قصة قصيرة جدا. البحث عن محلل سياسي قديم.

احمد العلي.

دخل رئيس صحيفة سياسية جديدة إلى (سوق الهرج) القديم في بغداد فصادف صديقا له يتجول في السوق باحثا، ربما، عن حاجة قديمة لا يدري ما هي. تفاجئ الصديق بوجود رئيس الصحيفة الجديدة في هذا المكان في ضحى يوم شتائي غائم وبارد جدا.

” السلام عليكم، أستاذ، اليوم هنا!”

تصافح الصديقان وأجاب رئيس الصحيفة.

” والله ابحث عن صديق قديم.”

” يبيع حاجة قديمة هنا؟”

” نعم.”

” شي بيع؟”

” يبيع صحف، مجلات، صور قديمة …”

” تعرفه من زمان؟”

” كان محلل سياسي بصحيفة قديمة وبعدين من تقاعد صار يبيع صحف ومجلات وصور قديمة هنا بسوك الهرج!”

” وتريده يشتغل عندك في صحيفتك الجديدة؟”

” نعم.”

” عجيب. أستاذ، المجال هذه الأيام مفتوح للمحللين السياسيين من كافة الأشكال والأعمار في الفضائيات العراقية والعربية، والصحف اليومية، واللقاءات والندوات، وكلها تبحث في الشأن السياسي العراقي. (حمل وشيل،) مثل ما يكولون، والكل عايش وشغلته مربحة ومطلع رزقه. ليش ما تشغل واحد منهم في صحيفتك السياسية الجديدة؟”

” لا، لا، أنا ابحث عن صديقي، محلل سياسي قديم وقدير، يمتاز بالثقافة والوعي والموضوعية والحيادية في التحليل السياسي، مستقل وعنده وجهة نظر عقلانية خاصة به، لا يميل إلى جهة دون أخرى ولا يحصر الحقيقة بهذا الطرف أو ذاك ولا يُحمِّل طرف واحد مسؤولية أية إحداث حلت وتحل بالعراق اليوم، يحجي بوجه واحد لا بعدة وجوه، بهذه الفضائية يحجي شكل يناسب توجهاتها وفي تلك الفضائية يحجي شكل يناسب توجهاتها ويقبض من هذه وتلك وبقية الفضائيات خاصة العربية!”

” وصديقك القديم هذا وين تعثر عليه هذه الأيام، هنا؟”

” ممكن اعثر عليه هنا، لذلك حضرت اليوم ابحث عنه.”

” احتمال تعثر عليه ولكن لا أحد، ربما، يقبل منه اليوم تحليله السياسي على الطريقة القديمة.”

” أحيانا الأشياء القديمة التي تُباع هنا في سوق الهرج تفرض نفسها وتكون أفضل من الأشياء الجديدة التي تُباع اليوم في المحلات الحديثة، صحيح؟”

بغداد في16/1/2020

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here