الحل يسير لأنه يتلخص بالعودة إلى الدستور الملكي وإجراء تعديلات مناسبة عليه , وتشكيل مجلس إعمار البلاد , يضع يده على ثلاثة أرباع عائدات النفط والربع الآخر تحت تصرف وزارة المالية لتدبير شؤون الحكومة.
وهذا يبدو غير ممكن , وإن لم يكن مستحيلا فهو عسير!!
والسبب الأساسي أن البلاد رهينة المصالح الإقليمية والعالمية منذ بداية عهد الجمهوريات خصوصا وما قبله , وقد تطورت أساليب إرتهانها حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم.
فكل ما يخدم الوطن والمواطنين يتعارض مع المصالح الإقليمية والعالمية , وما يضرهما يتوافق معهما , وعلى هذا المنوال تمضي مسيرة التداعيات والويلات بأنواعها المتجددة.
فالدمار والخراب والصراعات الداخلية وغياب الأمن والأمان وعدم الإستقرار من موجبات تقديم الخدمة القصوى لهذه القوى القابضة على مصير البلاد.
وفي هذه المعادلة السياسية المعقدة المتشابكة لم يتيسر للبلاد ساسة بحجم التحديات , ومعظمهم من ذوي العاهات النفسية والسلوكية والمجردين من الخبرات والمهارات التفاعلية مع القوى الإقليمية والعالمية.
فالعراق بلا ساسة حقيقيين منذ بداية العهد الجمهوري , وما جرى على ترابه إنقلابات إجتثاثية تناحرية خسرانية تتماحق فيها الأجيال وتتصارع بوحشية وعدوانية سافرة , وما حققت ما ينفع البلاد والعباد , كما في باقي الأوطان.
وفي عهود البلاد المتبدلة تعاونت القوى الإقليمية مع القوى العالمية لإفتراس البلاد , وما تمكنت أنظمة الحكم من التفاعل الإيجابي معها , والتفكير بالمصالح المشتركة والأهداف الصالحة للطرفين.
فالموقف دائما يتسم بالعداء لهذه القوى المتآزرة المتكاتفة ضده , ولا يزال الوطن بلا ساسة يدركون آليات التفاعل الناجح مع الآخرين , فنمطية سلوك الكراسي لم تتبدل وإن تغيرت الوجوه , ودور العقل ممنوع في التفاعلات المحيطية.
وقد أسهمت عائدات النفط في تأجيج السلوكيات الإنفعالية الإنعكاسية الآنية , الخالية من النظر الحصيف والتدارس العميق , مما أوقع البلاد في مطبات مصيرية وتفاعلات خسرانية فادحة.
وما يجري في الواقع اليوم يشير إلى إنعدام العقل السياسي الوطني المدرك النابه , القادر على الخروج بالبلاد من أزماتها إلى بر الأمان , فالذين يسمون أنفسهم بالساسة يعتمدون على القوى الإقليمية والعالمية , وهي لا تفكر إلا بمصالحها , ولهذا فأن الأحداث تتطور لصالحها , فهي التي تستثمرها وتجني منها أقصى ما تستطيعه من أرباح.
فإلى متى تبقى الأحوال تدور في دوّامات سوء المآل؟!!
د-صادق السامرائي
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط