مسلحون هاجموا ساحة الطيران بالرصاص الحي والبصرة تتوعد السلطات

عاد صباح امس الهدوء الى بغداد، بعد ليلتين دمويتين اسفرتا عن سقوط نحو 100 قتيل وجريح، في اشتباكات بين القوات الامنية ومحتجين، للسيطرة على طرق حيوية في وسط العاصمة، فيما حذر مقرب من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، من الاعتداء على “ثوار تشرين”.

وعلى الرغم من غزارة الامطار التي سقطت مساء اول امس، على بغداد والمدن الجنوبية، الا ان الاحداث الاخيرة تنذر بالتصعيد، خصوصا مع تحذيرات انطلقت من البصرة بعد مقتل مسعفة وجرح اخرى في احدث هجوم لمسلحين على المعتصمين في المدينة.

ولليوم الثالث على التوالي، استمر المحتجون في بغداد بقطع طريق محمد السريع، كما استمر بالمقابل المعتصمون في قطع جزء كبير من الطريق الدولي الرابط بين العاصمة والمدن الجنوبية التي توعدت بالمزيد ردا على تجاهل السلطات.

ومنذ الاثنين الماضي، صعد الحراك الشعبي اجراءاته باغلاق العديد من الجامعات والمدارس والمؤسسات الحكومية والطرق الرئيسة في بغداد ومدن وسط وجنوبي البلاد.

واتجه المتظاهرون نحو التصعيد مع انتهاء مهلة ممنوحة للسلطات للاستجابة لمطالبهم وعلى رأسها تكليف شخص مستقل ونزيه لتشكيل الحكومة المقبلة، فضلا عن محاسبة قتلة المتظاهرين والناشطين في الاحتجاجات.

وحاولت جهات مسلحة، فجر امس، اعادة “سيناريو مجزرة السنك”، بعد ان هاجمت المعتصمين في محيط ساحة التحرير.

ويغلق المتظاهرون الساحة منذ اكثر من 3 اشهر، بحماية القوات الامنية التي تنتشر بكثافة في مداخل المنطقة والشوارع المؤدية لها.

وقال علاء الساعدي، وهو احد الناشطين في بغداد لـ(المدى) امس، ان “جهات مجهولة اطلقت الرصاص الحي على المتظاهرين في ساحة الطيران وقرب سريع محمد القاسم”.

وبين الناشط، ان الهجوم، الذي نفذ بعد منتصف ليلة الثلاثاء، اسفر عن جرح “5 متظاهرين”.

وكانت مجاميع مسلحة، قدر عددها بنحو 100 شخص، هاجموا الشهر الماضي، المحتجين في منطقة السنك، ما اسفر عن مقتل وجرح نحو 80 شخصاً، فيما لم تكشف الحكومة عن هوية المهاجمين.

وشهدت العاصمة، اول امس، مصادمات عنيفة بين القوات الامنية والمتظاهرين، للسيطرة على طريق “محمد القاسم”، اسفرت عن مقتل “4 واصابة 85 متظاهرا واعتقال 36 آخرين”، بحسب مفوضية حقوق الانسان. وتوسعت بعد منتصف نهار الثلاثاء، رقعة المناطق التي سيطر عليها المحتجون في بغداد، لتشمل ساحة الاندلس، جسر ملعب الشعب، وجسر الربيعي، قبل ان تعود القوات الامنية لاستعادتها مرة اخرى.

وفي اليوم نفسه، اصيب 7 متظاهرين واعتقل 40 آخرون، اثناء تفريق القوات الامنية، تظاهرات في الدورة، جنوبي بغداد. وحاول المحتجون غلق طريق سريع الدورة، بحرق الاطارات، قبل ان تواجههم قوات مكافحة الشغب بالرصاص الحي، بحسب مقاطع فيديو بثها ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي.

وقال الناشط الساعدي، ان عددا من زملائه “اعتقلوا” اثناء ذهابهم الى المستشفيات، او زيارة جرحى آخرين.

واكد الساعدي، ان “الاجهزة الاستخباراية عادت من جديد لتنتشر في المستشفيات كما كان يجري في 25 تشرين الاول الماضي”، وهي بداية الموجة الثانية من الاحتجاجات. وكشفت مفوضية حقوق الانسان، الثلاثاء، عن سقوط نحو 250 جريحا وقتيلا، في آخر احصائية لضحايا الاحتجاجات الذين سقطوا على يد القوات الامنية، في 5 محافظات من بينها بغداد.

وكشفت مقاطع فيديو، بثها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، استخدام القوات الامنية، الرصاص الحي رغم نفي الحكومة ذلك. واظهرت تلك المقاطع، متظاهرين وهو يحملون في ايديهم عشرات الرصاصات التي سقطت في محيط ساحة التحرير، وقرب تقاطع سريع محمد القاسم، مؤكدين بانها اطلقت من قبل “قوات مكافحة الشغب”.

وعلى اثر تلك الحوادث، دعا “صالح محمد العراقي” المقرب من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، امس، متظاهري المليونية المقرر انطلاقها الجمعة المقبلة، الى عدم الاعتداء على “ثوار تشرين” ولو بكلمة، فيما اعلن براءته من “المليشيات غير المنضبطة”.

وكتب صالح محمد العراقي، رسالة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وجهها الى المتظاهرين، عنونها “انتباه ايها المتظاهرون”، قال فيها “ليس منا من يعتدي على (ثوار تشرين) ولو بكلمة فضلا عن غيرها.. ليس منا من يعتدي على الممتلكات العامة والخاصة.. ليس منا من يحمل السلاح”.

واضاف العراقي، “ليس منا من يعلن عن انتمائه العقائدي او العرقي او الطائفي او العسكري او غير ذلك.. ليس منا من يخاف المحتل.. ليس منا من يرضى بالفساد.. ليس منا من لا يريد سيادة العراق واستقلاله.. ليس منا من يريد النيل من وحدة العراق ارضا وشعبا.. ليس منا من يثير الفتن والاشاعات”.

كما شدد العراقي “ليس منا من يعتدي على القوات الامنية.. ليس منا المليشيات غير المنضبطة.. ولا نريدهم في مظاهراتنا”.

وارفق صالح محمد العراقي، منشوره بصورة لراية بيضاء خط عليها هاشتاك “سلمية”.

ومن المقرر ان تنطلق تظاهرات “مليونية” صباح الجمعة المقبلة، دعا اليها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، ودعم تلك الدعوة عدد من زعماء الفصائل المنضوية في الحشد الشعبي، للتنديد بالتواجد الاجنبي في البلاد.

ليلة المسعفات

وفي سياق احداث اليومين الماضيين، شنت القوات الامنية في بغداد ومدن الجنوب، حملة على ما يبدو، لاستهداف النساء المسعفات، اللاتي يقدمن خدمات طبية، للجرحى من المتظاهرين بشكل ميداني. واظهرت مقاطع فيديو، نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، اعتقال مسعفتين اثنتين في بغداد، اثناء محاولة القوات الامنية ابعاد المتظاهرين عن طريق محمد القاسم. وبدت في المقاطع المصورة، احدى المسعفات في بغداد، وهي تتعرض للضرب بالعصي من قبل قوات مكافحة الشغب، فيما قال ناشطون، بان “المسعفتين تم اعتقالهما من قبل القوات الامنية”.

وتفرض القوات الامنية، القريبة من ساحة التحرير وسط بغداد، حصاراً على المواد الطبية، التي تستخدم في اسعاف جرحى التظاهرات، وخصوصا مادة نورمال سلاين (محلول ملحي) التي تستخدم لازالة آثار الغاز المسيل للدموع.

بالمقابل، شيع، امس، العشرات في البصرة، المسعفة المعروفة بـ”ام جنات”، بعد ان قتلت برصاص مجهولين، قرب مواقع الاعتصام في المدينة، فيما هدد المحتجون هناك بالتصعيد.

واصيبت مع “أم جنات”، مسعفة اخرى من مواليد 2003، الى جانب 7 آخرين، لا تتجاوز اعمارهم العشرين عاما عدا اثنين من مواليد 97 و95، اصيبوا جميعهم برصاصات من مجهولين، يستقلون سيارات مدنية بدون لوحات.

و (أم جنات) تعمل (كمسعفة) في ساحة اعتصام البصرة منذ تظاهرات تشرين الاول الماضي حيث فارقت الحياة بعد فشل محاولة إسعافها إثر تلقيها إطلاقات نارية.

وعلى اثر ذلك الحادث، دشن المتظاهرون في البصرة، هاشتاك “انتظروا البصرة”، في اشارة الى اجراءات تصعيدية، خصوصا وان الحادث الاخير، هو الثالث من نوعه خلال اليومين الماضيين.

وتصدر الهاشتاك، مواقع التواصل الاجتماعي على مستوى العالم، فيما لمح ناشطون في البصرة، الى ان الاجراءات الجديدة، ستضع نهاية لمحافظ البصرة اسعد العيداني، وقائد الشرطة رشيد فليح، اللذان حملهما المحتجون مسؤولية الحادث.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here