أنسحاب القوات الأجنبية مطلب حق يراد به باطل

ليس المهم هو في الضغط العسكري و الشعبي على القوات الأمريكية في ترك العراق و الأنسحاب منه و هذا الأمر مفروغ منه لكل المواطنيين العراقيين و الذين بودهم ان يروا بلدهم خاليآ من القوات العسكرية الأجنبية وان تكتمل السيادة على كامل الأرض و الأجواء العراقية و ان توكل مهام الدفاع عن الوطن و حماية حدوده الى القوات المسلحة العراقية فقط ولكن هل بأمكان القوات العراقية الحالية و قياداتها ان تلجم و تسيطر على الفصائل المسلحة و التي تنتهك القوانين يوميآ و تطلق صواريخها و قذائفها بأتجاه القواعد العسكرية العراقية و التي تتواجد فيها قوات عسكرية اجنبية في مهام متعددة من التدريب و التأهيل و طرق استعمال السلاح و بدعوة من الحكومة العراقية و لا تستطيع قوات الحكومة الحالية ان توقف تلك الهجمات خوفآ او تواطئآ او كلا الأمرين معآ .

لا يمكن للدولة ان تفرض قوتها و هيبتها و هناك قوات عسكرية مسلحة غير تلك الرسمية و التي تكون بأمرة الوزرات العسكرية الدفاع و الداخلية اما تلك التي لا تلتزم بأوامر الوزارات الأمنية و التي تنتهك القوانين المعمول بها فهي تكون تحت عنوان الفصائل المسلحة والتي تصنف على انها خارجة على القانون و تطبق عليها العقوبات و التي تطال عصابات الجريمة المنظمة و التي لا تختلف عن هذه الميليشيات المسلحة سوى انها تتبرقع بالشعارات و العناوين الدينية الا انها من حيث الممارسات الأجرامية فهي تماثل او حتى تتفوق على العصابات الأجرامية في ارتكاب الفظائع من الأعمال المشينة بحق ابناء الشعب العراقي المدنيين العزل .

اصرار الأحزاب و الميليشيات المسلحة على اخراج القوات الأجنبية ليس من منطلق الأستقلال الناجز و الوطنية التي ربما كانت ( صحوة ضمير متأخرة ) لكن وجود هذه القوات الأجنبية القوي يعرقل مشروع هذه الأحزاب و ميليشياتها في الأستيلاء و بشكل كامل على الحكم و كل مؤسسات الدولة و الحاقها بالمشروع الأيراني في المنطقة بأعتبار ان ( الهلال الأيراني ) المزعوم لن يكتمل و العراق ليس من ضمن خطوط هذا الهلال فكان لابد من العراق العقدة الأصعب و الشعب الشديد المراس و الصعب الأنقياد فكان لابد من كسر هذه الحلقة لكن وجود القوات الأجنبية و بالخصوص الأمريكية منها لا يمكن و من المستحيل للعراق ان يلحق بالركب الأيراني المتشكل .

في انجاح ذلك السيناريو و ربط العراق بالمحور الأيراني كان لابد من اخراج القوات الأجنبية من العراق و بما ان القوات الأمريكية تشكل العمود الفقري و الثقل الأكبر و الأنتشار الأوسع في تلك القوات وعندها بدأت التحرشات بالقواعد العسكرية العراقية و التي تضم قوات امريكية في مناوشات و استفزازات لم توقع خسائر تذكر بالجانب الأمريكي الى ان جاءت الضربة التي اودت بحياة احد المقاولين الأمريكان و حينها بدأ التوتر في تصاعد مستمر حين قصفت القوات الأمريكية قواعد و معسكرات تابعة للحشد الشعبي ذهب ضحيته العشرات من عناصر الحشد الذي لم يتأخر في الرد حين طوقت السفارة الأمريكية و محاولة اقتحامها من قبل المتظاهرين فكان الرد الأمريكي صاعقآ و غير متوقع للجميع في تلك الغارة الشهيرة و التي اودت بحياة ( الجنرال سليماني ) و القائد البارز في الحشد الشعبي ( ابو مهدي المهندس ) .

فهمت ( ايران ) الرسالة الأمريكية القوية جيدآ في ان اللعب مع الكبار باهض الثمن و كان على ايران التريث و امتصاص زخم الضربة الأمريكية الموجعة بتلك الهجمات الصاروخية الأستعراضية و التي استهدفت القواعد العسكرية العراقية بحجة تواجد قوات امريكية في تلك القواعد و التي لم تلحق تلك الهجمات أي خسائر بشرية في صفوف القوات الأمريكية لكنها الحقت اضرار و دمار بالمباني و المنشأآت في تلك القواعد العسكرية العراقية في عدوان سافر و غير مبرر في الرد على العدوان الأمريكي السافر هو الآخر و غير المبرر على الأراضي العراقية و حينها وقع العراق بين فكي كماشة الأيرانيين من جهة و الأمريكان من الجهة الأخرى في وجود حكومة عراقية هزيلة و ضعيفة لا تجرؤ سوى على الأدانة و الشجب و الأستنكار .

وفق التقسيم الجديد للمنطقة و ضمن التفاهمات غير المعلنة بين الدول الكبرى فأن ( سوريا ) سوف تكون من ( نصيب ) القطب العالمي الثاني ( روسيا ) في حين سوف يكون ( العراق ) من ( حصة ) القطب العلمي الأول و القوي ( امريكا ) و ان صحت هذه المعادلة الجديدة فأن اجبار القوات الأمريكية و دفعها بأتجاه الأنسحاب من العراق سوف لن يكون بألأمر اليسير او الهين و الذي قد تعتقد به بعض الفصائل المسلحة ( العراقية ) في انها ان هاجمت القواعد العسكرية العراقية و التي تظم قوات امريكية ببعض من تلك الصواريخ العشوائية فأن القوات الأمريكية سوف تجمع حاجياتها و اغراضها و تهرع في الفرار و الهروب من العراق .

الخطأ في حساب قوة الخصم و الأستهانة و عدم الأهتمام بالقدرات الحقيقية التي يمتلكها ( العدو ) يوصل الى هذه الأستنتاجات الخاطئة و التي تودي الى خسائر كبيرة و غير محسوبة و كان اغتيال سليماني و المهندس رسالة موجعة الى قادة الفصائل المسلحة الموالية لأيران و التي تطالب و بقوة بأنسحاب القوات الأمريكية و فسح المجال امام النفوذ الأيراني السياسي و العسكري بالأستيلاء على العراق بالكامل فأن الرسالة تلك تبين ان زعماء تلك الفصائل هم اقل اهمية و تأثيرآ من اؤلئك الذين تم قتلهم و بالتالي فأن التخلص منهم ليس بألأمر الصعب او الخطير و قد فهم اولئك القادة هذه الأشارة و حينها سوف تهدأ الأمور اكثر و عدد الصواريخ سوف يكون اقل و سوف يتبرأون من تلك الهجمات فأولئك لا يدعون الى الأستقلال و التحرير انما يريدون استبدال احتلال بآخر و محتل جديد عوضآ عن ذاك القديم .

حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here