قوات الحشد كذريعة لابتزاز المعترضين والمعارضين !!

بقلم مهدي قاسم

غالبا ما يلجأ خدام طوعيون من ” العراقيين ” لخدمة أهداف النظام الإيراني في العراق إلى ابتزاز المعترضين على فساد أحزاب السلطة و على هيمنة النظام الإيراني على العراق إلى تلويحة بقوات الحشد ، كذريعة ابتزاز و ترديد دائم عن أنه كيف أن هذه القوات قد حمت أعراض العراقيين من الهتك الداعشي و الخ ، طبعا ، ككلام حق يُراد به الباطل ..
ولكن هناك ثمة تهويل مقصود بقوة داعش التي اعتاد هؤلاء وأولئك تصويرها كقوة سوبرمانية قاهرة و غير قابلة للتغلب أو الهزيمة !! ، لغرض إضفاء عليها شيء من طابع أسطوري و كذلك على من سوف الانتصار عليها ..
ولكن هل حقا أن عناصر داعش الإرهابية كانت بهذه الصورة السوبرمانية الخارقة ؟ ..
أما الوقائع فتقول شيئا آخر :
تقول أن أغلب عناصر داعش المتقاطرة من كل أنحاء العالم لم يكونوا جنودا مقاتلين محترفين أو متدربين تدريبا تقنيا جيدا وعاليا و ضمن مهنية ومسلكية عسكرية انضباطية معهودة ، إنما كانوا مزيجا و خليطا من هذا و ذاك من كل شيء ما عدا مقاتلين محترفين ، حيث جاء بعضهم من ملاهي و بارات أوروبا و بعضهم الآخر خريج سجون أو متعاطي مخدرات ومتورط بأعمال عنف و سطو ، بعضهم الثالث عبارة عن رهط من عاطلين عن العمل في بلدان عربية وإسلامية وأوروبية ، و ذات أصول بلقانية و غيرها ، طبعا إلى جانب بعض آخر قليل من خريجي جامعات ذات خلفيات علمية و هندسية وطبية و حتى فنية أيضا.، و الفصيل المقاتل الوحيد فيهم والمتدرب جيدا هم كانوا من البعثيين العراقيين ضباطا و جنودا و حزبيين فقط ..
و الشيء الوحيد الذي تدربوا عليه خلال بضع ساعات أو بضعة أيام هو كيفية تفجير سيارات مفخخة أو أحزمة ناسفة و متفجرات مزروعة هناك و هناك ..
و بالمناسبة هذه الوحدات والفصائل المقاتلون و الحاملون صفة ” الانغماسيين ” هي الوحيدة التي كانت تشكل خطرا حقيقيا لكونها كانت فصائل انتحارية تنطلق بسياراتها الملغومة واحزمتها الناسفة لتفجر نفسها على جبهات العدو ، وكان يمكن مواجهتها بصواريخ مضادة أو بتقنيات أسلحة أو آلات ميكانيكية متقدمة و شلّها في مكانها مباشرة قبل وصولها إلى أهدافها ..
أما إذا سألني أحدهم :
ــ ولكن مع ذلك كيف استطاعت هذه العناصر الخليطة أن تحتل مناطق الأنبار و صلاح الدين و الموصل !..
فيكون جوابي على النحو التالي:
ــ أزللا بالمؤامرة ، لأنه حتى رهط من جنباء كان بإمكانهم احتلال هذه المدن والمحافظات على طريقة عناصر داعش الإجرامية ، إذا استسلمت فجأة عشرات آلاف من قوات الجيش و الشرطة تاركة خلفها عدتها و أسلحتها ولذت بالفرار حتى بدون إطلاقه رصاصة واحدة ،إذ فما أسهل الأمر أن تستسلم أمام المرء مدن وبلدات وكأنها حانة ومانة ليدخلها هو آمنا مؤمَّنا وبدون أية مقاومة !!.
أما بخصوص الانتصار الميداني النهائي على داعش فقد كان لطائرات التحالف الدولي الدور الحاسم و المدمر التي كانت تقصف مواقع داعش و أنفاقه و مخابئه السرية دورا مهما و كبيرا في حسم المعارك لأنها لكانت تقصف العمود الفقري لعصابات داعش ممهدة الطريق أمام قوات مكافحة الإرهاب أولا و بعد ذلك تأتي وحدات فصائل وألوية الجيش الأخرى بدباباتها و مدافعها و قذائفها وصواريخها في حسم أية معركة من المعارك حسما نهائيا و كليا ..
طبعا كل هذا لا يعني ولا ينفي الدور القتالي المهم الذي لعبته قوات الحشد الشعبي في عموم هذه المعارك ، وهو الدور الذي ثمنه الشعب العراقي ، و كذلك المجتمع الدولي أيضا تثمينا عاليا ، وهو الدور الذي لا يمكن نكرانه قطعا و بأي حال من الأحوال لأنه أصبح جزء من تاريخ العراق المعاصر ، ولكن أن يرُاد لها الآن أن تكون ذراعا إيرانيا ضاربا في العراق وعونا داعما لنشر نفوذه و تقوية هيمنته على العراق وقيام بعض تنظيماتها بقتل المتظاهرين ، لأن معظم قادته من موالي النظام الإيراني فأن هذا التوجيه أو المساعي ستُسيء إلى ذلك الدور الوطني آنذاك ، و يُفسر على أنه جاء من أجل سيطرة إيران على العراق و نشر نفوذه في كل أرجاء العراق..
أما الابتزاز الآخر بخصوص زعم أنه لولا قوات الحشد الشعبي لدخلت عناصر داعش بغداد وهتكت أعراض أكثر من سبعة ملايين عراقي و عراقية من سكان العاصمة ، فإلى جانب التأكيد على أنه كل هؤلاء الملايين إذا كانوا أو سيكونون عاجزين و خرفان أمام بضعة آلاف من دواعش محششين و أرباب سوابق وبعثيين جبناء ، فأنهم ــ أي سكان بغداد من الرجال ــ لكانوا يستحقون أن تُنتهك أعراضهم بسبب هذا الجبن والرعدنة الافتراضيين ، ولكن الأمرلم يكن كذلك فسكان بغداد كانوا مسلحين بشكل معقول ولا يوجد بيت لا توجد فيه أكثر من بندقية كلاشنكوف ( وهذا ما أكده أقربائي الذين استعدوا لمواجهة داعش مواجهة حتى الموت و ذلك دفاعا مستميتا عن أعراضهم و سلامة حياتهم ــ كما حال في ذلك حال كل ” الشيعة ” القاطنين في بغداد ـ) في حالة دخول عناصر داعش الإجرامية إلى بغداد ، هذا أولا ، أما ثانيا و كدليل على ما أقول هو فشل عنصر داعش في احتلال بلدة آمرلي لأسابيع طويلة ، حيث قاوم سكانها بأسلحة بسيطة ، مقاومة شجاعة وباسلة و شديدة حتى البعض شبهها بمدينة ستالينغراد ، قاتلوا رجالا و نساءا ، حتى إفشال محاولات اقتحام البلدة لمرات عديدة ، فكيف الأمر إذن بسكان عاصمة كبيرة وكثيفة السكان مثل بغداد حيث أغلب الرجال فيها كانوا قد خدموا في الجيش العراقي و اشتركوا في حروب و معارك بعدما أتقنوا كيفية استعمال الأسلحة بكل أنواعها و كذلك طريقة القتال بشراسة و استماتة ؟! ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here