طرائف وحكايات من السجون والمعتقلات(10)

صالح احمد الورداني
—————————-
ندوات غسيل المخ
ابتدع جهاز امن الدولة فكرة ندوات الرأي من أجل تصحيح أفكار الجماعات ودفعها الى نبذ التطرف..
وحشد لهذه الندوات العديد من الرموز الاسلامية مثل عمر التلمسانى مرشد الاخوان انذاك والشيخ محمد الغزالى ورجال الازهر..
إلا أن هذه الندوات لم يكتب لها النجاح وفشلت فشلاً ذريعاً مما أدى الى وقفها..
وكان مكان انعقاد هذه الندوات داخل السجون..
وتركيزها كلن على جماعة التكفير والقطبيين والسلفيين..
و الجماعات الثلاث لم ترتبط بأي من الأحداث التي وقعت بعد اغتيال السادات..
وهذه الندوات كانت محل تركيز كبير من أجهزة الإعلام خاصة جهاز التليفزيون الذى كان ينقل بعض هذه الندوات ضمن برنامج ندوة الرأى ..
إلاأنه تبين لجهاز الأمن أن هذه الندوات لم يكن يحضرها إلا بعض العناصر الهامشية التى ألصقت بالجماعات مما دفع بجهاز الأمن الى توجيه رجالهم من المخبرين لحضور هذه الندوات حتى تكتمل الصورة أمام الرأي العام..
ومن الطرائف التي أذكرها حول هذه الندوات قصة الشيخ طه السماوي الذي كان من بين المتحفظ عليهم ومكث أكثر من عامين رهن الاعتقال دون أن يفرج عنه..
ويعود ذلك الى إصراره على موقفه المتشدد من الحكومة والمجتمع..
والشيخ السماوى كان له اتجاه وجماعة خاصة به أغلبها من صغار السن..
ومن سماته الجيدة أنه كان لا يتكلم اﻻ بالعربية الفصحى..
والقصة تبدأ حين جاء شاويش السجن فرحًا مستبشرًا صائحًا فى وجه الشيخ السماوى : ألف مبروك يا شيخ جالك إفراج عايزين الحلاوة بقى..
ولم يصدق الشيخ الشاويش واعتبرها مداعبة منه إلا أن الشاويش أخذه إلى إدارة السجن ليرى بنفسه قرار الإفراج عنه..
فقام بجمع حاجاته واستقل عربة الترحيلات الصغيرة التى أخذته وحده من السجن وانطلقت به نحو مقر مباحث أمن الدولة بالقاهرة..
ودخل الشيخ مقر المباحث و أدخل غرفة أغلق بابها عليه لتكون المفاجأة التى أذهلته إذ وجد نفسه محاصرًا بكاميرات التليفزيون وأمامه بعض رجال الأزهر فما كان منه إلا أن جلس على الأرض متربعًا وهو فى حالة استياء رافضًا الكلام..
وجرت عدة محاولات لإرغامه على الكلام إلا أنه أصر على موقفه طالبًا إعادته إلى السجن فأعادوه إليه مرة أخرى..
والطريف أن الشاويش الذى كان يطلب منه الحلاوة على الإفراج كان فى استقباله حين عودته وهو فى حالة دهشة فقال له الشيخ ساخرًا : هل لازلت مصرًا على الحلاوة.. ؟

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here