كلمة حق يجب أن تقال في هذا الزمن العصيب

محمد مندلاوي

حقاً أن الإيديولوجية إن كانت وضعية أو غير ذلك تعمي البصر والبصيرة، وتلغي دور العقل تماماً في حياة معتنقها، وتجعل منه بحكم نصوصها.. إنساناً مُسيراً لا مخيرا، حيث يصبح بإرادته الحرة عبارة عن إنسان آلي يتحكم فيه الآخر من أجل إتمام تنفيذ مجمل خطته الإستراتيجية كيفما يشاء وبدون مقابل.

الذين أعنيهم اليوم في حديثي أولئك حاملي إيديولوجيا الميتافيزقيا، أعني تحديداً “شيعة السلطة” في العراق بكل تفرعاتها الحكومية والحزبية والميليشياوية والمرجعية – هذه الأخيرة أخذت دور الولي الفقيه دون أن يعلوا عنه؟- الذين ينطبق عليهم قول المتنبي: إذا أنت أكرمت الكريم ملكته.. وإنْ أنت أكرمت اللئيم تمردا.

بعد عام 2003 وتربعهم على عرش السلطة بفضل بـ52 الأمريكي ودبابات الأبرامز أول ما بدأ هؤلاء الأشياع.. بخيانة حلفائهم الكورد، الذين آواوهم وأمنوهم في سنوات العجاف، وأوصلوا منهم من كان يبغي الوصول إلى أسياده في إيران بكل سلام واحترام. لكن حين أزاحت أمريكا حزب البعث المجرم من سدة السلطة في العراق ومنحتهم إياه، لقد نفذوا أولى جرائمهم النكراء ضد حليفهم الكوردي، الذي فتح لهم صدره الرحب في أيام المحن التي مروا بها في زمن حكم المجرم صدام حسين. لقد ردوا جميل الكورد عليهم بسلسلة أعمال عنصرية وطائفية مقيتة، كعدم تنفيذهم مواد الدستور الاتحادي في أوقاتها المحددة، وتنفيذ سياسة التعريب المقيتة في المدن والقرى المستقطعة من كوردستان وعلى رأسها كركوك السليبة، ومرجعهم الأعلى لم يحرك ساكناً، ساكت سكوت..؟ كأن ليس لديه واجب عقدي يحتم عليه أن يصدر فتوى ضد هؤلاء الأعراب الأوباش الذين جاء بهم اللعين صدام حسين لتغيير ديمغرافية كوردستان، لم يكتفوا بهذا، بل هجم ذلك القزم الشيعي المدعو حيدر العبادي بميليشياته الوقحة على كركوك واحتلها بقوة السلاح ومن ثم نفذت فيها ولا زالت تنفذ ميليشياته الوقحة جرائم بشعة ضد الكورد العزل يندى لها جبين الإنسان المتحضر الخ الخ الخ.

عزيزي القارئ،حقيقة إن موضوعنا لهذا ليس الكورد وما عانوه من جرائم على أيدي هؤلاء الأشياع..؟، بل هذا المقال تبيان لرد هؤلاء الأشياع – أشياع السلطة ومن يسير في ركابهم- لجميل أمريكا على طريقة مقززة تنم عن اللؤم والخسة والدناءة، دولة عظمى جاءت من وراء البحار – أعني أمريكا- وخلصت الشيعة من شخص ونظام دموي مجرم لم يذل ويستخف ويحقر قبله حاكما ما الشيعية مثلما أذل واستخف وحقرهم اللعين صدام حسين و ولديه وأقاربه وحزبه النتن، لقد ضرب مراقد أئمتهم بالمدافع والسمتيات وثقب قببها ودمر أبنيتها، وقتل مراجعهم الكبار وعلى رأسهم محمد باقر الصدر، وآل الحكيم، و محمد

محمد صادق الصدر وولديه، واعتقل مرجعهم الأعلى التسعيني “الخوئي” الذي لقبته الشيعة بإمام الأئمة وجاء به صدام حسين مغفوراً إلى بغداد وعرضه على شاشات التلفزة مستهزئاً به، وقبل هذا وبعده قتل مئات الآلاف من الشيعة بدم بارد الخ الخ الخ بعد كل هذه الجرائم البشعة، التي قام بها المجرم صدام حسين جاءت أمريكا من وراء البحار بنصف مليون جندي وأزاحت هذا النظام الدموي من السلطة، وسلمت السلطة للشيعة، للعلم، هذه أول مرة بعد خلافة الإمام علي الشيعة تحكم في العراق بإرادتها قبل أن تصبح مطية لإيران، وذلك بفضل أمريكا التي قدمت 5000 قتيل من جنودها، وربما مثلها من الجرحى والمشوهين، وصرفت ثلاثة ترليونات دولار الخ بينما إيران مثل المقبرة تأخذ ولا تعطي. بعد كل هذه التضحيات الجسام، التي قدمتها ولايات المتحدة الأمريكية ردت الشيعة.. على جميلها وتضحياتها من أجلهم بعمليات إرهابية واختطاف مواطنيها وقتلهم وحرق سفارتها في بغداد من أجل عيون ذلك التركي الجالس في طهران علي خامنئي؟؟؟!!! عزيزي المتابع،لقد ختمها البارحة الأشياع في البرلمان الاتحادي العراقي بالتصويت المهزلة يطالب أمريكا بالخروج من العراق؟؟!!، إلا أن الكورد امتنعوا عن التصويت لأنهم يعرفون جيداً أن العراق غير مهيأ أن يحمي نفسه من شرور البلدان المحيطة به كتركيا الطورانية، وإيران الأعجمية، وسعودية الوهابية وغيرهم ممن يتربصون به من كل حدب وصوب. حقاً أن الكائن الطائفي والعنصري قصير النظر ولا يرى أبعد من أمام أرنبة أنفه. لقد شاهدناهم عام 2011 كيف طالبوا أمريكا أن تسحب قواتها من العراق، وفعلت مثلما طلبت منهم الأشياع، لكن بعد ثلاثة أعوام، تحديداً عام 2014 هجمت عليهم داعش واحتلت عموم المنطقة الغربية وموصل في العراق ووصلت جحافل قواته الإرهابية على أسوار بغداد كادت أن تسقط العاصمة بيدها وتنهي الحكم الشيعي، لكن سرعان ما استنجدوا بأمريكا وطلبوا منها أن تنقذهم من هؤلاء.. وفعلت أمريكا مثلما طلبوا منها، حيث بعثت على جناح السرعة بطائراتها وجنودها ودقت مواقع الإرهاب الداعشي. ولولا الدعم الأمريكي لما سقطت داعش قط. لكن الطامة الكبرى أنهم دون خجل يطلبوا من أمريكا الآن مجدداً أن تخرج من العراق؟؟!!. عزيزي القارئ الكريم، بما أن هؤلاء الأشياع في سدة السلطة اليوم كانوا قبل عام 2003 على هامش الحياة، منهم من كان بياع سبح في سيدة زينب، ومنهم من كان لديه دكة لبيع الخضروات في دانمارك أو السويد، ومنهم من كان بياع كبة في لندن، والآخر مصلح مصاعد الخ بينما إدارة الدولة تحتاج إلى رجل دولة وليس إلى كيشوان من كربلاء أو نجف، أو بياع سبح، فلذا العراق وشعبه صار يعاني على أيديهم أشد معاناة، حيث أصبح كل شيء في هذا البلد شاذ وغير طبيعي، تماماً مثل ما في إيران الخرافية.

” أنكرت فضلي، وكرمي عليك، فلا بأس فإن الكرم من شيم الرجال، والنكران من صفة اللئيم”

06 01 2020

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here