هل يلتزم التعليم الجامعي الأهلي بقرار تخفيض الأجور ؟!

أصدرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي / قسم الشؤون الطلابية في دائرة التعليم الجامعي الأهلي كتابها بالعدد 183 في 7 / 1 / 2020 والذي تطلب فيه م الجامعات والكليات الأهلية تنفيذ الأمر الديواني رقم 56 لسنة 2019 المتضمن تخفيض الأجور الدراسية في الجامعات والكليات والمعاهد الأهلية بنسبة 30% لما تشكل الأجور من عبئ على كاهل المواطنين بشكل عام ، ويظهر من نص الكتاب إن هناك توصيات صدرت من مجلس الوزراء بموجب الأمر الديواني أعلاه قد تضمنت مجموعة من التوصيات بضمنها تخفيض الأجور ، ويبدو إن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تتابع تطبيق التخفيض لكونها الجهة القطاعية المسؤولة عن التعليم العالي في البلاد ولأنها تملك السلطة القانونية على الجامعات والكليات الأهلية حسب بعض النصوص التي وردت في قانون التعليم العالي الأهلي رقم (25) لسنة 2016 ، فبموجب كتابها أعلاه تم الطلب من الجامعات والكليات الأهلية ( اخذ ما يقتضى وبالسرعة الممكنة وإعلامنا إجراءاتكم ليتسنى إجابة الجهات ذات العلاقة بالموضوع ) .

ورغم إن تخفيض أجور الدراسة للتعليم الأهلي كافة بنسبة 30% بات واجب التنفيذ لصدوره من جهات عليا ومختصة في الدولة إلا إن هناك الكثير ممن يبدون عدم ثقتهم من قيام جميع الكليات الأهلية بتطبيقه على المراحل كافة اعتبارا من العام الدراسي الحالي ( 2019 / 2020 ) ، وتعود تلك التحفظات لدى البعض التي نشرت بخصوصها العديد من الآراء في وسائل التواصل الاجتماعي كتعليقات على هذا القرار ، إلى إن هناك كليات لا تلتزم بكل ما تطلبه الوزارة وخصوصا ما يتعلق بالأجور حيث تتحجج بعض عماداتها بأنها دخلت بالتزامات مالية عند التهيئة للعام الدراسي الحالي لأنها بنت موازناتها التخمينية والتدفقات النقدية على كامل الأجور ولم يتم توقع تخفيضها بهذه النسبة ، ورغم إن العذر قد يبدو وجيها لدى البعض ولكنه يصطدم بحقيقة الظروف التي يمر بها العام الدراسي الحالي ، فالغالبية من الكليات الأهلية لم تباشر بالدراسة الفعلية بعد بسبب التظاهرات وحالة الاعتصام التي تشهدها بغداد والعديد من المحافظات ، ولو انتظم الطلبة بدوامهم فان العام الدراسي سيبقى غير مستقر تماما لحين اتخاذ قرار حاسم يتناسب مع التوجهات في ساحات الاعتصام مما يعني تقليل نفقات الكليات ومنها أجور المحاضرين وبعض التكاليف المتغيرة التي ترتبط بطاقات التشغيل ، لذا فإن التوصية بتخفيض ٣٠٪ ليس مجحفا وإنما واقعيا ولهذا تبناه مجلس الوزراء ، والكليات الأهلية يفترض أن تقبل بالقرار لأنه يلزم الطالب بدفع ثلثي الأجور ( بعد تخفيض الثلث ) بغض النظر عن وضع الدوام بدلا من ( الامتناع ) عن الدفع ، أما الرأي بان القرار جديد وإن ردود الأفعال بخصوصه لم تظهر بعد وبعض الكليات ربما ستحاول الالتفاف من خلال تطبيقه على المرحلة الأولى وليس لكل المراحل باعتبار إن اغلب الكليات تدعي بأنها تعاني من عسرة مالية بسبب عدم تسديد الأقساط ، فان موضوعه ومعالجته منوط بالجهة القطاعية في الدولة وهي وزارة التعليم العالي والبحث العلمي حيث إن لها صلاحيات في الإشراف لتطبيق تعليماتها وقرارات الجهات العليا في الدولة حسب ما تضمنه القانون 25 لسنة 2016 (قانون التعليم العالي الأهلي ) .

ومن حق أي مواطن أن يسأل ، إذا كانت أجور الدراسة في التعليم الجامعي الأهلي تشكل (عبئا على كاهل المواطنين بشكل عام ) حسب ما ورد في نص الأمر الديواني 56 لسنة 2019 فلماذا يتم التوسع بانتشار التعليم الأهلي في بلدنا ولماذا تم اعتماد هذه الأجور المرتفعة وتسعيرتها بيد مجلس التعليم العالي الأهلي ووزارة التعليم العالي ، حيث نصت المادة 13 من قانون التعليم الأهلي بان من صلاحيات المجلس ( رابعاً ـــ الموافقة على مقدار الأجور الدراسية السنوية المقترحة من الجامعة او الكلية او المعهد ورفعها إلى الوزارة للمصادقة عليها ) ، وفي كل الأحوال فان من الإنصاف أن تقوم الأجهزة المعنية بوزارة التعليم العالي بالتأكد من تطبيق التوصية المتعلقة بتخفيض الأجور فعلا في التعليم الاهلى للمراحل الدراسية كافة وبجانبيها الصباحي والمسائي لكونها واجبة التنفيذ ، ومن المفترض أن تبادر الوزارة بإعطاء المزيد من التخفيض لكل من التعليم المسائي الحكومي وما يسمى التعليم الموازي ( الخاص ) وأجور النفقة الخاصة في الدراسات العليا لان الجزء الأكبر من نفقات التعليم الحكومي الصباحي والمسائي بشقيها الأولية والدراسات العليا ممولة بشكل كبير من الموازنة الاتحادية ، دون أن نهمل حقيقة انخفاض نفقات التعليم الحكومي المسائي من أجور المحاضرات وغيرها ، بعد فصل الملاكات التدريسية والفنية والإدارية وجعلها بمعزل عن الملاك الصباحي إلا للضرورات القصوى مما يعني نوعا من الاستقلالية التي تخفف الكثير من النفقات بما فيها مكافآت وأجور رؤوساء الأقسام والمقررين وغيرهم من المقربين الذين كانوا يمارسون ازدواجية في استلام الرواتب والأجور وغيرها من التسميات ، ونعتقد إن من المهم تفعيل وسائل الرقابة والمتابعة والإشراف بما تتيح إمكانية التعرف على الكليات الأهلية التي لا تلتزم بالتخفيض او تقتطع اجزاءا في التنفيذ لاتخاذ الإجراءات المناسبة التي نص عليها القانون ، ومع إن الأمر ليس له علاقة مباشرة بالموضوع فان من واجب الأجهزة المعنية في الدولة أن تلتفت إلى ظاهرة انتشار التعليم الأهلي من المرحلة الابتدائية إلى الإعدادية فقد اخذ ينتشر كالسرطان ويعاني من عدم وجود معايير واضحة للأجور وضوابط في الإدارة والتنظيم ، فالعيون التي تبصر بالمجهر للتعليم الجامعي وتتابعه بكل التفاصيل يجب أن لا تغمض عن غيره من مستويات التعليم فالمصاب واحد والمتضرر هي جيوب ، إذ يفترض أن لا يكون أحدا متضررا من هذه الانتشار بحيث يكون المستفيد الحقيقي هو العراق وشعبه الكريم بعيدا عن الأهداف الربحية الجشعة وإطماع البعض .
باسل عباس خضير

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here