لقاء صحفي مع الشيطان حول الكون والمخلوقات ومشكلة الشر

خضير طاهر
بعد القيام بإجراء عمليات قراءة الطلاسم وإشعال الشموع والبخور والحرمل .. وافق الشيطان على إجراء مقابلة صحفية معه ، وكانت المفاجأة انه على العكس مما يقال عن حبه للتواجد في المقابر والأمكنة المهجورة إختار مكان اللقاء في كافتيريا فندق خمس نجوم حيث البهرجة والفخامة وحركة النساء الحسناوات والطعام والشراب الفاخر.
لكنه رفض الظهور بشكله المادي وأصر ان يتمثل لي على شكل شبح يتكلم بصوت مسموع واضح .
سألته :
– لماذا تشعل كل هذا الخراب في الحياة وتنشر الشر ؟

* ** سؤالك ساذج متأثر بإشاعت الاديان عني وقد تجاهل السبب الأول ، من خلق الكون والمخلوقات ومن هو قادر على كل شيء وجعل الحياة تعيش بسلام وحب من خلال زرع حب الخير في نفوس البشر ومنعهم من إرتكاب أعمال الشر هو الله ، فلماذا لايفعل الأفضل لهم جعل الارض خالية من الشر .

– عزيزي الشيطان الله يريد إختبار وإمتحان طاعة وصبر البشر .. ولهذا سمح بحرية الشر ومنحك فرصة القيام بنشاطاتك التخريبية .

* ** هل هذا معقول .. ان يجعل الله البشر ألعوبة ويعرضعهم الى مختلف الصعوبات والمشاكل من أجل الإختبار والتأكد من طاعتهم .. أليس هو يعلم أسرار القلوب والنوايا ، ثم ان هذه أفعال الملوك والحكام الطغاة لإختبار نوايا أتباعهم وليس الله .. وسأضرب لك مثلا : أي أب في الكون لايمكن ان يقبل تعريض وتوريط أولاده بالمشاكل بهدف إمتحانهم ، فكيف بالخالق الرحيم المحب للبشر .

أثناء الحديث لاحظت تطاير دخان سيجارة الشيطان ، وبين فترة وأخرى كانت قنينة شراب الويسكي تتحرك لملأ الكأس الذي يرتفع في الهواء الى فمه ، وكان يحب أكل الفستق كثيرا مع المشروب .
وقلت للشيطان:

– هل مشكلتك مع الله .. أم مع الإنسان ؟

*** ليس عندي مشكلة مع الله .. لكن إعتراضي على خلق البشر ووجودهم في الحياة .. فالإنسان مخلوق لاتوجد فائدة منه ، بل هو كائن شرير .. لاحظ منذ يوم خلقه ولغاية الآن معظم أفعاله عبارة عن مشاكل وصراعات وحروب وقتل وظلم وتخريب للحياة … لهذا إعترضت على خلقه وليس رفض السجود له حسب إشاعات الأديان .. ثم إنتقم مني البشر بعد خلقهم عبر ترويج أكاذيب اني مصدر الإغواء والتحريض على الإنحرافات والإجرام والشر وأرأدوا إسقاط عيوبهم عليَ وتحميلي المسؤولية !

– ولكن إذا كان الإنسان بهذا الشكل الشرير ألم يكن يعلم به الله ولماذا لم يجعله كائنا خيرا صالحا في الحياة ؟

هذا سؤال هام قال الشيطان وواصل الكلام :

*** ثبت لي ان نظام الكون ليس قائما على إختيار الأفضل .. لاحظ الفراغ الشاسع في داخل الكواكب والنجوم والمجرات أليس هذا عبثا لامعنى له ، والتصادم والدمار الذي يحدث بين الأجرام السماوية أليس هذا خراب لا مبرر له ، والزلازل والفيضانات والأمراض في الأرض أليس هذا عذابا للبشر وتدميرا للحياة .. لماذا ترك الله إختيار الأفضل في هذه الامثلة وغيرها ؟!

ثم واصل الشيطان بغضب كلامه :

*** أنا أستغرب من قبول البشر لحياتهم .. فمامعنى ان يخلقوا لفترة من الزمن ثم يموتوا .. أين المنطق والمعنى في الخلق ثم الموت .. وكأن الأمر مجرد لعبة يتم توريط البشر في حياة لم يختاروها وتعريضهم لمختلف الصعوبات التي تصل الى مستوى البشاعة .. ثم يتم محوهم وفنائهم بمعول الموت !

وجدت كلام الشيطان مقنعا في منطقيته وواقعيته فطرحته عليه السؤال الاخير :

– ماهو رأيك في الكون بشكل عام ؟

*** رأيي ان الكون ليس له غاية منطقية … فهو عشوائي عبثي محكوم بالشر والخراب .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here