لماذ لجأ مقتدى الصدر الى ايران؟ القسم الثاني

سيف الحربي (معارض سعودي)

عندما وجد الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر ان العراق يقع بين نفوذين يتصارعان (ايران والسعودية) وجد الفرصة سانحة لطرح نفسه كنقطة توازن لمنع الصراع بينهما فيحقق بذلك مكسباً وطنيا يُترجم الى استقرار، ومكسباً شخصيا يُترجم رصيداً يصرفه في السلطة اضافة الى رصيد القوة العسكرية .

دخل مقتدى الصدر في علاقة زواج سياسي مع السعودية بعد زواجه الاول من ايران. كان الصدر يريد ان يجمع الزوجتين تحت عباءته مستفيداً من صبر الزوجة الاولى المعتادة على حياكة السجاد، والصابرة على الشدائد حتى يأتي الفرج.

وذهب الصدر الى السعودية يخطب ودها وهي تعلم بزواجه الاول، لكنها واثقة من قدرتها على اقناعه بطلاق ضرّتها بعد ان يشم ما عُرف لاحقاً بـ”البخور السعودي”.

ومضى شهر العسل مع الزوجة السعودية وكادت ان تلد له طفلاً حملت به في انقرة في ايار 2009 حيث انعقد مؤتمر التيار الصدري ونسجت المخابرات السعودية وشركاؤها خيوط العلاقة مع شريحة من التيار الصدري لاستخدامه لاحقاً لتنفيد مهمة القضاء على النفوذ الايراني المتنامي في العراق، أوالقضاء عليه اذا انحاز اليه.

لكن احداثاً جرت اشعرت الصدر بالخطر من تحالفه مع بن سلمان، بدأت بإعدام المرجع الشيعي السعودي نمر النمر في الثاني من يناير عام 2016 على اثر احتجاجات الشيعة في القطيف، حيث بدأ القلق يتسرب الى قلب مقتدى الصدر عندما استقبله ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في غرفة متواضعة بعد ان كان يُستقبل في القصر الملكي عندما كان يزور الملك عبد الله. ثم تطور الشك عندما تمت تصفية المعارض السعودي جمال خاشقجي وتقطيعه بالمنشار ثم حرق جثته وتحويلها الى رماد، ولم يكن الخاشقجي الا معارض رأي يشترك مع بن سلمان في المذهب والوطن، مما جعل مقتدى الصدر المختلف مع بن سلمان في المذهب والوطن يفكر بمصيره لو لم يلبِّ رغبات الامير الشاب في الساحة العراقية.

ويقال ان الصدر لمس نشاطاً مريباً لبعض انصاره الذين حضروا مؤتمر انقرة عام 2016 مما جعله يعيد ترتيب مواقع المقربين منه، حيث شهدت تلك الفترة اختفاء – وربما هروب- بعض الاشخاص من الدائرة القريبة جداً منه، قيل ان اسبابها خلافات مالية، لكن الارجح انها تغطية على السبب الحقيقي الذي هو الارتياب في الولاء، أو اكتشاف الخيانة، لأن المكاسب المالية للمقربين تزداد بالبقاء معه، لا بالفرار منه.

ثم حدث ما كان يخشاه الصدر من ان تدس له الزوجة السعودية السم للتخلص منه بعد ان يأست من طلاقه من حائكة السجاد

فقد تعرض منزله في الحنانة في السابع من تشرين الثاني يناير 2019 الى هجوم بقذيفة هاون نفذ بواسطة طائرة من دون طيار سقطت على الجدار الخارجي لمنزله، ففهم الرسالة التي جاءت بعد رفضه المستمر للتعليمات السعودية الخاصة بدوره في المظاهرات المطلبية في العراق

هنا كانت المخابرات الايرانية حاضرة لتمد له حبل النجاة وترتّب له على عجل رحلة تنقذه من محاولة الاغتيال التي كان المخطط ان تلقى فيه المسؤولية على انصار المرجع الشيعي علي السيستاني او على ايران بهدف اشعال حرب داخلية شيعية تخدم الاجندة السعودية وتصل بالمظاهرات الى الهدف المطلوب بسرعة قياسية.

بانتقال الصدر الى قم كشف عن حقيقة دوره في المظاهرات المطلبية وظهر انه كان يعد هذا الدور كهدية ترضية وعربون وفاء لمن انقذت حياته واستقبلته في قم وهي تقول:

نقّل فؤادك ما استطعت من الهوى

ما الحب الا للحبيب الاوّلِ

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here