ثوار ذي قار قمعتهم السلطة وخذلتهم الشرطة وانتصر لهم الشعب

ذي قار / حسين العامل

شهدت محافظة ذي قار يوم الاثنين ( 27 كانون الثاني 2020 ) ويوم أمس الثلاثاء استنفاراً شعبياً واسعاً وسخاءً قل نظيره لدعم ومؤازرة المتظاهرين المعتصمين في ساحة الحبوبي وسط الناصرية ،

وذلك في أعقاب هجوم مسلح أقدمت عليه مجموعة مسلحة فتحت النار على المعتصمين وقتلت وأصابت عدداً منهم وأحرقت العديد من خيامهم في الساعات الأولى من فجر الاثنين .

وقال الناشط الحقوقي خالد هاشم خضر وهو يروي للمدى مشاهداته وانطباعاته عما حصل في ساحة الحبوبي أن ” ما حصل من هَبه شعبية واسعة لمناصرة ومؤازرة ودعم المتظاهرين الذين تعرضوا للقمع وحرق خيمهم أمر ليس بجديد على أهل الناصرية المعروفين بثوريتهم وكرمهم رغم حالة العوز والفقر الاقتصادي التي تعيشها المحافظة “، مشيراً الى أن ” سبب اتساع مساحة الدعم الشعبي للمتظاهرين هو أن الأهالي يعتبرون مطالب المتظاهرين تمثل مطالبهم وأن هتافاتهم تجسّد وجعهم وألمهم وخذلانهم وخيبة أملهم بالطبقة السياسية الحاكمة التي انتخبوها “.

وأردف أن ” حتى من لم يقدر من الأهالي على المشاركة بالتظاهرات فإن قلبه معهم “، وأضاف أن ” حرق خيام المتظاهرين جعل من الأهالي يقارنون بين واقعة الحبوبي وواقعة الطف والظلم الذي تعرض له الإمام الحسين عليه السلام لهذا هم هبوا لمناصرة المتظاهرين كونهم مظلومين من قبل سلطة حكمت الشعب على مدى 17 عاماً ولم تنصف العراقيين “.

وعن مشاهداته في ساحة الحبوبي قال خضر إن ” ما شاهدته يمثل حملة تضامنية قل نظيرها فما أن أخمد المتظاهرون وفرق الاطفاء النيران في الخيام المحترقة حتى شرع الأهالي في ساعات الفجر الأولى بتنظيف الساحة من المواد المحترقة ونصب خيم جديدة “، وأضاف ” وعند الصباح ارتأى الأهالي تعويض الخيم المحترقة واستبدالها بأبنية من الطابوق والبلوك فتبرعوا بمواد البناء من الطابوق والإسمنت والرمل وتطوع البناؤون والعمال بالبناء”.

وتابع خضر أن ” أشد ما سرّني هو تبرع النساء والفتيات والشابات بحليهن لدعم خيم الاعتصام في ساحة الحبوبي ناهيك عن تبرع الرجال والنساء بالمال ، فإحدى الشابات قدمت حليها للمعتصمين وهي تقول : ( كنت ضامتهن للعوز لكن انتم تستاهلون ) “، وأردف ” فيما كانت هناك امرأة مسنّة كنت أتصور إنها لا تقدر على حمل علاكه ( كيس صغير ) وإذا بها تحمل على رأسها حزمة كبيرة من البطانيات لغرض التبرع بها للمعتصمين وكذلك فعل ذلك رجل عجوز رأيته يحث الخطى مسرعا نحو ساحة الحبوبي حاملاً حزمة من البطانيات وحين اعترضته لأسأله عن سبب تعجله قال ( أريد أن أصل الى الساحة قبل أن يسبقني الاخرون ) “.

ومضى الناشط الحقوقي قائلاً ” كما شاهدت العديد من سيارات الحمل والستوتات وهي تطوف حول الخيام المشيدة حديثاً والقديمة لتوزع عليها الأثاث والبطانيات والمدافئ حتى أن معظم الخيم باتت لا تستوعب الأثاث وتعتذر عن قبول التبرعات”.

ومن جانبها قالت زوجتي ام علي حين عادت من زيارة بيت صديقتها ان ” بيت ام عهود رايته شبه فارغ من الافرشة والبطانيات وحين سالت عن السبب تبين انها تبرعت بكامل بطانياتها وافرشتها الجديدة للمتظاهرين”.

وكتب أحد الناشطين ويدعى سجاد ذاكر الله على صفحته الشخصية مستخدماً اللهجة الشعبية في وصف ما حدث في ساحة الحبوبي ” الخيم زاد عددها أكثر من السابق ، نصبوا خيماً جديدة والخيم صارت أحلى ، أكو ناس غارت من البناء فقامت ببناء مماثل وحتى سيراميك طبكو ، وأكو ولد كالو على باجر نبني”، وأضاف ” البطانيات والفراشات صار فائض بكل خيمة وهسه تكدر تصدر لدول الخارج”.

وأردف ذاكر الله إن ” الأعداد مليونية ، والدعم خرافي لحد هاللحظة السيارات تفتر شمحتاجين ويْحَلفون بالناس”، وأضاف ” صور الشهداء رجعن أكبر من قبل ، النفسيّة والعزيمة أكبر من قبل”.

وكتب ناشط آخر في تعليق له (إنها حملة مؤازرة قلّ نظيرها من الصباح هب المناصرون لتعويض المتظاهرين بأكثر مما فقدوا ولم تتوقف الحملة إلى المساء ، الكل يساهم شيباً وشباباً ونساء ، شيء جميل جداً يصعب وصفه”.

ومن المشاهد الاخرى في ساحة الحبوبي خرج أبناء طائفة الصابئة المندائيين في مسيرة لساحة الحبوبي وهم يحملون لافتة كتب عليها ( تعزي طائفة الصابئة المندائيين أبناء ذي قار بهذه الفاجعة المؤلمة وإراقة الدماء الطاهرة في هذه المجزرة ) وذيلوا لا فتتهم ببيت من الشعر الشعبي : ذي قار اوليداتج راحوا .. صاحوا باسمج لمن طاحوا ) . فيما وقفت أم مكلومة بجانب معرض صور شهداء تظاهرات تشرين الذي احترق جزء كبير منه وهي تبحث عن صورة ولدها الشهيد وحين عثرت على بقايا الصورة بين الرماد أخذت تنظفها بعباءتها وهي تبكي في ساحة الحبوبي على ما لحق الثوار من ظلم وأذى في حياتهم ومماتهم.

وفي ذات السياق فما أن تعرضت لافتة ثوار الناصرية الشهيرة التي تحمل عبارة “الخائفون لا يصنعون الحرية” للحرق في هجوم المليشيات على ساحة التظاهرات في ميدان الحبوبي حتى بادروا الى استبدالها في نفس اليوم ( الاثنين 27 كانون الثاني 2020 ) بلوحة أخرى تحمل نفس العبارة مضافاً لها بيت شعر شعبي “يتحدى الطغاة” ، يقول ( ندفع تربة الصبخة ونشك الكاع ، ونخضر على عناد الطغاة ورود ) وذلك للتعبير عن الإصرار والتحدي ومواجهة قبح السلطة بالجمال .

وكان ناشطون مدنيون في محافظة ذي قار ذكروا يوم الاثنين ( 27 كانون الثاني 2020 ) أن مسلحين مجهولين يستقلون أكثر من 10 سيارات بيكب وصالون هاجموا ساحة التظاهرات بالحبوبي وسط الناصرية من ثلاث محاور وفتحوا النار بكثافة وبصورة عشوائية على خيم المعتصمين ما أسفر عن سقوط خمسة أشخاص ما بين شهيد وجريح وحرق أكثر من 25 خيمة ، وفيما اتهموا جهات حزبية بتدبير الهجوم بالتواطؤ مع القوات الأمنية ، اشاروا الى أن الهجوم المليشياوي الذي يعد الثاني من نوعه خلال أسبوع كان يهدف لخلط الأوراق وتوسيع شق الخلاف بين المتظاهرين والتيار الصدري، هذا وقد توافد المئات من المواطنين الى ساحة الاعتصام بالحبوبي حال سماعهم إطلاق النار وذلك لدعم ومؤازرة المعتصمين وإخماد النيران التي اندلعت بالخيام بمساعدة فرق الدفاع المدني ، وما أن استكملوا عملية تنظيف الساحة من بقايا الخيم المحروقة حتى طافوا بالساحة وهم يهتفون ( بالروح بالدم نفديك يا عراق ) و ( خِيَمَك باچر ترجع … بالحبوبي ولا تغتاض ) وذلك لمواساة زملاؤهم وتعهدهم بإعادة بناء خيم جديدة وكذلك هتفوا ” الجادر فدوة الجادر لولادج ذي قار) و (الجادر شنهي الجادر نبني حسينيات) وفي الهتاف الأخير يعبرون عن استهانتهم بالخسائر التي تعرضوا لها من الخيام وانهم على استعداد لبناء أبنية تماثل الحسينيات التي هي أبنية من الطابوق تستخدم لاستقبال الزوار وإقامة المناسبات الدينية والاجتماعية كالفواتح.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here