الحکم الرشيد في إقليم كوردستان وآفة الإستبداد في المنطقة

من الواضح بأن الاستبداد قمعٌ ومصادرة لحرية الرأي ومنعٌ لكل أشكال الحريات وفرضٌ لأمر واقع مناقض لإنسانية الإنسان، لکنه يظل مرحلة عابرة في عمر الحضارات والشعوب و الدول، لایمکن أن یستتب و يدوم الی الأبد.

تعيش منطقة الشرق الأوسط منذ عقود من الزمن بين آفة الإستبداد و آفات الأصولية الدينية، لکننا اليوم نشهد تعمق الحراك الشعبي المدني في أكثر من بلد، بسبب إنعدام الثقة بين الحکام و المحکومين، هذا الحراك الشعبي يجلب معه تحولات جذرية، تشير حسب قراءتنا الی بدايات إنهيار الأنظمة الثیوقراطية الإستبدادية.

بالرغم من ذلك نری إرتفاع نبرة التهجم و التهديدات و إستخدام العنف المفرط من قبل تلك الأنظمة المائلة الی الإنهيار والزوال للسعي في التغلب علی التحديات التي تواجه قبضتهم علی السلطة.

فبسقوط تلك الأنظمة المستبدة تسقط نظام فکري، نظام الإنتماء للطائفة، و تكون هذا السقوط مقدمة لإعادة صياغة نظام دولي وإقليمي جديد يمهد الطريق أمام الشعوب للإنتقال الی عصر حديث ينهي السياسات الشمولية للدولة الدينية أو مسألة تثوير العوامل الأيديولوجية، ويعالج الكثير من الآفات المجتمعية الخطيرة کالفقر والبطالة وإنتشار داء المخدرات بين صفوف الشباب.

ولا شك أن الحرية الفردية جزء من بنية العصر الحديث لایمكن أن تقتطع من سياق الحريات الأساسي،. فمن أراد قبول الحرية السياسية، لابد له من إتقان لغة الاعتراف والحوار والتوسط والتعدد والمباحثة والشراكة المبادلة ورفض الإنخراط في منطق الإصطفاء والتمييز والتقوقع والعسكرة والصدام.

فيما يخص إقليم کوردستان، فأننا نری بأن القيادة الكوردستانية تمكنت بسياستها الحكيمة المتوازنة، أن تؤدي وتلعب دور رئيسي في نهضة الإقلیم من خلال بناء الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي المساهم في الإعمار والبناء، وأثبتت القدرة علی إدارة الإختلاف والتنوع بعقلية الحوار والإستيعاب وإشتغالها علی المعطی الوجودي بكل أبعاده من أجل تحويله الی أعمال وإنجازات، والواقع شاهد علی مانقول.

وکان للحکم الرشيد في الإقليم دور مهم في إدخال الديمقراطية من الباب الأمامي، بغية تأسيس الديمقراطية والتحول والتغير الديمقراطي، اللتان لا تأتيان إلا من خلال إصلاح واع و جريء.

أما إحترام التميز الفردي کفضاء إيجابي يفسح المجال للإبداع والإبتكار و يكافئ و يقدر المتفوق لتحقيق ذاته فقد أعطی المواطن الكوردستاني حقە الأخلاقي في تحقيق ذاته.

إن حب الشعب الكوردستاني لقياداتها السياسية الفاعلة والمعروفة بثبات مواقفها المبدئیة و الإلتزام بقولها يزداد بإزدياد قدرة هذه القيادات الحکيمة علی تحمل المسؤوليات وإشراك الشعب معها في إدارة الأزمات أو لعب دور في حل الأزمات الداخلية و الإقليمية.

إن استخدام هويات مغلقة وثوابت معيقة، كما تفعلها آفة الإستبداد، لبناء جدران الأنظمة السياسية المبنية علی أفكار أحادية، إستبدادية، شمولية و أصولية هو العمل علی إعادة الأنظمة الديكتاتورية المغطاة بعباءة الإيديولوجيات المقدسة لممارسة البيروقراطية المركزية الفوقية من جديد التي لا تؤمن بقواعد الشراكة والتوأمة والحماية والرعاية، فكيف بممارسة التقی والتواضع و الإعتراف والزهد.

نحن نعلم بأن الكائن العاقل يقيم في حاضره و يعيش واقعه، بقدر ما يتوجه نحو المستقبل ولايريد أن يکون أداة بيد السلطة لتعزيز عدم الاستقرار الإقليمي أو إنعدام الأمن والأمان.

فالإنفتاح والتعدد والديمقراطية، التي يؤمن بها شعب إقليم كوردستان، تفتح الفرص والآفاق أمام القوی الحية والديناميكيات الخلاقة وتؤدي الی كسر الحدود بين المجتمعات والقارات والثقافات لتنتج أخيراً نظام سياسي عصري قادر علی قيادة المجتمع نحو برّ الأمان. الدكتور سامان سوراني

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here