الشكل.

وقادت فصائل مدعومة من إيران الاحتجاجات التي استمرت لساعات، لكن وزارة الخارجية الأمريكية قالت في وقت لاحق إن أفراد السفارة في أمان وإن المحتجين لم يقتحموا المنشأة.

وقال متحدث باسم الوزارة إن تقارير لمسؤولين عراقيين بأنه قد تم إجلاء السفير مات تولر زائفة، موضحا أنه كان في رحلة سفر خاصة معدة سلفا منذ أكثر من أسبوع.

وأضاف المسؤول أن السفير في طريق العودة إلى السفارة وأنه لا توجد خطط لإخلائها.

* ”كلا أمريكا“
رشق المحتجون، الذين انضم إليهم لفترة وجيزة زعماء جماعات مسلحة مدعومة من إيران، بوابة المبنى بالحجارة بينما هتف آخرون ”كلا.. كلا أمريكا!…كلا.. كلا ترامب“.

وانتشرت قوات خاصة عراقية حول البوابة الرئيسية لمنع المحتجين من دخول السفارة قبل أن تتلقى تعزيزا من قوات مكافحة الإرهاب التي دربتها وجهزتها الولايات المتحدة.

وقالت قوات الحشد الشعبي، التي تضم تحت لوائها الفصائل المسلحة التي تم دمجها رسميا في القوات المسلحة العراقية، إن 62 من أفراد الفصائل المسلحة والمدنيين أصيبوا بسبب الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت.

وندد الرئيس العراقي برهم صالح بمحاولات اقتحام السفارة الأمريكية قائلا إن ذلك ينتهك اتفاقات دولية تلزم بلاده بحماية البعثات الأجنبية.

وذكرت صحيفة واشنطن بوست أن الدبلوماسيين والموظفين الأمريكيين احتموا بغرفة محصنة داخل السفارة، وذلك نقلا عن اثنين منهم تم التواصل معهما عبر تطبيق للتراسل.

وبعد ساعات قليلة من بدء الاحتجاج تم إطلاق الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين، وحث مقاتلو الفصائل المسلحة المحتجين على التفرق باستخدام مكبرات الصوت.

وقال أحد الأشخاص عبر مكبر صوت ”أبلغنا رسالتنا، من فضلكم غادروا المنطقة لتجنب إراقة الدماء“.

وقال مصدر بالمخابرات العسكرية إن ضباطا كبارا في الجيش العراقي كانوا يتفاوضون أيضا مع الحشد في محاولة لإقناع المحتجين بالمغادرة.

* مغلقة بأمر الشعب
يخرج العراقيون إلى الشوارع بالآلاف كل يوم تقريبا للتنديد بالجماعات المسلحة، مثل كتائب حزب الله ورعاتها الإيرانيين الذين يساندون حكومة عبد المهدي، إلى جانب أمور أخرى.

لكن يوم الثلاثاء كانت هذه الجماعات المسلحة هي من نظم الاحتجاجات وكتب على أبواب السفارة الأمريكية أنها مغلقة بأمر الشعب وحطموا كاميرات المراقبة حول المبنى.

وكان قيس الخزعلي، زعيم جماعة عصائب أهل الحق المدعومة من إيران، وزعماء فصائل مسلحة آخرون من بين المشاركين في الاحتجاجات.

وفرضت الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة عقوبات على الخزعلي بسبب مزاعم بضلوع جماعته في هجمات على محتجين مناهضين للحكومة.

وقال الخزعلي لرويترز ”الأمريكان غير مرغوب بهم في العراق. إنهم مصدر الشر ونحن نريد منهم الرحيل“.

واتهمت جماعات مسلحة مدعومة من إيران الولايات المتحدة وإسرائيل بالمسؤولية عن هجمات على قواعد الجماعات خلال الصيف، كما اتهمت واشنطن إيران ووكلاءها بالمسؤولية عن هجمات على منشآت نفط في الخليج وهجمات صاروخية على قواعد تستضيف قوات أمريكية في العراق.

وكتائب حزب الله واحدة من أصغر الجماعات المسلحة في العراق لكنها من أقوى الجماعات المدعومة من إيران. وجرى تعليق رايات الجماعة على السور المحيط بالمبنى.

وقالت الجماعة إن أحداث الثلاثاء هي ”الدرس الأول“ الذي ستلقنه للولايات المتحدة وسيعقبه مشروع قانون في البرلمان لإخراج القوات الأمريكية من العراق.

وأضافت في بيان ”نشدد على ضرورة أن يصوت الأخوة في مجلس النواب على إخراج القوات الأمريكية المتورطة بسفك دماء العراقيين ونشر الفساد“.

ويتمركز أكثر من 5000 جندي أمريكي في العراق لدعم القوات المحلية.

إعداد محمد اليماني للنشرة العربية

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here