اين الموضوعية يا نبيل جاسم ؟

بقلم : احمد الصراف*

اتذكر جيداً كل حرفٍ كتبته في بحث تخرجي من كلية الاعلام والذي كان بعنوان ( الموضوعية في ادارة برامج المنظارات التلفزيونية / دراسة تحليلية لبرنامج الاتجاه المعاكس على قناة الجزيرة للفترة من ١-٢-٢٠١٥ لغاية ١-٥-٢٠١٥ ) باشراف (الدكتور عمر عناد) ذكره الله بكل خير..
فالموضوعية هي نقل الأحداث بحيادية وتجرد وبصورة متوازنة، وإعطاء كل الأطراف المعنية بالقضية مساحة لإبداء الرأي حتى يتسنى للمتلقي الحصول على كل المعلومات المتعلقة بها، وعدم إقحام الصحفي لرأيه الشخصي في المادة الخبرية.
والموضوعية الاعلامية الغائب الابرز في اللقاء التلفزيوني الذي بث على قناة دجلة الفضائية بتاريخ ٢٠/١/٢٠٢٠ بين المحاور د. نبيل جاسم وضيفه عبد الكريم خلف الناطق باسم رئيس الوزراء العراقي ، فقد ابتداء جاسم برنامجه بتقرير مستفز وصف به ضيفه شتى الاوصاف مستنداً على قاعدة ناقل الكفرِ ليس بكافرٍ ! ثم استهل برنامجه بسؤال للضيف كان السؤال يقول (( عنف مفرط قوبلت به التظاهرات في بغداد على الاقل عشرات الجرحى وعدد من الشهداء ، كل هذا لان المتظاهرين قرروا شل الحركة على طريق محمد القاسم ….. )) ، ان طريقة طرح السؤال هي متحيزة ومبنية على وجهة نظر مسبقة للمحاور والمؤسسة التي ينتمي اليها ، الطريقة الصحيحة للسؤال كانت ((ماذا حدث اليوم في سريع محمد القاسم ؟)) وبعد جواب الضيف بامكان مقدم البرنامج الاستدراك قائلاً (( وهل يستحق الامر كل هذا العنف ؟ )) فبالتالي قد طرح نفس السؤال لكن دون ان يبين لي ولكم انه يتبنى احدى الفكرتين او ينتمي الى احد الطرفين مقدماً !
كيف غاب هذا الامر عن اكاديمي واستاذ جامعي واعلامي مخضرم ؟!
التوتر الذي ساد نبيل جاسم طوال الحلقة حتى قبلها في فترة الاعداد ! فكيف تحاجج ضيفاً بفديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي لا تملك نسخة منها ! فاذا كانت متوفرة لماذا لم تقم وفريق البرنامج بتحضيرها ؟ هنا كانت خطيئة جاسم يضاف لها مطالبته بالخروج لفاصل او اعادة التقرير في بدء الحلقة لعدم جاهزية الصوت في الاتصال عبر الاقمار الصناعية ؟!
أ هكذا علمتنا المهنة شد وتشويق الجمهور باعادة تقرير مدته قرابة الثلاث دقائق مرتين خلال عشر اقل من عشر دقائق ! الا ان كادر البرنامج تلافى الموضوع باختيار الفاصل !
بالمقابل فان معرفة الضيف بالقوانين رقما وتاريخا وهدوئه مقارنه بمقدم البرنامج ” رغماختلافنا او توافقنا مع ما يقول خلف فهو يؤدي وظيفته كناطق باسم الحكومة ” مثل جانباً محرجاً اخر للمحاور الذي بدأ يكثر من هفواته بمحاسبة الناطق باسم الحكومة عن عدم وجود قانون يكفل حق التظاهرالسلمي في العراق وهو ما يتحمله مجلس النواب الذي اكتفى بما جاء في دستور جمهورية العراق لسنة 2005 اذ نصتاحكام المادة (38) منه على: (تكفل الدولة بما لا يخل بالنظام العام والآداب “حرية الاجتماع والتظاهر السلمي ” وتنظم بقانون). وظل القانون معلقاً الى وقتنا هذا مما يستوجب على المشرع العراقي سن قانون ينظم حق التظاهر والتجمع السلمي وان يتضمن رفع كافة القيود على ممارسة هذا الحق وبما يؤدي الى اعطاء الحرية الكاملة للمتظاهرين فيالتعبير عن آرائهم وتطلعاتهم المشروعة وعدم التضييق على حرية التظاهر السلمي.
فالناطق باسم رئيس الوزراء لم يؤدي سوى وظيفته وان نعته بالفاظ مثل بوق السلطة وغيرها ليس امرا موفقا ولا يكافئ احد عليه فان كان بوقا او مزمارا فكل منا بوق لافكاره وانتماءاته فهل يصح اطلاق لفظ البوق على المحاور التلفزيوني الذي يتبنى وبالتاكيد كما شرحت مسبقاً وجهة نظر المؤسسة التي ينتمي اليها ويطبل لها ؟
لم تعد الموضوعية “للاسف” حاضرة في وسطنا الاعلامي فغابت الكثير من قيم المهنة التي تربى عليها الاعلاميون الاوائل واصبح الجميع يرتجي هذا المجال لغرض الانتشار واستدراج الجمهور كماً لا نوعا بغض النظر عن توجهات هذاالجمهور الذي لا يخلو من اصابع الاتهام في هذه القضية فالمشاعر الوطنية التي تسيطر على عواطف الجمهور العراقي والتي تجعله متقلبا في احضان كل من ينادي ياعراق دون النظر الى وجه المنادي امر خطر جدا اتاح الفرصة لكل من يريد ان يركب موجة التظاهرات من سياسيين وزعماء دين واعلاميين يسيل لعابهم ليكون كل منهم بطلا قومياً في عيون الجماهير.
*كاتب ومخرج عراقي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here