غموض يلف اتفاقية الصين في خضم الأزمة العراقية .. ما علاقة إيران؟

غموض يلف اتفاقية الصين في خضم الأزمة العراقية .. ما علاقة إيران؟

تثير الاتفاقية الاقتصادية التي وقعها العراق مع الصين في نهاية سبتمبر/أيلول الماضي ، جدلاً في الأوساط السياسية والشعبية ، وسط تحذيرات أطلقها خبراء وسياسيون عراقيون بشأن إمكانية أن يقع العراق ضحية لما يعرف بفخ الدين الصيني.

وما عزز هذا الجدل، الغموض الذي شاب هذه الاتفاقية نتيجة عدم إعلان الحكومة العراقية لبنودها أو تفاصيل المشاريع التي تعتزم الشركات الصينية القيام بها في العراق.

وكانت حكومة رئيس وزراء تصريف الاعمال عادل عبد المهدي ، أبرمت في الـ25 من سبتمبر/ أيلول الماضي جملة اتفاقيات مع الصين ، تقضي بتسهيل دخول الشركات الصينية إلى العراق، لغرض العمل في مشاريع البنى التحتية والاتصالات والصناعة والأمن والطاقة.

اتفاق .. لكن الوثائق “مجهولة”

من جهتها طالبت لجنة النفط والطاقة النيابية ، مؤخرا بالحصول على نسخة من اتفاقية التفاهم المبرمة بين العراق والصين ، فيما قال رئيس اللجنة هيبت الحلبوسي في بيان، إن “هناك معلومات عن توقيع العراق أكثر من ثمانية اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع الصين تتجاوز قيمتها 500 مليار دولار للسنوات العشر القادمة”.نتيجة بحث الصور عن عادل عبدالمهدي في الصين

وأضاف في بيان ، أن ” الاتفاقية تتضمن إقراض الصين الحكومة العراقية مئات المليارات من الدولارات على شرط ضمان ورهن النفط العراقي لمدة 50 عاماً، لتسديد القرض مع الفوائد المترتبة عليه”، مشيراً إلى أن “هذه الاتفاقية ستعرّض اقتصاد العراق ومستقبل أجياله القادمة للخطر في حال ثبوت هذه البنود في الاتفاقية التي تم توقيعها”.

بدوره طالب النائب محمد إقبال الصيدلي، بإرسال نسخة من الاتفاقية، إلى أعضاء مجلس النواب للاطلاع عليها.

وقال إقبال في تغريدة عبر “تويتر” تابعتها (باسنيوز) أن “إخفاء الوثائق بهذه الطريقة، يعزز ما لدينا من التوقعات القاتمة حول هذه الاتفاقية، التي لم يطلع عليها حتى بعض الوزراء في الحكومة العراقية”.

وأضاف ” سألت عددا من وزراء الحكومة عن نسخة منها ولم تتوفر، وفي مجلس النواب لم نجد أية نسخة ايضاً ، خاصة وأن الاتفاقيات الاستيراتيجية لابد من تصويت مجلس النواب عليها لتكتسب الشرعية والشكلية القانونية، أما إخفاء الوثائق بهذه الطريقة يعزز ما لدينا من التوقعات القاتمة حول هذه الاتفاقية”.

 ما علاقة إيران؟

وتقول تقارير أميركية ، إن اتفاقية الصين ربما تمثل التفافاً على العراق والعراقيين لأنها تهدف في جزء منها إلى فك الخناق عن إيران ، وسرقة نفط العراق وتقاسمه بين إيران والصين والسياسيين والمليشيات المقربة من ايران.

ووفقا للسياسي العراقي، وزعيم حزب الحل جمال الكربولي في تدوينة تابعتها (باسنيوز) أن ” اتفاقية الصين هي خطة إنقاذ اقتصادية وضعتها دولة مجاورة وفرضتها على الحكومة العراقية من أجل تمويل اقتصاد تلك الدولة من المال العراقي بالباطن- كما تفعل منذ سنوات- ” .نتيجة بحث الصور عن عادل عبدالمهدي في الصين

وتابع، أن “هذه الدولة المجاورة تسعى بكل طاقتها لتمديد عمر حكومة تصريف الأعمال لضمان تنفيذ تلك الاتفاقية ” وفق قوله .

ويرصد مراقبون، أن أغلب القوى العراقية المقربة من إيران بدأت مؤخراً حملة على وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الإعلامية التابعة لها للترويج لأهمية الاتفاقية مع الصين والآثار الإيجابية “الجبارة” التي يمكن أن تنعكس على العراق في حال مضى قدماً في تنفيذها.

الباحث في الشأن السياسي وائل الركابي ، يرى أن ” التسويق الحاصل للاتفاقية لم يكن بشكل جيد من قبل حكومة عادل عبدالمهدي، فضلاً عن الغموض الذي يحيط مجمل بنودها، على رغم أهميتها وحجمها الضخم وتبعاتها الكبيرة، وهذا ما ولّد المخاوف لدى الشارع السياسي والشعبي، بشأنها ومخاطر تعريض الوضع الاقتصادي العراقي إلى الخطر”.

وأضاف الركابي في تصريح لـ(باسنيوز) أن “الرفض الحاصل لهذه الاتفاقية مع الصين ، سياسي أكثر مما يتعلق بجدواها ، فهناك أحزاب وجماعات لا ترضى بتحقيق منجز لرئيس الوزراء الحالي، لذلك هي تعترض على الاتفاقية بشكل مجمل، دون تحديد أماكن الخلل فيها”.

 تفاصيل الاتفاقية

ويرى مختصون، إن الحكومة لم تكن شفافة ولا واضحة في عرض الاتفاقية والأسباب التي دفعت إلى إعادة تحريكها من جديد.

لكن مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية، مظهر محمد صالح، قال إن “الاتفاقية التجارية المبرمة بين العراق والصين ستركز على تنفيذ مشاريع البنى التحتية وإعادة الإعمار في البلاد، وهي تتضمن مبادلة عائدات النفط، بتنفيذ المشاريع في العراق”، لافتا في تصريحات صحافية، إلى أن الحكومة “فتحت حسابا ائتمانياً في أحد البنوك الصينية الكبيرة لوضع عائدات النفط البالغ 100 الف برميل يومياً”.

وأوضح أن هذا الحساب “سيقوم بالصرف للشركات التي تقوم بتنفيذ المشاريع والبنى التحتية في العراق ، وإن الاتفاقية “ستركز على مشاريع البنى التحتية كالمدارس والمستشفيات والطرق والكهرباء والصرف الصحي، وسيتم تحديدها من خلال وزارة التخطيط وبالتنسيق مع مجلس الوزراء”.نتيجة بحث الصور عن عادل عبدالمهدي في الصين

ويقول مختصون إن الاتفاقية مع الصين ، بحاجة إلى مراجعات كبيرة ، وتوظيب ، بما يتلاءم مع الواقع العراقي ، ولا يمكن المضي في تلك الصيغة المعلنة حالياً من الحكومة ، حيث تضمنت جملة من الثغرات التي يجب معالجتها قبل المضي في تنفيذها.

ويرى وزير النقل الأسبق عامر عبدالجبار، إن “الاتفاقية في مجملها، جيدة، فهي ستقلل الروتين الإداري، وتبتعد عن تعليمات العقود الحكومية، وتختصر الكثير من الزمن ، والوقت ، لكن ماذا ستعمل الحكومة في حال هبطت أسعار النفط ، فليس من مصلحة العراق ، الاتفاق لمدة 20 عاماً، ومن الممكن تعديل ذلك إلى خمسة أعوام فقط “، مردفاً “أنصح الحكومة بالاستمرار على نهج الاتفاقية مع تعديلها، فهناك أشياء مخيفة ممكن أن تسبب كارثة بعد خمس سنوات”.

وأضاف، في تصريحات صحفية، أن “على الحكومة إيلاء الجانب السياسي أهمية كبيرة في مثل تلك الاتفاقية، فلا يمكن منح المشاريع كلها إلى الصين، ومن المفترض توزيع تلك العقود على الدول التي من الممكن أن تشارك في بناء العراق ، مثل الولايات المتحدة ، وهذا يحدث عادة لصنع توازن، وعدم ترجيح كفة على أخرى، وهذا بالتأكيد سينعكس على الوضع الأمني في البلاد بشكل عام”.

مذكرة تفاهم وليست اتفاقية

وكان الخبير الاقتصادي عبد الحسين المنذري، قد أكد أن العراق لم يوقع اتفاقية اقتصادية مع الصين وإنما مذكرة تفاهم فقط .

وأوضح المنذري لـ (باسنيوز)، إن «مذكرة التفاهم مع الصين وفي حال إقرارها من قبل مجلس النواب العراقي فإنها سوف تتحول إلى 8 اتفاقيات بمجالات متنوعة، بينها الطاقة والإعمار، ضمن اتفاقيات توقع مستقبلاً».

مبيناً أن « مذكرة التفاهم مع الصين عليها الكثير من الاستفهامات، ويجب أن تعلن أمام البرلمان والخبراء الاقتصاديين، ومن أهم هذه النقاط، أن نعرف مصير الموازنة الاستثمارية، فهل سوف تحال إلى الشركات الصينية للتنفيذ أم ستبقى مع الموازنة العامة للدولة في جانبها التنفيذي».

 

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here