التطبيع او التعامل معالكيان باي شكل من الأشكال وعلى أي مستوى هو خيانة عظمى.

أ.د.سلمان لطيف الياسري

انطلق الدخان الأسود من سقف البيت الأبيض، حارقا كل ما تحته من آمال، في الوصول إلى سلام عادل وشامل، بين الفلسطينيين والإسرائيليين. فبعد ما يقرب من 45 عاما من المحادثات والاتفاقات التي شاركت بها بعض الدول العربية، إلا أن نتائجها كانت متواضعة. لقد كان منظرا معيبا عندما وقف ترامب رئيس أعظم دولة في العالم، في مؤتمره الصحفي في البيت الأبيض يوم الثلاثاء الماضي، وإلى جانبه نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل، الذي أملي على ترامب إرادته ورغبته، في تحقيق مصالح وأمن إسرائيل.
صحيح أنه تم الإعلان في المؤتمر الصحفي عن حل الدولتين كما طالب به العرب. ولكن الدولة الفلسطينية المقترحة ظهرت كدولة شكلية منزوعة الدسم، تحمل المواصفات المعلنة التالية : لا سيادة للسلطة الفلسطينية على أراضيها، مناطق الحدود والمعابر تحت السيطرة الإسرائيلية، لا جيش ولا مطار ولا تواصل بين أجزاء الدولة الفلسطينية إلا من خلال الجسور والأنفاق، قضايا الأمن تتولاها إسرائيل، القدس عاصمة موحدة لإسرائيل، ولا عاصمة لفلسطين في القدس الشرقية، لا سيطرة للفلسطينيين على المستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية، لا اعتراف بحق اللاجئين الفلسطينيين، ضرورة الاعتراف بيهودية الدولة. فهل يمكن بعد فرض هذه المواصفات، وصناعة هذا الأرخبيل الهش متقطع الأوصال، أن يشكل دولة فلسطينية مستقلة ؟ لقد كانت ردود أفعال الدول العربية بما فيها السلطة الفلسطينية، تجاه هذه الصفقة المشؤومة دون المستوى المطلوب. فبعضها وافق على الصفقة بلا تحفظ، والبعض الآخر أصدر بيانات خجولة وغامضة، تدعو إلى التروي ودراسة المقترحات الواردة في الصفقة. أما بالنسبة للسلطة الفلسطينية، فقد أعلن رئيسها محمود عباس رفضه لها، كما جرى من رفض قرارات سابقة، ولكنه بقي متربعا على كرسي الرئاسة.
كان من الأولى بالدول العربية لو صدقت النوايا، أن ترفض الصفقة من حيث المبدأ، وأن تدعو لعقد مؤتمر قمة طارئ، لبحث خطة الردّ على هذه الصفقة السيئة، التي تجاهلت الحقوق العربية والفلسطينية. وأن تعمل على إعادة النظر بالاتفاقيات المعقودة مع الإسرائيليين، ومحاولة إيجاد حلفاء جدد بعد فشل الصداقة مع الحليف الأمريكي. كان على الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن يخلط أوراق اللعبة ويقدم استقالته فورا، وتشكيل رئاسة سلطة فلسطينية جديدة، تعمل على توحيد الفصائل الفلسطينية، وتنتهج سياسة أخرى تتحول بها إلى المقاومة المسلحة. لأن سياسة المقاومة السلمية التي اتبعها سيادته طيلة العقدين الماضيين، كانت وبالا على القضية وعلى الشعب الفلسطيني. ولنا في الانتفاضات الفلسطينية السابقة، التي أقضت مضاجع الإسرائيليين، دروسا وعبر يمكن الاقتداء بها.
لقد جُرّبت كل الحلول السلمية، منذ عقد السبعينات وحتى الآن، ابتداء باتفاقية كامب ديفد مع مصر، ومرورا بمحادثات مدريد مع الأردنيين والفلسطينيين، وباتفاقية أوسلو مع الفلسطينيين منفردين، وأخيرا باتفاقية وادي عربة مع الأردنيين. وهذه جميعها كانت مصحوبة بوعود السمن والعسل على الأمة العربية. إلاّ أنها حصادها كان فشلا ذريعا ومضيعة للجهد والوقت. ورغم الاعتراضات التي كان يبديها بعض السياسيين والناشطين الوطنيين، عن عبثية تلك المحادثات والاتفاقيات، إلاّ أن المسئولين المعنيين، اتهموا أصحابها بالجهل ومحاولة تخريب مسيرة السلام. ثم ردوا على تلك الاتهامات بلاءات متكررة ورفض القاطع لادعاءاتهم. وها نحن نقطف نتائجها المحزنة. في هذه الصفقة الخطيرة والتي جرى التحذير منها مرارا في السابق، قدمها الرئيس الأمريكي اليوم للعرب، على طبق إسرائيلي يحمل القهر والظلم. وهنا أتساءل : ماذا بقي لأمتنا العربية، وكيف يمكن أن تدافع عن حقوقها وكرامتها، بعد كل ما مارسته الولايات المتحدة الأمريكية ضدها عبر عقود ؟ أعتقد أنه لم يبقَ علينا كعرب، إلاّ الاعتماد على الذات، والقرار على أي من الطريقين سنسلك ؟ طريق الاستسلام للقدر وانتظار ما يفرضه علينا الآخرون، أم الثأر لكرامتنا وانتزاع حقوقنا، من خلال توحيد جهودنا، وإطلاق عمليات المقاومة الفعّالة داخل الأرض المحتلة، ضد عدو متغطرس لا يعرف إلاّ لغة القوة. وهذا ما فعلته الشعوب الحية، فحققت حريتها ونالت استقلالها.
فصفقة القرن تكشف انها تتضمن عنوانا” خادعا” لكي تتخفى حتى تتمدد اسرائيل على كل فلسطين والقدس والأقصى وترحيل الفلسطينيين إلى أراضي عربية مجاورة والممول للبنية التحتية ورشوة الفلسطينيين . معنى دلك أن اسرائيل بدأت بقرار التقسيم والحصول على نصف فلسطين وينتهي مشروعها بكل فلسطين والهيمنة على المنطقة وتغيير هوية المنطقة من العربية الى الصهيونية.
وأخيرا أعلن ترامب يوم 28 يناير 2020 في مؤتمر صحفي في البيت الأبيض مع نتانياهو ماسمي إعلاميا ورسميا بصفقة القرن والتي تصفي القضية الفلسطينية وتنتهك ميثاق الأمم المتحدة وقراراتها تحت مزاعم االسلام والازدهار.وكلمة الصفقة سيئة السمعة والغريب أنها تتم بين ترامب ونتانياهو وبعض العرب نيابة عن الفلسطينيين ولوح ترامب بأنه سيفرضها بالقوة. وهذه المؤامرة تعطب كل شيء لإسرائيل وتحرم الفلسطينيين من كل شيء وتدخل العرق الفلسطيني متحف التاريخ.وقد رحبت مصر والسعودية بالصفقة بينما رفضها كل الأطراف الفلسطينية وايران في مفارقة واضحة بين الموقف العربي والإيراني. ولاشك أن ترمب يعلن ماتم التفاهم عليه بين كل الأطراف ماعدا فلسطين سرا طوال السنوات الماضية كما أن توقيت الإعلان مرنبط بظروف كل من ترامب ونتانياهوالداخلية وتوطئة الأوضاع العربية ولذلك عبر نتانياهو عن امتنانه لترامب واعتبره الرئيس الأكثر خدمة لإسرائيل. ومادام الإعلان سيعقبه اجراءات تنفيذه كماتم بالفعل تنفيذ بعض بنودها فلن يجدي الشجب وانما لابد من دراسة خطوات محددة للتصدي لهذه المؤامرة.
ومعنى دلك ايضا” أن الدول المجاورة لفلسطين والتي كانت تعرف بدول الطوق او دول المواجهة قد تحولت الى دول داعمة لضياع فلسطين وبالطبع اعتمدت هده الصفقة على زيادة معاناة الفلسطينيين وتجويعهم وقهرهم حتي يضطروا الي التخلص من هده الحالة بترحيلهم وتحقيق الأزدهار لهم مقابل التخلي عن حقوقهم السياسية في فلسطين وحق عودة اللاجئين والغاء قرارات الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين وذلك كله تحت أوهام السلام الأمريكي وهو سلام زائف من قوة عظمى بدأت بأنتهاء قرارات الأمم المتحدة في فلسطين وتتبنى خطة اخراج الفلسطينيين من ارضهم في جولة نهائية لنزوحهم و قطع الصلة بينهم و بين فلسطين حتى تتمكن اسرائيل من استقدام يهود العالم والاستقرار في كل فلسطين.
هده المعلومات تسربت بصرف النظر عن التفاصيل التي تم تسريبها لصحيفة اسرائيل اليوم القريبة من رئيس الوزراء الاسرائيلي ومن الواضح من هده الصحيفة انها تم الأتفاق عليها بين المتأمرين على القضية الفلسطينية والذين ليس لهم حق التصرف في فلسطين ولذلك يجب وضع خطة التصدي لهذه الهجمة الصهيونية التي تسعى الى القضاء على الهوية العربية وعلى جزء هام من الجسد العربي وهو فلسطين لصالح مجموعة من اليهود الدين استخدموا اداه للمؤامرة ولا علاقة لهم بالمنطقة في الماضي والحاضر ولا مستقبل لهم فيها وقد اتيح لأسرائيل فرصة كبيرة من خلال كافة محاولات التسوية ولكنها اصرت على انتزاع كل فلسطين وطرد اهلها منها.
اساسيات الموقف المطلوب لفلسطين:
اولا”: المطالبة بكل فلسطين وطنا” للفلسطنيين وأن قرار التقسيم كان خدعة والتفافا وتخديرا للعرب و الفلسطينيين.
ثانيا”: رفض كل وساطة لا تنطوي على هدا الأساس فقد استنفدت الفرصة وأن اسرائيل بالتواطؤ مع دول عربية و القوة الغاشمة الأمريكية تريد انتزاع فلسطين كما فرضت تقسيم فلسطين.
ثالثا”: أن أى تسوية لا بد أن تتضمن حق الفلسطينيين بأقامة دولتهم المستقلة على ارضهم و مقاومة اى محاولة لطردهم من اراضيهم و تفعيل القرارات الدولية بما فيها محكمة العدل الدولية الخاصة بالجدار الاستعمارى والاصرار على حق اللاجئين فى الحماية الدولية والاغاثة وحقهم فى العودة إلى وطنهم وبيوتهم وفقا لقرار الجمعية العامة للامم المتحدة رقم 194 لعام 1948 والاصرار على أن بقاء منظمة الانروا ليس تفضلا من احد و ليست مؤسسة خيرية و انما هى مقابل يدفعه المجتمع الدولى للفلسطينيين الفارين من اراضيهم بسبب الارهاب الصهيونى و بسبب اعتراف المجتمع الدولى بالغاصب الاسرائيلى و المحزن ان بعض الدول الخليجية قد استخدمت اموال البترول فى تدمير الدول العربية والاسلامية وتقديم رشاوى للدول والفلسطينيين فى صفقة القرن كى تغرى الفلسطينيين بترك ارضهم لصالح اسرائيل.
رابعا”: التمسك بأن أى تطبيع مع اسرائيل يعد مشاركة فى ضياع فلسطين لأن التطبيع فى المبادرة السعودية يتم مكافأة لاسرائيل بعد تمكين الفلسطينيين من الحصول على حقوقهم وبذلك يعد التطبيع فى صفقة القرن هدية للغاصب ومشاركة فى ابادة الشعب الفلسطينى و مشاركة فى الجريمة وانتهاكا للقانون الدولى.
خامسا”: أن تكف الدول العربية جميعا عن مسرحية المصالحة الفلسطينية ويحمد لهذه الصفقة أنها وحدت الفلسطينيين وكانت تراهن على شق الصف الفلسطينى ونقل السرطان الى الجسد الفلسطينى. ولما كانت الصفقة، المؤامرة تقوم على تشتيت الفلسطينيين فى الدول المجاورة وانتزاعهم من اراضيهم فان مقاومة هذه الصققة ومناهضتها يمكن أن يتضمن الاجراءات الآتية :
1- نشر الوعى لدى الشعوب العربية بخطورة الصفقة و كشف التواطؤ العربى السياسى والاعلامى مع اسرائيل.
2- رفض أى دور أمريكى بالمنطقة و اعتبار تحرش أمريكا بأيران جزءا” من الصفقة حتى تتوقف ايران عن مساعدة المقاومة التى جرمتها الجامعة العربية.
3- دعم المقاومة بكل السبل و تشكيل جبهة اجتماعية و ثقافية مناهضة للصفقة فى كل الدول العربية.
4- تشكيل فرق الكترونية من جميع العرب فى المنطقة و الخارج للتصدى للصفقة اعلاميا و تفنيد المزاعم الصهيونية العربية و الاسرائيلية.
5- تمسك المصريين و الاردنيين و الفلسطنيين بأراضيهم و رفض توطين الفلسطينيين فيها.
6- رفض مشروع توطين الفلسطبنيين و تجنيدهم فى الدول التى يقيمون فبها.
7- استخدام كافة وسائل الاتصال الالكترونى عبر الحدود فى حملة منسقة بين الشباب للدفاع عن الهوية العربية للمنطقة و تفنيد المزاعم و المصطلحات الزائفة للصهيونية مثل الحركة الصهيونية كحركة عنصرية و اجرامية و مناهضة الصهيونية التى توسعت فيها اسرائيل غطاءا للمؤامرة الصهيونية .
8- كشف جريمة حصار غزة و مشاركة العرب فى هذا الحصار حتى يكون رفع الحصار مقابل التخلى عن الوجود الفلسطينى فى فلسطين و كشف زيف مايسمي بالسلام الاقتصادي بديلا عن السلام السياسى والتواصل مع الرأى العام الدولى و الاسرائيلى لكشف المؤامرة على فلسطين و المنطقة العربية.
9- رفع دعاوي قضائية أمام القضاء الأمريكي ضد الصفقة وماتتضمنه من انتهاك للدستور الأمريكي والقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة واهدار هيبة القانون الدولي واشاعة الفوضي في العلاقات الدولية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here