لو كنتُ في بغداد لأشتركتُ في التظاهرة المقتدائية نكاية بأمريكا

بقلم مهدي قاسم

أجل : لو كنتُ في بغداد لاشتركتُ في التظاهرة
المليونية التي دعا إليها المهرج السيركي المعروف بتقلبات أدواره مقتدى الصدر ، طبعا كنتُ سأشترك ـ ليس انسجاما أو اتفاقا مع مقاصده ومواقفه الزئبقية والمتقلبة ، لا ابدا ، لإنني ــ و بكل بساطة ــ لستُ خروفا مدجنا ومطيعا آليا كآخرين حتى أتبع صيحة مقتدى الصدر بطيط
و طوط ! ، بل كنتُ سأفعل ذلك فقط بدافع شماتة وسخرية ، بالأحرى نكاية بالإدارة الأمريكية التي أجرمت بحق الشعب العراقي عندما اسقطت النظام الدموي السابق ، و سلمت مصير العراق بالكامل لعملاء و مرتزقة النظام الإيراني في العراق من عصابات لصوص و نصابين و قتلة بكل
دم بارد ، حتى أضحى العراق و كأنه مقاطعة من مقاطعات إيران ، نعم كنتُ سابتهج وأنا أرى ناكري الجميل هؤلاء من أتباع أصحاب الطائرات الخاصة والملياردية كيف يدوسون على العلم الأمريكي أو يحرقونه ويهتفون ضد أمريكا بنبرة تهديد ووعيد ، وهم متبجحون و مغرورون بأضواء السلطة
والقوة وبكثرة المال الهائل و المنهوب أصلا من المال العام ، فالامريكيون يستحقون أكثر من ذلك ، بسبب الجرم الكبير و الفادح الذي ارتكبوه بحق الشعب العراقي عندما خدعوه بحكاية التحرير من نظام يكتاتوري شمولي و دموي ، ليرموا العراق ، فيما بعد ، وبشكل مباشرة ، في
أحضان نظام دموي شمولي آخر لا يختلف عن الأول بشيء ، مثل النظام الإيراني الثيوقراطي الرهيب ، ليكون العراق تابعا لوصاياه ، و أن كان من خلال وكلائه و أزلامه القتلة و الفاسدين في العراق ، فهذه الجريمة التاريخية التي ارتكبها الأمريكون بحق الشعب العراقي لا يمكن غفرانها
ولا نسيانها ، لأنهم بذلك أرادوا قتل أمل التغيير الحقيقي عند الشعب العراقي ، بعدما سلطوا عليه كل هؤلاء الأوباش الآتين من كل فج عميق من عصابات اللصوصية ، ليجعلوا العراق في حالة احتضار دائم لا هو بحي ولا بميت ، ولكن ها هو القدر العراقي يصحو أخيرا ــ على غير
انتظار أو توقع ــ أجل يصحو من الصدمة ” الإسلامية “الماحقة ، على هيئة شبان و شابات و فتيان غضين ينتفضون لاستعادة العراق وطنا مخطوفا من قبل هذه العصابات ، حيث يواجهون بصدروهم العارية رصاصات الغدر وأحقاد القتلة المحترفين والمدججين بمسدسات كاتمات الصوت والمدعومين
من قبل رموز سلطة الفساد ذاتها ، لذا فإن غالبية العراقيين لا يثقون بأمريكا بعد الآن ولا يعوّلون عليها قطعا ، لكون الإدارات الأمريكية السابقة و الحالية قد غدرت بالشعب العراقي و جعلته أسير سلطة اشباه رجال من فاقدي ضمير و انعدام مبادئ و قيم اجتماعية واخلاقية ،
وهم الذين يتبجحون علنا بخيانتهم وعمالتهم للنظام الإيراني ، متهمين بعضهم بعضا باللصوصية والفشل وتعطيل حياة البلاد و العباد ..

ولكن……

يا سبحان الله !! … فكرتُ مع نفسي و
أضفتُ :

ـــ كيف اختفى فجأة و تبخر ” الطرف الثالث
” و كذلك القنّاصون ورماة القنابل الخارقة للصدور و الرؤوس وفرق الخطف السرية بحيث لم تُطلق حتى ولا رصاصة واحدة على المليونية المقتدائية إذ فما من إصابة خطيرة أو خفيفة قد حدثت بين المتظاهرين ضد أمريكا ، لأنها ــ أي المليونية المقتدائية ــ ربما كانت محمية
ومحروسة جيدا من قبل ” الطرف الثالث ” الشبحي نفسه و كذلك من قبل القناصين و فرق الخطف و التغييب الذين يطلقون ـــ بكل حماس و سرور ــ زخات الرصاصات والقنابل على المتظاهرين المطالبين بالخبز والعمل و جودة الخدمات، أننا لم نسمع هذا اليوم ــ أي البارحة ــ أو نقرأ
شيئا عن عملية اغتيال أو إصابة متظاهر من متظاهري مقتدى الصدر !!..

فشكرا لحملة كاتمات الصوت والقناصين
و فرق الخطف والاعتقال السري الشبحيين ” المقدسين ” و القادمين من الفضاء الخارجي على استراحتهم القصيرة لهذا اليوم !!..

و الفائدة الوحيدة من كل ذلك اتضح أن
“الطرف الثالث ” و القناصين وفرق الاغتيال و الخطف ليسوا من البعثيين والوهابيين ، مثلما زعمت أحزاب سلطة الفساد والخيانة و كذلك أبواقها الإعلامية والصحفية البائسة والمضحكة ، لأنهم لو كانوا كذلك فوجود المليونية المقتدائية كانت فرصة نادرة و ثيمنة للقنص و الاغتيال
و الخطف بالمئات ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here