لو كان مصير أية انتفاضة تتوقف على تقلبات مزاج مقتدى فمن الأفضل …

بقلم مهدي قاسم

بمجرد أن أعلن صاحب المزاج الصبياني والمتقلب
الفوّار مقتدى الصدر بإنهاء علاقة أنصاره من ذوي القبعات الزرق مع المتظاهرين وطلب انسحابهم ــ كأنما أراد بذلك إعطاء إيعاز بالقبول والموافقة للقوات الأمنية و” الطرف الثالث ” الميليشاوي لضرب المتظاهرين ــ حتى بدأت حملات القتل و الحرق لخيم المتظاهرين في كل من
البصرة وفي ساحات الخلاني و السنك و ساحة التحرير في بغداد بهدف القضاء على التظاهرات و إنهائها تنفيذا لرغبة و طلب النظام الإيراني ، وقد سقط شهداء عديدون من بين صفوف المتظاهرين البواسل من جراء حملات القمع والقتل والحرق الوحشية هذه ، والتي تصورت أحزاب سلطة الفساد
واللصوصية والعمالة ، واهمة ، بأنها تستطيع القضاء هذه الانتفاضة الوطنية لا لشيء إلا لكون المهرج السيركي الرديء مقتدى الصدر قد قرر بلحظة مزاج متقلبة أن يسحب أتباعه ــ من قطيع الخراف المدجنة والمكوَّلة ــ بالاندفاع القطيعي الأعمى ــ طبعا بعد ترتيبات ميليشاوية
إيرانية في طهران ــ بسحبهم من مناطق التظاهرات ولعله هو أيضا تصوّر أن مصير المظاهرات متوقف على تقلبات مزاجه الشبيه بمزاج آنسة مراهقة ومدللة إلى حد لا تعرف ماذا تريد في النهاية بسبب كثرة دلالها الشديد و نرجسيتها المفرطة ، ولكن بفضل التدفق السريع لسكان بغداد
ــ نساء و رجالا ــ إلى ساحة التحرير تعبيرا عن تأييدهم و دعمهم ــ معنويا وماديا للمنتفضين المتظاهرين من خلال تزويدهم بالخيم والمؤون تعويضا عن التي حُرقت ودُمرت ، وقد فشلت الموجة الجديدة من الحملة القمعية لأحزاب الفساد وميايشياتها الإيرانية و التي كانت تبغي
ــ أساسا ــ إنهاء التظاهرات بأي ثمن كان حتى ولو بزهق أرواح مئات أو آلاف من المتظاهرين ، ففي النهاية لا قيمة لحياة العراقيين في نظر هذه الأحزاب و ميليشياتها الإجرامية ، إنما المهم بالنسبة لهم هو حماية مصالح النظام الإيراني في العراق و تقوية و ترسخ نفوذه السياسي
و الأمني و التجاري فحسب بعدما شبعوا امتيازات و سرقة ولوصصية للمال العام ، طبعا على حساب استمرار معاناة الشعب العراقي وعذاباته اليومية من جراء شدة الفقر و البطالة و سوء الخدمات العامة ..

و رجوعا إلى موضوعنا الأساسي فقد سبق
لي أن أشرتُ في مقالات عديدة إلى أن تظاهرات الانتفاضة التشرينية ليست عبارة عن نزو شبابية عابرة ، يقوم بها شباب ” بطرانون ” من شدة الدلال والرفاه ، مثلما في بلدان الغرب ، إنما هي جاءت مختمرة و” مستوية ” في تشكّل الوعي الوطني النقي ليحل محل الوعي الطائفي الملوث
أولا ، ولكن قبل ذلك في بوتقة المعاناة الطويلة بسبب فظاعة البطالة الطويلة والمزمنة و العوز و الحرمان و انسداد أفق الأمل في أي تحسن او إصلاح ممكنين تحت ظل حكم أحزاب الفساد واللصوصية العلنية والتخادمية الخيانية للأجندة الأجنبية ، ولكن قبل هذا و ذلك ، تلك المشروعية
الوطنية التي تنطلق منها هذه التظاهرات مستندة على دعم جماهيري واسع ومتعاطف تماما مع مطالب المتظاهرين ، ذلك الدعم الرا ئع و الذي سرعان ما يُظهر ويُقدم ، عندما تجري بين وقت وآخر محاولات تصفيتها ــ أي الانتفاضة ــ من قبل السلطة الفاسدة بغية القضاء عليها نهائيا
..

ولكي أكون منصفا فلابد من الإشارة إلى
الدعم المعنوي الذي تقدمه مرجعية السيد السيستاني الموقرة للمتظاهرين ، ليس فقط من من خلال تبني معظم مطالبهم المشروعة ، إنما عبر دعوات المطالبة بضرورة تنفيذ هذه المطالب المشروعة ، بدلا من المماطلة و التسويف و الرهان الخاسر على الوقت ، و هذا الموقف الوطني بقي
ثابتا حتى الآن ، لكونه كان ولازال نابعا من الشعور العميق بمعاناة المواطنين و كذلك من الحجم الواسع والكبيرالشاسع لانتشار مظاهر الفساد بالتوازي مع الفشل الإداري و السياسي والاقتصادي لأحزاب السلطة الكسيحة والسقيمة ، و بسبب هذا الموقف الداعم لمرجعية السيد السيستاني
أخذ بعض الموالين للنظام الإيراني بوصفها ب” الجوكرة “؟!! ( مثلما كتب أحدهم على حسابه في الفيسبوك و الذي نترفع عن ذكر اسمه لشدة تفاهته ورعونته ) و هذا يعني إنه لا شيء ” مقدس ” “ثابت عند هؤلاء الذين بالنسبة لهم أي شيء قد يكون ” مقدسا ” مرة و ” مجوكرة ” ومشبوهة
مرة أخرى ، أي وفقا لتقلبات الموقف السياسي المطلوب ..

لذا : لو كان مصير أية تظاهرة أو انتفاضة
تتوقف على تقلبات مزاج مقتدى الصدر فمن الأفضل لها أن تنتهي عاجلا على أن تُغدر بها لاحقا أو آجلا ..Image preview

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here