نواب سنة: الحكم الذاتي وسيلة لإعادة بناء البلد

شيلي كيتلسون – المونيتور

في الوقت الذي تصاعدت فيه التوترات بين الولايات المتحدة وإيران في الأسابيع الأخيرة، راقب السياسيون السنة ذلك في معظم الأحيان بعناء وتعب.

فقد قاطع أعضاء البرلمان السنة والكرد جلسة برلمانية عقدت في الخامس من كانون الثاني للتصويت على قرار يحث الحكومة على إجبار القوات المسلحة الأجنبية على الخروج من العراق بعد الاحتجاج الذي أعقب هجوم طائرة أمريكية بدون طيار على مطار بغداد وأسفر عن مقتل الجنرال الايراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد أبو مهدي المهندس.

“قلنا لهم في ذلك الوقت نعم، أنتم (الأحزاب الشيعية) هي الأغلبية ونحن لا نكرهكم. لكن هل هذا هو القرار الصائب ضد الولايات المتحدة الآن؟” هذا ما قاله النائب عن الطائفة السنية في البرلمان محمد الكربولي لموقع المونيتور.

يضيف الكربولي “الان هم جميعا في إيران ويتحدثون هناك وينخرطون في مفاوضات مع إيران. ويقولون إننا نريد ببساطة أن نضع شخصا ما في مكان المهندس ومن ثم سنستعد لانتخابات أخرى.”

قبل مقتل المهندس، “كنا نتحدث لساعات يوميا عن الدستور” نتيجة لمطالب المحتجين، “بينما هناك الآن فراغ دستوري والطريقة التي يعمل بها الشيعة أنفسهم حكام البلاد ستقود البلاد إلى الانهيار”.

يشدد كربولي على الحاجة إلى ستراتيجية وراء أي قرار يتم اتخاذه وليس مجرد ردود فعل تليها ردود أفعال أقوى.

ويقول “إذا أُجبرت قوات التحالف على الرحيل، فعلينا إيجاد بدائل وعلينا أن نعرف كيف نتعامل معها” ويضيف “إذا بقيت قوات التحالف، عندها يجب أن تبقى فقط مع الصلاحيات المحددة الممنوحة لهم من قبل العراق.”

ويضيف الكربولي أن “المنطقة الغربية من الأنبار وصلاح الدين ونينوى”، وهي المحافظات التي يسكنها السنة بشكل رئيس، “هي مناطق واسعة وتحتوي على العديد من مخابئ داعش. سيكون من المستحيل” على الجيش التعامل معهم بمفرده في المستقبل “دون مساعدة خارجية”.

“لقد كان هناك اختطاف تم تسجيله قبل أيام في منطقة القائم. هاجم عناصر داعش مجموعة من المدنيين وخطفوا ثلاثة منهم. سيكون غياب الاستقرار في سوريا وفي المنطقة الأوسع مشكلة كبيرة. لقد طردنا داعش من مناطقنا من حيث الوجود ولكن العقلية ما زالت قائمة”، بحسب الكربولي.

في إشارة إلى فكرة تشكيل “منطقة سنية تتمتع بحكم ذاتي” على غرار منطقة إقليم كردستان، قال الكربولي: “من الواضح أننا نؤمن بوحدة العراق” لكنهم “يعتقدون أن منطقة الحكم الذاتي تعني تقسيم العراق. أعتقد شخصياً أنه يمكن أن تكون وسيلة لإعادة بناء البلد.” وأضاف أن الدستور العراقي يسمح بإنشاء مناطق تتمتع بالحكم الذاتي.

ويضيف “فشلت الحكومة الاتحادية في إعادة بناء البلاد وجعلها قوية مرة أخرى. لقد فشلوا منذ عام 2003 في الجنوب والوسط “والاحتجاجات الأخيرة في تلك المناطق ذات الغالبية الشيعية هي نتيجة لهذه الإخفاقات، بما في ذلك الفشل في خلق فرص العمل”، على حد قوله.

خلال المقابلة، تناول عضو البرلمان الحالي لثلاث دورات عدة قضايا مهمة خاصة في محافظة الأنبار مسقط رأسه. وتشكل الأنبار ثلث مساحة العراق تقريبا ولكنها ذات كثافة سكانية منخفضة. ويقول الكربولي انها غنية بالموارد غير المستغلة.

كما أن الأنبار هي المكان الذي تتهم فيه الجماعات المسلحة التي تدعمها إيران بارتكاب مذابح للمدنيين وحيث لا يزال هناك مطلب رئيس يتمثل في معرفة ما حدث للرجال الذين اختفوا قسراً.

يقول عضو آخر في البرلمان من الأنبار، يحيى المحمدي، وهو عضو في اللجنة القانونية في البرلمان، للمونيتور إن أحد المطالب الأساسية للسكان في مسقط رأسه في الصقلاوية هو معرفة ما حدث للرجال والصبية السنّة الذين فقدوا بعد أن فصلتهم قوات الأمن عن النساء لفحصهم عند نقطة تفتيش الرزازة أثناء المعركة ضد داعش.

يقول المحمدي إن الآلاف لم يسمعوا عنهم شيئا من جديد.

يقول المحمدى إن العديد من أصدقائه اختفوا في ذلك الوقت، بما في ذلك معلم كان قد ذهب إلى المدرسة معه، وأن الجماعات المسلحة المدعومة من إيران تُتهم بالوقوف وراء اختفائهم.

وقد شعر كل من المحمدي والكربولي بأن العراقيين السنة يشعرون أنهم يعاملون على أنهم “مواطنون من الدرجة الثانية”. هناك اختلافات بين المناطق السنية، بما في ذلك كيفية معاملتهم خلال الحرب ضد داعش.

في الأنبار، تم تدريب وتجهيز بعض وحدات التعبئة الشعبية المحلية من قبل قوات التحالف. ومع ذلك، فقد أبلغت الجماعات المقاتلة المحلية في صلاح الدين المونيتور بأنه عندما طلبوا المساعدة من الولايات المتحدة ضد داعش، لم يحصلوا عليها لتتدخل ايران بدلا عن ذلك. يزن الجبوري، الذي اشتهر على نطاق واسع بقيادة وحدة للحشد الشعبي في صلاح الدين تتلقى أسلحة من إيران وبدعم من السياسيين العراقيين المدعومين من إيران، سخر مما وصفها بأنه فكرة سخيفة من قبل السياسيين السنة للحصول على مزيد من الحكم الذاتي.

وقال للمونيتور في محادثة عبر الواتساب: “لقد حاربنا داعش بكل قوتها العسكرية وسحقنا مشروعها لإنشاء منطقة سنية”.

وقال “لا أعتقد أن بعض السياسيين من خلال لعبتهم الطفولية التي تدعمها دولة خليجية يمكن أن ينجحوا في مثل هذه اللعبة”. يزن لم يرغب في مناقشة التوترات بين الولايات المتحدة وإيران.

يقول الكربولي للمونيتور إن السنة العراقيين، بشكل عام، يفضلون سيطرة الدولة على الجيش، بينما تميل قوات الحشد الشعبي التي يقودها الشيعة نحو المزيد من المنظمات التي تشبه الميليشيات في بنيتها.

ويضيف الكربولي إن (لؤلؤة الفرات)، وهي وحدة محلية للحشد الشعبي في بلدته القائم على طول الحدود السورية، تتلقى أوامر من الجيش، “على الرغم من حصولها على التدريب والمعدات من التحالف”. ويقول إن وحدات الحشد الشعبي التي يقودها الشيعة، من ناحية أخرى، تحصل على رواتب الحكومة ولكنها لا تتلقى أوامر من الحكومة، إنهم يستمعون فقط إلى قائد جماعتهم المسلحة الأصلية، مثل المهندس عن كتائب حزب الله أو قيس الخزعلي عن عصائب أهل الحق.

ويشير الكربولي الى أنه على الرغم من أن “الشيعة هم من وضع إمكانية إنشاء مناطق حكم ذاتي في الدستور، إلا انها تتعارض مع مصالحهم الآن، لذلك يعارضونها”.

لكنه قال إن هذا (الاقليم) ربما لا يزال خيارا للمساعدة في إعادة بناء البلاد في حالة استمرار تجاهل أجزاء أخرى من الدستور.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here