مصارحة محب .. العراق ليس بحاجة للثورة .. وانما الى إنقلاب عسكري

خضير طاهر
بداية أنا من مناصري الثورة الباسلة ، وكثيرا ما أبكتني بطولات الثوار ومواقفهم الشجاعة الوطنية وتلاحمهم الإنساني ، وإذا كان يعد جهدي البسيط في الكتابة المعارضة لهذه العصابات الحاكمة والتدخل الإيراني منذ حوالي 25 عاما جهد وطنيا .. فإني مؤكد أنتمي لهذه الثورة ومن صميمها ، لكني لأدعي البطولة والنضال وأنا جالس خلف الكومبيوتر بعيدا عن العراق .
مؤكد ان الوضع حرج ونحن امام نزف الدماء وتصاعد زخم الثورة والتطلع للتغيير .. فامام هذا الإندفاع والحماسي الثوري يبدو التحليل الواقعي المعرفي نوعا من الترف لدى المجتمعات التي تعودت على الإنسياق خلف الامنيات والتفكير في النجاحات السريعة ، مع غياب مريع في حياتنا السياسية لسلطة العقل واولوية مصالح البشر والبلد … كيف يمكن إعمال المنطق والعقل والتفكير الإستراتيجي في محيط إجتماعي فكره سجين مقولات من قبيل (( الله كريم .. مشي يمعود .. لاتعقد الأمور … )) !
بصراحة محب للثوار .. العراق ليس بحاجة للثورة الشعبية .. وانما الى إنقلاب عسكري يعطل الدستور والقوانين ويحكم البلد بقبضة حديدية دكتاتورية وطنية بدعم وإشراف الولايات المتحدة الأميركية ويصبح النظام السياسي على غرار النظم الدكتاتورية في بلدان الخليج العربي ، حيث تمنع التنظيمات الحزبية والحريات السياسية كافة .. وتطلق الحريات الإجتماعية فقط .
والمبرر للإنقلاب العسكري هو ان التجربة الحزبية في العراق والوطن العربي عموما قد فشلت ، وان الاحزاب هي مصدر الفوضى والإضطرابات والإنقلابات والفساد والعمالة وخيانة البلد ليس الآن فقط ، بل منذ بدء النشاط الحزبي قبل حوالي أكثر من 70 عاما في العراق.
اما المبرر الثاني هو الفشل الذريع للديمقراطية وتحولها الى مهزلة وساحة للتزوير ووصول العناصر الجاهلة والفاسدة الإنتهازية .. وقد كان الفشل مشتركا جماهيريا من حيث الوعي ، وحزبيا بإستغلال الديمقراطية للوصول الى السلطة والمال .
ونحن عندما نطبق الديمقراطية في العراق وكافة البلاد العربية .. نخالف بديهيات مستلزمات الحياة الديمقراطية ، فالمجتعمات عندنا نظام العلاقات فيها يقوم على أساس تراتبي بصيغة ( الراعي والقطيع / السيد والخادم ) وليس وفق نظام العدالة والمساواة بين الأفراد كمفهوم إجتماعي يؤمن به الأفراد والجماعات ويدافعوا عنه ، وخلل آخر هو يغيب عن تواصل المجتمع الفكري وحوارته وتفاهماته ( الإيمان الفعلي بوجود الفروق الفردية و إحترام حق الإختلاف ، ووالتعبيرالحر عن الذات ) بل السائد في حياتنا هو قانون التطابق الفكري والسلوكي ، سواء عن طريق القوة المعنوية أو المادية حيث يتم قهر الآخر وإرغامه على التطابق وإستنساخ نفسه عن الطرف القوي أو القطيع الجماعي ، وتجنب إرتكاب جريمة ممارسة حرية الإختلاف التي يعاقب عليها المجتمع أشد العقوبات .. وطبعا هذه العيوب يُشمل بها أيضا النخب المثقفة !
وواضح ان مستلزمات الديمقراطية غير متوفرة في مجتمعاتنا ، والخطير في الأمر ، ان عدم صلاحية النظام الديمقراطية لنا ليس سببه قلة التعليم والثقافة وغياب التجارب … بل الأمرفي جوهره يعود الى طبيعة التكوين النفسي والعقلي الأصيل غير المكتسب ومحدودية القدرات البشرية.. بدليل الجاليات العراقية والعربية المهاجرة الى أوربا واميركا وكندا واستراليا فشلت في ان تصبح ديمقراطية حقيقية رغم توفر أفضل فرص التعليم والثقافة والتجارب الديمقراطية .. لكن مع هذا ظل المهاجر العربي في أعماقه متخلفا بدائيا لايحترم القوانين ولاينتمي بشرف الى بلد المهجر وفاقد للمرونة العقلية في تقبل الآخر المختلف من دون كراهية وأحقاد ، والمعوقات التكوينية الداخلية للفرد العربي والشرقي والأفريقي واللاتيني والكثيرمن الشعوب الأسيوية … تمنع هذه الشعوب من الإرتقاء الى مستوى المنطق والعقل ورؤية مصالح المجتمع والبلد والتفكير الإيجابي نحو الإستقرار والبناء .
إذن .. وبعيدا عن مقولات ان البشر خلقوا متساويين .. وان التخلف حالة تاريخية مكتسبة .. رؤيتي الشخصية المستندة الى الواقع تؤكد ان القصور التكويني لقسم من البشر هو حقيقة واقعة ، وان هذا القصور غير قابل للعلاج والإزالة ، وبالتالي فإن العراق بناءا على ماتقدم ليس بحاجة الى الثورة وتكرار التجارب الفاشلة الحزبية والديمقراطية ، وإنما الحل الواقعي هو الإنقلاب العسكري والنظام الصارم الدكتاتوري الوطني بإشراف الولايات المتحدة الأميركية .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here