يجب أن تكون محافظات الوسط والجنوب في مقدمة عمليات الإعمار في مرحلة التغيير القادمة

بقلم مهدي قاسم

بعد انتصار الانتفاضة التشرينية المجيدة و كنس الزبالات
الفاسدة أحزابا و أشخاصا إلى قمامة التاريخ ، و تشكيل حكومة خلية العمل النشطة والنزيهة والمستقلة عن كل الوصاية الخارجية ـ، يجب و ينبغي بالضرورة إيلاء جل الاهتمام المرّكز و كأوليات مهمات الحكومة القادمة ، على وضع برامج و خطط قصيرة وبعيدة المدى لتطوير وتحديث
محافظات وسط و جنوب العراق أولا لكونها كانت مهملة أصلا من قبل النظام السابق و ثانيا زاد هذا الإهمال وتفاقم بعد سيطرة أحزاب الإسلام السياسي ” الشيعية والسنية ” ولصوصها الجشعين على موارد البلاد نهبا وسرقة واختلاسا ، وهو الأمر الذي سوف يتطلب إعادة تأهيل البنى
التحتية وباقي مرافق الدولة المهترئة والخرِبة في هذه المحافظات من خلال القيام بإصلاحها وتحديثها وفقا لأفضل شروط ومستلزمات التطوير التقنية والخدمية العصرية لتكون قادرة على تقديم أحسن الخدمات للمواطنين سواء من ناحية توفير المياه الصالحة والعذبة للشرب البشري
و زيادة خدمات الطاقة الكهربائية نحو الاكتفاء الذاتي ، و بناء مدارس وجامعات ومختبرات و مستوصفات ومستشفيات ذات أجهزة طبية متقدمة توفر أفضل علاج للمواطنين ، بديلا عن المدارس و المستشفيات القديمة المنخورة والمهترئة جدا ، إلى جانب تطوير قطّاعي الصناعة والزراعة
والثروة المائية ، سيما من ناحية إعادة الحياة و الإنتاج إلى المعامل والمصانع التي كانت ذات إنتاجية جيدة و تفي بحاجات البلد بنسبة كبيرة والتي أُغلقت بشكل احتيالي بهدف فتح الأسواق العراقية أمام سلع ومنتوجات دول الجوار ..

ومن الواضح أن أعمال التعمير والتحديث و التطوير ستخلق
مجالات وفرص عمل لعشرات آلاف من الشباب العاطلين عن العمل ، و كتحصيل حاصل ستخفّض من نسبة البطالة إلى حد كبير.

و ربما أن أحدا من القراء الكرام سيسأل مستغربا أنه :

ــ لماذا يجب أن تأخذ محافظات الوسط والجنوب وحدها فقط
الأولوية والصدارة في عمليات البناء و الإعمار و التحديث و التطويرفي المرحلة القادمة ؟

فسيكون جوابي على النحو التالي :

ــ لأن هذه المحافظات كانت مهملة أصلا من قبل النظام السابق
، فيكفي أن نقارن بين المدارس في هذه المحافظات والتي كانت و لازالت ــ في أغلبها ــ عبارة عن مدارس طينية شبه متداعية ، و حيث قسم منها بلا سقوف ودون أبواب أو نوافذ وبعضها الآخر حتى بلا مقاعد لجلوس التلاميذ و الطلبة ، لو نقارنها بمدارس في المناطق الغربية و الإقليم
ــ على سبيل المثال وليس الحصر ــ و ذات بنايات حديثة ومزودة بمستلزمات أثاث ووسائل تعليمية جيدة ومعقولة أخرى ، لوجدنا الفارق كبيرا جدا و حتى غير قابلة للمقارنة في قسم منها ، هذا دون الحديث عن تبليط شبكات الشوارع و الطرق و غير ذلك من بنى تحتية ومرافق الدولة
الأخرى ، إذ يبدو الفارق كبيرا حقا ومجحفا فعلا !، والذي كان من المفروض أن تنتهي هذه الفوارق الكبيرة بعد سقوط النظام السابق من خلال قيام ساسة وزعماء أحزاب الإسلام السياسي الشيعية المسيطرة على مصادر السلطة والمال و النفوذ بعمليات تطوير وتحديث واسعة لمناطقهم
ومحافظاتهم وبلداتهم و قراهم التي يبدو بعض منها و كأنها هياكل بدائية ، إلا أن الجشع الضبعي الذي استوطن قلوبهم وأرواحهم المنحطة ، جعلهم يركزّون جل اهتمامهم على اللصوصية والسرقات المنظمة في مقابل إهمال عملية إعادة تأهيل وتطوير هذه المحافظات إهمالا تاما و كاملا
..

بطبيعة الحال عندما ندعو إلى أولويات البناء والتعمير والتطوير
لمحافظات الوسط والجنوب فذلك لايعني قطعا إهمال باقي مدن والمحافظات العراقية الأخرى ..

هذا و فضلا عن أن أبناء الوسط والجنوب ،هم وحدهم ، الذين
يواجهون بصدورهم العارية رصاصات أزلام النظام الإيراني في العراق ليقدموا حتى الآن أكثرمن 700 متظاهرا شهيدا و عشرات آلاف من الجرحى والمعوقين ، إضافة إلى آلاف أخر من المعتقلين الذين يتعرضون لشتى عمليات تعذيب ، وحتى الاعتداء على شرف بعضهم الآخر أحيانا، بكل أساليب
بعثية مستجدة و متفتقة في ذهنيات هذه الميليشيات الفاشية التي تستعيرأساليب البعث الوحشية في قمع المتظاهرين بكل مهارة و اتقان !!، ولكن في مقابل ذلك نرى أبناء المحافظات الغربية والموصل والشمال الأخرى يتفرجون بلا مبالاة وعدم اكتراث و كأن هذه التظاهرات تجري في
جزر القمر وبلدات الهنود الحمر!!..

يقول مثل إنكليزي ما معناه :

” يجب دفع الثمن مقابل المتعة والاستمتاع ” ..

فهاهم أبناء الوسط والجنوب يدفعون ثمنا غاليا ، بل أعز
ما يملكون ، إلا وهو حياتهم الشبابية الغضة والنضرة ، من أجل أن يتمتع أبناء العراق جميعا بحياة مريحة و كريمة ومرفّهة ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here