عملية التنكيل و التشنيع بسائقي التك تك تنفيسا عن روحية سقيمة و صفراء

نشرت أجهزة التحقيق الجنائية  صورا ل” متهمين ” من سائقي ” التك تك ” الذين اتهموا بقطع الطريق بعرباتهم ، حيث يمسك كل واحد منهم ورقة تحتوي على بيانات  ثبوتية شخصية ، وهي ــ أي الأجهزة الأمنية ــ بهذا التصرف غير القانوني تكون قد خرقت قانون حماية البيانات الشخصية  و التي تمنع السلطات التحقيقية و الجنائية العامة و كذلك أية مؤسسة رسمية أو غير رسمية القيام بنشر أية معلومات أو بيانات شخصية لأي كان ، ومهما كان حجم  مخلفاته أو جرمه إلا بموافقة مسبقة منه ، و خاصة إن المتهم يبقى بريئا حتى تجري عملية إدانته أو براءته من قبل المحكمة ذات الصلاحية المختصة في هكذا أمر ، ولكن حتى  بعد صدور قرار الحكم وبغض النظر عن الإدانة أو البراءة لا يجوز نشر صورة و بيانات الشخص المعني بالأمر بشكل رسمي و علني و في وسائل صحفية و إعلامية ، بل لا يجوز حتى بعد إدانته ، أو بالأحرى  يمكن ذكر اسمه ولكن بالحرف الأول فقط ، و طبعا بدون صورة أو شيء من هذا القبيل ، و هذا ما لاحظناه مرارا في أثناء قراءتنا لنص قرارات الأحكام الصادرة من قبل القضاء العراقي بحق ساسة و مسؤولين  ــ من أسماك صغيرة ــ مدانين بالفساد المالي مثلا ، فكيف الأمر بنشر صورة و بيانات فتيان هم لا زالوا أحداثا صغارا دون أن يبلغوا سن الرشد ؟ ، بهذا تكون الأجهزة التحقيقية قد خرقت القانون مرتين  ، دون أن نعرف هل إن الأجهزة التحقيقية والقضائية العراقية على بينة و دراية من عدم جواز نشر بيانات و صور شخصية بالكامل و بشكل رسمي و علني لمن تتوجه ضدهم شبهات بارتكاب تجاوزات قانونية ..

 فيا ترى لماذا خرقت  الأجهزة التحقيقية مواد القانون من هذه الناحية فيما يتعلق الأمر بسائقي التك تاك  دونغيرهم بلو نشرت عن عمد وسبق إصرار بياناتهم و صورهم الشخصية ؟!.

لعلنا لا نحتاج هنا إلى ” صفنة ” طويلة وعميقة  لنعرف أن الدافع الأساسي هو سياسي بالأساس ، أي محاولة التشنيع و التسقيط بسائقي التك تك ” بهدف الانتقام منهم ، لكونهم كانوا ولا زالوا عونا وظهيرا مُعينا كبيرا للمتظاهرين ، ولا سيما من ناحية نقل المصابين والجرحى إلى المستشفيات على وجه السرعة  على متن عرباتهم ذات مرونة ومناورة بارعة في تجاوز الاختناقات المرورية حيث أن ثمة بضع دقائق أيضا لها أهمية كبيرة لإنقاذ حياتهم من الموت وكذلك على صعيد نقل الأطعمة والمأكولات إلى متظاهري ساحة التحرير ، وهو الأمر الذي أثار نقمة و سخط و غضب أحزاب سلطة الفساد  و حامي حماتها من ميليشيات إيرانية حاقدة أصلا على سائقي التك تك لنفس الدوافع و الأسباب فأرادت بهذه الطريقة اللاقانونية أن تنكّل و تشنّع بهم و ذلك تنفيسا عن شعور ضاغط و خانق بحقد و كراهية إزاء سائقي ” التك تك ” بروحية سقيمة و صفراء ..

و قد تناسى هؤلاء أن التاريخ العراقي سيذكر هؤلاء السواق بعبارات تقدير و تثمين ، بينما سينتهون هم إلى قمامة التاريخ كدمى منبوذة ومحتقرة ـــ مثلما انتهى جلاوزة بعثيون قبلهم ــ بصفتهم كأدوات قمع لسلطة الخونة و الفساد و اللصوصية المطلقة ..

مهدي قاسم

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here