جامع الفقير .. بالأمس إحتضن جمال جعفر ( أبو مهدي المهندس) يافعاً.. واليوم يؤبنه شهيداً

فؤاد المازني

بعيداً عن الأضواء وكاميرات الإعلام والفضائيات وتسابق المراسلين وتزاحم القيادات الحكومية والحشدية والحزبية والعشائرية ، جامع الفقير برواده وجلسائه والحريصين بالحضور فيه عند كل صلاة أقاموا مجلس عزاء لروح الشهيد القائد جمال جعفر ( أبو مهدي المهندس) .
له الحق هذا الجامع أن يقام فيه مجلساً تأبينياً بعد إستشهاد أبو مهدي المهندس فهو أحد مريديه القدامى حين كان ذلك البطل المغوار في مقتبل حياة المراهقين يسكن في هذه المنطقة التي تسمى وإلى اليوم ( البصرة القديمة) ، تحوي هذه المنطقة العديد من الجوامع وفي حينها كانت زاخرة بالمكتبات الدينية التي يطلق عليها ( مكتبة آية الله العظمى السيد الحكيم) .
كان جمال جعفر واحداً من أولئك الشباب اليافع الحريص على التواجد في هذه الجوامع ملازماً لرجال الدين والمثقفين والأكاديميين وأكثر حرصاً على أن ينهل من معين الكتب المتوفرة في تلك المكتبات العامرة بشتى الكتب وأنواعها ومجالاتها وبحورها ليصقل شخصيته الدينية الملتزمة بقالب صلد لحياته وتطلعاته كباقي الشباب من هم بعمره ويبادلونه نفس الفكرة والتطلع ، وكان يهوى التواجد في جامع الفقير لكثرة مريديه من إخوته الشباب الذين كانوا بحرصه على إكمال تعليمهم الأكاديمي من جانب وينهلون من علوم الدين والمعارف من جانب آخر ، ولم يكن هو ورفاقه يأبهون ويتخوفون من ملاحقة عيون رجال الأمن لهم في جلساتهم العلنية وحواراتهم وندواتهم التي يعقدونها في داخل المكتبة أو برواق جامع الفقير رغم صغر أعمارهم ، بل منذ ذلك الوقت جبلوا أنفسهم على النضال في سبيل إعلاء كلمة الحق والتمسك بالدين وعزة المذهب والدفاع عن الإسلام والجهاد في سبيله .
إرتحل جمال جعفر عن أروقة جامع الفقير لإكمال دراسته الأكاديمية في العاصمة بغداد وعاد بعد أن منح شهادة البكالوريوس في الهندسة وتم تعيينه في معمل الحديد والصلب في البصرة ، وكان من المواظبين على الحضور في جامع الفقير ومارس نشاطه الدعوي حتى دق ناقوس الخطر بإعتقاله من قبل زمر الأمن البعثية وضاقت به السبل في البقاء والإستمرار في مواجهة الطغمة العفلقية فغادر البصرة تاركاً بصمته وأنفاسه في أروقة جامع الفقير ومكتبته وبين طيات الكتب .
بعد عام ٢٠٠٣ عند عودته من الغربة والجهاد كانت له زيارة لهذا الجامع كونه يحتضن ذكريات لاتنسى ولا تغيب ولن تمحوها سنين الغربة ، و الحسرة تجول بالخاطر بعد أن غاب من هذا الجامع إخوة له أيام زمان فأغلبهم زجوا في السجون والمعتقلات وإعتلوا منصات الإعدام وفي المقابر الجماعية والبعض منهم تداركتهم بلدان المهجر .
اليوم جامع الفقير بمصليه ورواده أقاموا مجلس تأبيني ليحتفوا بشهيدهم الغالي جمال جعفر ( أبو مهدي المهندس ) الذي نال مرتبة الشهادة ، وله الفخر هذا الجامع رغم أنه فقير وإسمه جامع الفقير أن يتخرج منه مجاهداً مثل جمال جعفر … الرحمة والغفران لك أبا مهدي المهندس أنت وإخوتك الذين سبقوك والذين رافقوك ومن سيلتحق بركبكم ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here