لتفكيك الدين وبه فتاوي سبي داعش الى الايزيديات (2)

صالح احمد الورداني
———-
ثانياً الروايات التأريخية
وهى الروايات التي تتعلق بالغزوات التي قام بها الصحابة من بعد الرسول، وقد ألصقت هذه الروايات بأشخاص الصحابة الذين شاركوا فيها العديد من الكرامات بهدف إضفاء طابع القداسة عليها..
روى الطبري عن خالد بن الوليد في خبر وقعة أليس – بلدة على الفرات- عام 12ه: فَنَادَى فِي النَّاسِ: الأَسْرَ الأَسْرَ، لا تَقْتُلُوا إِلا مَنِ امْتَنَعَ، فَأَقْبَلَتِ الْخُيُولُ بِهِمْ أَفْوَاجًا مُسْتَأْسَرِينَ يُسَاقُونَ سَوْقًا، وَقَدْ وَكَّلَ بِهِم رِجَالاً يَضْرِبُونَ أَعْنَاقَهُمْ فِي النَّهْرِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَطَلَبُوهُمُ الْغَدَ وَبَعْدَ الْغَدِ،حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى النَّهْرَيْنِ، وَمِقْدَارِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ جَوَانِبِ أُلَيْسَ فَضَرَبَ أَعْنَاقَهُمْ..
وَقَالَ لَهُ الْقَعْقَاعُ وَأَشْبَاهٌ لَهُ: لَوْ أَنَّكَ قَتَلْتَ أَهْلَ الأَرْضِ لَمْ تَجْرِ دِمَاؤُهُمْ، إِنَّ الدِّمَاءَ لا تَزِيدُ عَلَى أَنْ تَرَقْرَقَ مُنْذُ نَهَيْتَ عَنِ السَّيَلانِ، وَنُهِيَتِ الأَرْضُ عَنْ نَشْفِ الدِّمَاءِ، فَأَرْسِلْ عَلَيْهَا، الْمَاءَ تَبَرَّ يَمِينُكَ وَقَدْ كَانَ صَدَّ الْمَاءَ عَنِ النَّهْرِ فَأَعَادَهُ، فَجَرَى دَمًا عَبِيطًا فَسُمِّيَ نَهْرَ الدَّم..ِ
وَبَلَغَتْ قَتْلاهُمْ مِنْ أُلَيْسَ سَبْعِينَ أَلْفًا..
وروى ابن الأثير في الكامل حوادث العام نفسه: وَكَانَ خَالِدٌ لَمَّا بَلَغَهُ تَجَمُّعُ نَصَارَى بَكْرٍ وَغَيْرِهِمْ سَارَ إِلَيْهِمْ وَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، وَالْمُشْرِكُونَ يَزِيدُهُمْ ثُبُوتًا تَوَقُّعُهُمْ قُدُومَ بَهْمَنْ جَاذَوَيْهِ، فَصَابَرُوا الْمُسْلِمِين..َ
فَقَالَ خَالِدٌ: اللَّهُمَّ إِنْ هَزَمْتَهُمْ فَعَلَيَّ أَنْ لَا أَسْتَبْقِيَ مِنْهُمْ مَنْ أَقْدِرُ عَلَيْهِ حَتَّى أُجْرِيَ مِنْ دِمَائِهِمْ نَهْرَهُمْ ،فَانْهَزَمَتْ فَارِسُ..
فَنَادَى مُنَادِي خَالِدٍ: الْأُسَرَاءُ الْأُسَرَاءُ إِلَّا مَنِ امْتَنَعَ فَاقْتُلُوهُ،فَأَقْبَلَ بِهِمُ الْمُسْلِمُونَ أُسَرَاءَ، وَوَكَّلَ بِهِمْ مَنْ يَضْرِبُ أَعْنَاقَهُمْ يَوْمًا وَلَيْلَة..ً..
وَوَقَفَ خَالِدٌ عَلَى الطَّعَامِ وَقَالَ لِلْمُسْلِمِينَ: قَدْ نَفَّلْتُكُمُوهُ، فَتَعَشَّى بِهِ الْمُسْلِمُونَ، وَبَلَغَ عَدَدُ الْقَتْلَى سَبْعِينَ أَلْفًا..
وروى : فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ أُلَّيْسَ سَارَ إِلَى أَمْغِيشِيَّا – موضع بالعراق-، وَقِيلَ اسْمُهَا مَنِيشِيَّا، فَأَصَابُوا فِيهَا مَا لَمْ يُصِيبُوا مِثْلَهَا لِأَنَّ أَهْلَهَا أَعْجَلَهُمُ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَنْقُلُوا أَمْوَالَهُمْ وَأَثَاثَهُمْ وَكُرَاعَهُمْ وَغَيْرَ ذَلِكَ..
وَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ بِالْفَتْحِ وَمَبْلَغِ الْغَنَائِمِ وَالسَّبْيِ وَأَخْرَبَ أَمْغِيشِيَّا..
فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ أَبَا بَكْرٍ قَالَ: عَجَزَ النِّسَاءُ أَنْ يَلِدْنَ مِثْلَ خَالِد.ٍ..
وَقَاتَلَهُمُ الْمُسْلِمُونَ، فَافْتَتَحُوا الدُّورَ وَالدِّيرَاتِ وَأَكْثَرُوا الْقَتْلَ، فَنَادَى الْقِسِّيسُونَ وَالرُّهْبَانُ: يَا أَهْلَ الْقَصْرِ مَا يَقْتُلُنَا غَيْرُكُمْ، فَنَادَى أَهْلُ الْقُصُورِ الْمُسْلِمِينَ: قَدْ قَبِلْنَا وَاحِدَةً مِنْ ثَلَاثٍ، وَهِيَ إِمَّا الْإِسْلَامُ أَوِ الْجِزْيَةُ أَوِ الْمُحَارَبَةُ، فَكَفُّوا عَنْهُم..
وروى الطبري : ولما فرغ خالد من عين التمر خلف فيها عويم بْن الكاهل الأسلمي، وخرج في تعبيته التي دخل فيها العين، ولما بلغ أهل دومة مسير خالد إليهم بعثوا إلى أحزابهم،فاقتتلوا، فهزم اللَّه الجودي ووديعة على يدي خالد، وهزم عياض من يليه، وركبهم المسلمون..
وأقبل خالد على الذين أرزوا إلى الحصن فقتلهم حتى سد بهم باب الحصن، ودعا بالجودي فضرب عنقه، ودعا بالأسرى فضرب أعناقهم..
ثم طاف خالد بالباب، فلم يزل عنه حتى اقتلعه، واقتحموا عليهم، فقتلوا المقاتلة، وسبوا الشرخ ، فاشترى خالد إبنة الجودي وكانت موصوفةـ أي شديدة الجمال ـ، وأقام خالد بدومة ورد الأقرع إلى الأنبار..
وخرج خالد من العين قاصدا للمصيخ- بلد بالشام- على الإبل يجنب الخيل فلما كان تلك الساعة من ليله الموعد إتفقوا جميعا بالمصيخ، فأغاروا على الهذيل ومن معه ومن أوى إليه،وهم نائمون من ثلاثة أوجه فقتلوهم، وأفلت الهذيل في أناس قليل،وامتلأ الفضاء قتلى، فما شبهوا بهم إلا غنماً مصرعة..
وهذا أمثلة قليلة مما كان يجري في الغزوات التي أطلقوا عليها اسم الفتوحات، ومن أراد التوسع فأمامه كتب التأريخ..
ورفض مثل هذه الروايات التي تتناقض مع ثوابت الإسلام التي تقوم على العدل والرحمة والسلام يعني نفي تلك الصورة الإرهابية التي ألصقت بالإسلام..
ويعني إغلاق الباب أمام الفرق الإرهابية المعاصرة التي تستمد المشروعية منها..
لقد مثل التطبيق الخاطئ لفكرة الجهاد والغزو في تأريخ المسلمين الدافع المعنوي والمبرر الشرعي للفرق الإرهابية المعاصرة لممارسة القتل والبطش والتنكيل باسم الدين..
وجاءت الحركة الوهابية فقدمت لنا صورة جديدة من غزوات الماضي لكنها هذه المرة تركزت في المسلمين..
وقد رصد لنا إبن بشر هذه الغزوات في كتابه : عنوان المجد في تأريخ نجد..
قال : لما منَ الله بظهور هذه الدعوة وهذا الدين وإجتماع شمل المسلمين، وإشراق شمس التوحيد على أيدي الموحدين، أمر الشيخ ـ أي إبن عبد الوهاب ـ بالجهاد لمن أنكر التوحيد من أهل الإلحاد..
وكانت إتفاقية الدم الدم والهدم الهدم بين إبن سعود وإبن عبد الوهاب..
وتأريخ إبن بشر يسير على نفس منوال المؤرخين القدامى للغزوات التي أسموها فتوحات ويستخدم نفس لغتهم ومصطلحاتهم..
وقد قدمت لنا الفرق الإرهابية المعاصرة نفس الصورة التي قدمتها غزوات الصحابة وغزوات الوهابيين..
وما يلفت الإنتباه تفوق الرواية التأريخية على الرواية النبوية في دعم وتشكيل معتقد التطرف والإرهاب..
وهو ما يتضح لنا من خلال الإعتماد على الروايات التأريخية المتعلقة بإبن سبأ في تكفير الشيعة وإلصاقهم باليهود..
ومن خلال الإعتماد على الروايات المتعلقة بالغزوات وممارسات الصحابة فيها، تلك الممارسات التي بنيت عليها أحكام تتعلق بغير المسلمين الذين أطلق عليهم أهل الذمة في البلاد التي خضعت لسلطان المسلمين..
وهو ما نراه بوضوح من خلال ماسمى بالعهد العمري، وهو مجموعة من البنود وضعها عمر كأساس للتعامل مع مسيحيي الشام، وأقرها الفقهاء وإعتبروا نقضها يوجب إستباحة دمائهم وأموالهم..
ونتج عن الغزوات أيضاً العديد من الأحكام التي تتعلق بالسبي والرقيق، والتي لا تزال تزدحم بها كتب الفقه..
وَأَصْلُ ابْتِدَاءِ الرِّقِّ ” إنَّمَا يَقَعُ مِنْ السَّبْيِ..
وَالْغَنَائِمُ لَمْ تَحِلَّ إلَّا لِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ (صَ) , كَمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ، أَنَّهُ قَالَ : أُحِلَّتْ لِي الْغَنَائِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ كَانَ قَبْلَنَا..
وَجاء في الفتاوى الكبرى لإبن تيمية : الْمُسْلِمُونَ كَانُوا يَطَئُونَ ـ يجامعون ـ ذَلِكَ السَّبْيَ بِمِلْكِ الْيَمِينِ، كَمَا فِي سَبْيِ أَوْطَاسٍ، وَهُوَ مِنْ سَبْيِ هَوَازِنَ، فَإِنَّ النَّبِيَّ قَالَ فِيهِ: لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تُسْتَبْرَأَ بِحَيْضَةٍ..
وَمَشْهُورٌ بَلْ مُتَوَاتِرٌ أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ يَسْبِي الْعَرَبَ، وَكَذَلِكَ خُلَفَاؤُهُ بَعْدَهُ، كَمَا قَالَ الْأَئِمَّةُ وَغَيْرُهُمْ: سَبَى النَّبِيُّ الْعَرَبَ، وَسَبَى أَبُو بَكْرٍ بَنِي نَاجِيَةَ
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا وَقَعَتْ فِي مِلْكٍ ـ سبي ـ وَلَهَا زَوْجٌ مُقِيمٌ بِدَارِ الْحَرْبِ، أَنَّ نِكَاحَ زَوْجِهَا قَدْ انْفَسَخَ، وَحَلَّ لِمَالِكِهَا وَطْؤُهَا بَعْدَ الإسْتِبْرَاءِ، وَأَمَّا إذَا سُبِيَتْ مَعَ زَوْجِهَا فَفِيهِ نِزَاعٌ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ..
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية : يحرم على المجاهد في سبيل الله معاشرة نساء الكفار قبل أسرهن، والحكم عليهن بالرق، وتوزيعهن على المقاتلين، ولا خلاف بين الفقهاء في ذلك..
فنساء أهل الحرب قبل إسترقاقهن وتوزيعهن على المجاهدين يحرم معاشرتهن لعدم النكاح الشرعي وعدم ملك اليمين.
أما إذا ملك المجاهد نساء الكفار بعد قسمة الغنيمة، فإنه يجوز له معاشرتهن بعد إنقضاء عدتهن، لأنهن أصبحن ملك يمين..
وبهذا يتبين أن سبي نساء الكفار وإسترقاقهن عند قتال الكفار ثابت بإتفاق الفقهاء، وأن للمجاهد معاشرتهن بعد ملكهن بقسمة الغنيمة، وإنقضاء عدتهن..
وقد تم تطبيق أحكام السبي على النساء اللاتي سقطن في قبضة فرقة داعش في العراق وسوريا من المسيحيات واليزيديات وحتى من العلويات والشيعيات..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here