العلاقة بين الأدب والسياسة

بقلم : شاكر فريد حسن

من نوافل القول أن هناك علاقة تفاعل جدلية بين الأديب والسياسي، وبالتالي بين الأدب والسياسة. وهذه العلاقة قائمة على قاعدة التأثر والتأثير المتبادلين، وحكمها ينسحب على مختلف المجتمعات بمختلف العصور والحقب التاريخية.

ويرى المفكر والمثقف النقدي اللبناني الدكتور حسين مروّة، الذي كشف اغتياله من القوى الطائفية الظلامية، عن جذور العلاقة بين السياسي والأدب في مجتمعنا العربي بصورته الراهنة الصارخة، أن هناك جذرًا مشتركًا يجمع بين السياسي والأديب على الصعيدين العام والخاص. والعام بنظره فهو الذي يتشكل، حيث تتشكل بينهما – من جهة أولى – وحدة في الموقع الاجتماعي وفي المنطلق الفكري والأيديولوجي، وحيث تتشكل بينهما – من جهة ثانية – علاقة تناقضية أو مجرد علاقة تمايز ضمن وحدة الانتماء الثقافي، الوطني والقومي.

في حين يرى الكاتب العراقي الراحل غائب طعمة فرمان أن الكتابة الابداعية عمومًا، بتعاملها مع الناس لدى اضطرابهم في مكان وزمان معينين وبطرحها للمسائل الانسانية وتغلغلها في مشاكل الناس وفي نظرتها للحاضر والمستقبل وبقلقها على المشروع أو مسؤوليتها الحقيقية على مصائر ابطالها.

ويذهب فرمان إلى أبعد من ذلك بقوله أن الاعمال الإبداعية كلها، وتخصيصًا الروايات، واقعة في احبولة السياسة، تشارك في ترويج هذا الاتجاه أو ذاك وتعمل لنصرة هذه الطبقة أو تلك واشاعة هذه الفلسفة أو غيرها وتبنّي هذا الرأي دون سواه.

ويتفق العديد من النقاد والدارسين والباحثين في الرأي على أن أصل العلاقة بين الأدب والسياسة في مجتمعنا العربي يعود إلى مرحلة ظهور الاسلام، الذي بدأ فيها هذا المجتمع يتخذ مساره للتشكل كمجتمع وبدأ الأدب يتخذ حركة هذا المجتمع بوصلته ومداره معًا للتغلغل في عمق المسألة الاجتماعية.

ويشكل حسان بن ثابت الانصاري، منذ أن أشهر منطوقه الشعري سلاحًا يدافع به عن الدعوة الاسلامية، التجسيد الأكثر حضورًا في ذلك التاريخ لعلاقة الأديب بالسياسي.

وبدون الاطناب والدخول في التفاصيل يمكن الاشارة إلى أنه منذ ذلك التاريخ واولئك الرجال وحتى يومنا ورجاله وشخوصه، ما زالت علاقة الأدب بالسياسة في صيرورة مجتمعنا العربي تؤكد حضورها، بقوة في دائرة وايقاع العملية الأدبية الإبداعية وتكتسب زخمًا جديدًا ودلالات متنوعة. ولا شك أن أدب المقاومة الفلسطيني هو دلالة واضحة توسع دائرة الضوء على جذور علاقة الأديب بالسياسي في المجتمع العربي في صورته الحاضرة وكينونته.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here