اشكاليات ودوافع ومبررات استخدام العنف

أ.د. سلمان لطيف الياسري
أن مصطلح العنف؛ معروف ومتواجد بكل المجتمعات ومن أشكال العنف مايعرف بالعنف الأسري والعنف السياسي، والعنف الاجتماعي والعنف العشائري، وأكثر أشكال العنف السائدة في بلادنا، هو العنف العشائري الذي تسبب بحدوث أضرار كبيرة في البلد، وخصوصاً في المحافظات الجنوبية، حيث ساد هذا العنف وانتشرت آثاره وهو من تركات النظام السابق وخلال حقبة النظام المقبور السابق، كان الطابع العشائري سائدا، وكان الدكتاتور يشجع ويدعم العشائر، ويزودها بالسلاح وفقا لغايات مدروسة، حيث نجد آثار و هيمنة سلطة العشائر حتى يومنا هذا، حيث أصبحت العشائر سلطة لا يمكن الوقوف ضدها، و أصبحت سلطة أقوى بكثير من سلطة الدولة وفي المجتمعات العربية يعرف التشكيل العشائري، بأنه بما يملك من سلاح هو المستحوذ على سلطة الدولة وقانونها، حيث بكل الأحوال تعتبر سلطة العشائر وقانون العشائر بصورة عامة، يشكل عنفا خطيرا بين أبناء العشائر فيما بعضهم؛ حيث تحدث الشجارات والنزاعات بين العشائر لأسباب لا يمكن توقعها، وفي كثير من الأحيان تحدث النزاعات بين العشائر بسبب مشاجرة بين أطفال أو بسبب إمرأة أو ما شابه ذلك، فيؤدي إلى حدوث مشاكل تؤدي في بعض الأحيان إلى حصول قتلى وجرحى، بغض النظر عن الإضرار الكبيرة التي تسببت بحدوثها وتوجد بعض النزاعات العشائرية التي تحدث بين العشائر، ترجع لأسباب تافهة يمكن التغاضي عنها بكل بساطة، لكن الطابع الذي أسسه الطاغية المقبور صدام؛ أصبح سائدا ولم يتوارى مع نهاية النظام السابق، وبما أن العراق يمر في الوقت الحالي بوضع سياسي جديد، فهنا يجب الحد من تسلط بعض شيوخ العشائر على الوضع العام في المجتمع، وتنفيذ أجنداتهم الخاصة ونلاحظ أن بعض شيوخ العشائر؛ يحرضون أبناء العشيرة على العنف الخطير (الفزعة)، وتعود أسباب ذلك لكون العراق مر بكثير من الحروب وويلاتها ومساوئها على الشعب بكل أشكالها، لذلك نطالب شيوخ العشائر أن تنتهج وتسير وفق النهج الصحيح، الذي ينشر السلام والمحبة بين الإفراد والعشائر، وأن يحرض منهجهم على ذلك بدل العنف وزرع الكراهية؛ بحجج واهية بين أبناء العشائر، فالكرة الآن بملعب شيوخ العشائر الأصيلة، التي تعمل على بناء العراق بالخير والسلام والأمان

إن السياسة لا تنظر للمفاهيم فقط ولكن تحاول إدراكها بما لها وما عليها، وإن الاعتقاد بأن الحُكم وفق نظرية التوارث السلالي لها، من دون تفاعُل مع مُنتجات الواقع ووفقاً للآليات التي تطرحها يدفع إلى الأخذ بمبرّرات الأخطاء بدلاً من الإلغاء لها.. لقد قالت أميركا إن الإرهاب ظاهرة إسلامية؟ !! وقولها هذا ليس حَصْراً عليها لأنها تُدرِك أن هذا الادّعاء الخطأ يجد صداه لدى بعض الحكَّام الأعراب أكثر مما يجده في الأوطان الأخرى وأنها – بالتالي – تحاول من خلاله عَقْد صفقة سياسية جديدة تمرّر من خلالها إشكاليات التخلّف التي كرّستها في سياستها تجاه الأنظمة العربية أملاً في ثرواتها.. إن الموقف الأميركي واحد من عهد إيزنهاور، إنه موقف الاستعمار السياسي للمنطقة من خلال دَفْع الواقع إلى التحرّك فيها باتجاه الأصنام البشرية ووضعها موضع الوصيّ على العقل العربي.. فإذا جاءت مُتغيّرات الواقع ضد رؤيتها أوجدت إشكالية جديدة تجعل من التنافُر الداخلي أو الإقليمي إشكالية ضاغِطة وضامِنة لمصالحها ولربما تزيد من حدّة نفوذها كما هي الحال الآن في إشكالية الحرب على سوريا واليمن وهي حرب عبثيّة بكل المقاييس فضلاً عن كونها تُعيد العقل العربي إلى العصر الحجري، والمستفيد طبعاً وقطْعاً إسرائيل.. إن إتاحة الفرصة للتغيير وسقوط نظرية التحكّم السلالي (أحياناً عن جهل وأحياناً عن قوَّة الفعل الخارجي) بإمكانها أن تخرج المنطقة كلها من مخزون الماضي إلى الحاضر والقفز نحو المستقبل.. إن الشعوب ليست أنعاماً تأكل في صمتٍ وتتقلَّب مع الظروف وفق المناخ الذي يصنعها من وراء الجدران.. إن افتراض الخيرية في أسرة أو جيل من دون سواهما يدفع الجميع إلى فَهْم الواقع وفق رؤى ليس لها حق مُلامسة الواقع، أو حتى محاولات توصيفه توصيفاً حضارياً.. ولسوء الحاضِر فإن ظاهرة العنف السياسي من دُعاة الرأي الآخر على قسوتها وخروجها عن منطق العقل أحياناً أوجدت إشكالية سياسية تحمل في طيّاتها قوَّة التغيير بالعنف ولو تداخلت لوقتٍ ما مع إشكالية الفوضى كما هو حاصل اليوم.
وبالتأكيد حين تتحكَّم مرجعيات العنف في صناعة الواقع يصير كل شيء قابلاً للمراجعة، فتكون الثوابت السياسية المزعومة مُجرَّد توصيات تزول بزوال الظروف التي صنعتها.. وحين يكون العمل السياسي صورة واعية ترسم على منوالها كل الاحتمالات وبالتالي يصير الممكن مُتاحاً وفاعلاً.. إن الوطن العربي بالسياسة المُنتهجة فيه اليوم يرفض هذه الصورة، بل ويتلاعب بها، و كأنها وَهْم، و ليست حقيقة، إن الموقف السياسي الذي يصنع الدولة ، ويبرّر وجودها على مستوى الواقع وعلى مستوى التاريخ، لا يأخذ قوّته إلا من الواقع ومن تحدّياته، وإلا فإن الأحكام الجاهِزة تصير مثل الثوابِت، بَيْدَ أن التطوّر يأخذ قوَّته من مراحل قوّة تلائم مُحصلاته ومُستجداته، فأين إذن صورة الواقع الذي نحن للتعامُل معه و نترجّاه ؟ وأين حصّتنا من المُتغيرات التي يشهدها العالم في كل لحظة تقريباً ..؟ أكيد إذا كانت السياسة تأخذ من مشتقّات الماضي وحفرياته، لتحصين محيط الحاكِم ومن دون الاعتراف بمُحصّلات الوضع الاجتماعي والثوابت التي استقرّت ضمن ناتِج هذه المُحصّلات فإنها تصير وَهْماً.. إننا ولسوء الحظ لا زلنا نؤمن بالقداسة البشرية و تسوّي بينها وبين المفاهيم الدينية أحياناً مع أن القداسة لله وحده.

إن اجترار الكلمات للتدليل على قوَّة الماضي والحُكم به من دون وعي الحاضِر لا تعني في الواقع أية إضافة للفعل البشري، إن الفعل المُتعدّي للمستقبل هو ذلك الفعل الذي ينشىء من خطأ لماضٍ واقعاً أفضل يهمّ المجتمع وليس العكس ،إذا تمكَّن السياسي من استقطاب هذا المفهوم وحرّر قُدرة الواقع من امتياز التيار الفئوي غير الأخلاقي وغير الإنساني وأعطى هذا الامتياز لأهله بأخلاقيات التاريخ والدين ،فإنه بالتأكيد يكون قد وضع خارطة الفكر السياسي في مساحة العلوم الإنسانية القائمة على أضلاع المستقبل ،إن إتاحة الفرصة للذين يؤمنون بأن السياسة في الحُكم وخارجه هي خدمة عامة ومصالح عامة وليست انغلاقاً على الذات وتسلّطاً بلا ضمير هي وحدها القادرة على فكّ خيوط اللا استقرار للإنسان والمجتمع معاً.. إن المعجزة في السياسة لا تبرّر وجودها بالظروف الصانِعة لها، ولكن بالتغيير الناتج منها، والتغيير عندنا في الوطن العربي والإسلامي يتطلّب إيجاد آليات جديدة لنظامٍ جديدٍ يكون الشعب فيه صانِعاً له وفق مبدأ الديمقراطية وليس وفق هاجِس الخوف منها، وإذا حدث واختار الشعب فإن الخدمة العمومية المبنية على التصوّر السياسي ذي المنظور المستقبلي ستكون إحد اهتمامات هذا الاختيار ولن يكون للصوص السياسة مجال للحُكم بالافتراء على العامة ونعتهم بالمواطنين من دون حق المواطِنة أو الادّعاء بأنهم أمَّة غير ناضِجة سياسياً لفَهْمِ حقائق الواقع ومُتغيّراته.

والحقيقة والواقع يتحمل المجتمع المسؤولية الاكبر في صناعة العنف وايداعها لأعضائه من خلال دور الجماعات المرجعية التي ينتمي اليها الفرد ضمن منظومته الاجتماعية في تنشئته اجتماعيا فتخلق منه انسانا عنيفا، قد يلجأ الفرد الى ممارسة العنف النفسي او الجسدي كرد فعل لرغبة في ممارسة العنف فرضها وعي الفرد او لا وعيه، وفي كلا الحالتين ما هي الا رد فعل لعنف معنوي او مادي مورس على الفرد في مرحلة من مراحل حياته، ففرض على لا وعيه القيام برد فعل كجزء من موروث الثأر لدى الفرد او ممارسة عنف مبني على تبرير نفسي- اجتماعي قد يأخذ طابعا دينيا او سياسيا او حتى ثقافيا موجها. قدم للفرد بهدف دفعه لممارسة العنف المضاد واعيا ومدركا لما يفعله ولكن ليس لما ستؤول اليه الامور بسبب حالة الوهم الفردي التي وضع فيها من خلال تقديم هذه المبررات او الوهم الجماعي المبني على المحاكاة والتقليد. يرتكز لجوء الفرد الى ممارسة العنف على دور الجماعات التي ينتمي اليها ضمن مجموعته الاجتماعية في خلق الدافع المحرك لممارسته تلك والروابط الاجتماعية وما تحدده لافرادها من ادوار في المجتمع ومكانتهم داخل المجموعة بناء على جملة من المعايير والقيم الخاصة بهذه الجماعة او تلك، والتي يتحدد سلوك افرادها وفقا لذلك سعيا لتحقيق هدف مشترك وتتميز بوجود ميول وقيم ودوافع مشتركة تحظى بالقبول لدى افرادها وامتلاكها لسلوك قائم على تقسيم الادوار لتحقيق اهداف مشتركة تؤدي الى اشباع حاجات اعضاء الجماعة.تكمن اهمية الجماعة بالنسبة للفرد في نموه وبنائه الاجتماعي السلوكي السلبي والايجابي في كونها مصدر الصداقات المتعددة الناجمة عن التفاعل الاجتماعي والتي من خلال عضويته فيها يكتسب المعايير الاجتماعية للسلوك بشقيه السلبي والايجابي ومن خلالها تتبلور اراؤه الشخصية التي في حقيقتها انعكاس لآراء الجماعة الاجتماعية التي ينتمي اليها كذلك فالجماعة مصدر سلوك الفرد الاجتماعي (السلبي والايجابي) ومن خلالها يتعلم الفرد الشيء الكثير عن نفسه واقرانه وفيها يكتسب الفرد اتجاهاته السياسية والدينية والثقافية والفكرية والنفسية والاجتماعية وحتى الاقتصادية وتتغير وتنمو لديه فلسفة الحياة وفقا لذلك ويكتسب القيم وتنمو مبادئ الجماعة لديه كنتاج لعضويته فيها، فضلا عن ذلك يستمد الفرد من خلال عضويته في الجماعة قوة هائلة وشعورا بالامان والاطمئنان واشباعا لحاجاته التي يلبيها انتماؤه للجماعة. تنقسم الجماعات المرجعية الى ثلاث جماعات رئيسة الاولى: جماعة الانتماء الفعلي والتي يعد انتماء الفرد اليها فعليا كونها تشمل جماعة الانتماء الاولي التي تحتم التفاعل الاجتماعي فيها مواجهة مثل الاسرة او وحدة العمل وجماعة الانتماء الثانوي، التي لا تحتم التفاعل الاجتماعي المواجهي فيها مثل التنظيمات السياسية، والثانية: جماعة الانتماء الآلي والتي تخضع لضوابط السن والثقافة والتحصيل العلمي مثل جماعات الاصدقاء ضمن فئة عمرية محددة والجماعات الثقافية او الدراسية والتي تبنى على علاقاتها وفق مستوى ثقافي او دراسي محدد، والثالثة: الجماعة المرجعية السلبية وهي الجماعات غير المتوافقة مع آراء وتوجهات وحتى معتقدات الفرد ويرفض الانتماء اليها وعيا وسلوكا ولكنه قد يضطر الى الانتماء اليها لظروف قاهرة ولاسباب اقتصادية او سياسية او ظرفية (مرحلية) وهذه الجماعات على اختلاف انواعها تحكم سلوك الفرد وتوجهه سلبا وايجابا. تؤثر الجماعة المرجعية في توجيه سلوك الفرد بعدة طرق اهمها: تحديدها للاطار المرجعي لسلوك الفرد الذي يختزل جميع العوامل الخارجية والداخلية الموجهة لسلوكه والمؤثرة فيه وتحديدها لانواع السلوك من خلال اختيارها لاهم المعايير الاجتماعية واقوى الاتجاهات النفسية واعلى درجات الهرم القيمي وبذلك فهي تحدد السلوك الاجتماعي للفرد سلبا وايجابا من حيث القبول او الرفض الاجتماعيين فضلا عن رسمها لمستقبل الفرد من خلال تحديدها لمستويات الطموح بالاعلى متسوى والاغنى والاشهر والاكثر كفاءة داخل جماعة الفرد المرجعية، ويتوقف مستوى تأثير الجماعة على سلوك الفرد الاجتماعي وعلى شعوره بالامن داخل جماعته من عدمه، مع وضوح موقف الجماعة من السلوك الاجتماعي وبذلك يمكننا القول بان الجماعة المرجعية هي الاساس في صناعة فرد اجتماعي سوي ايجابي في سلوكه وتوجهاته وارائه ومعتقداته ومواقفه في كافة المجالات مما يجعله ضعيفا من ناحية التكوين الاجتماعي عرضة لان يصبح مصدرا للعنف في مجتمعه ومعولا للخراب والهدم بدل البناء والتعمير. تلعب الجماعات المرجعية دورها في صناعة العنف الانساني داخل الفرد وتحويله الى انسان عنيف خلال عملية التنشئة الاجتماعية فهي عملية تقرير، وتقوم على اساس التفاعل الاجتماعي وتهدف الى اكتساب الفرد (طفلا، فمراهقا، فراشدا، فمسنا) سلوكا ومعايير واتجاهات مناسبة لادوار اجتماعية معينة تمكنه من مسايرة جماعته المرجعية والتوافق معها وفي حال عدم تمكنها من نيل الفرد في هذه المرحلة من عمره تسعى الى الحصول عليه في المراحل اللاحقة من مراحل عمره وتحويله الى اداة للعنف الذي تسعى لخلقه من خلال تغيير اتجاهاته النفسية- الاجتماعية. ورغم تميزها بالثبات وتملكها لصفة الاستمرار تعد الاتجاهات قابلة للتغيير وهناك شكلين لتغيير الاتجاهات الاول: تغيير الاتجاهات المقصودة وهو ما تسعى الجماعات الصانعة للعنف اليه والثاني: تغير الاتجاهات تلقائيا والذي يحدث تلقائيا عن طريق تأثير رأي الاغلبية والتقليد والايحاء والذي ينتج تلقائيا من عمل الجماعات في التغيير المقصود للاتجاهات وتسعى الجماعات بعدة طرق لتغييره اهمها:

1- تغيير الاطار المرجعي: تتحدد اتجاهات الفرد باطاره المرجعي الذي لا فكاك منه لذلك يتطلب تغيير اتجاهات الفرد احداث تغيير في اطاره المرجعي.

2- تغيير الجماعة المرجعية: اذا غير الفرد جماعته المرجعية التي حددت قيمه واتجاهاته وتكونت فيها معاييره بجماعة مرجعية جديدة ذات اتجاهات مختلفة فانه مع مضي الوقت يميل الى التعديل وتغيير اتجاهاته وقيمه ومعاييره القديمة.

3- اثر وسائل الاعلام : تعد وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية طريقة مثلى لتغيير اتجاهات الفرد اثنا ء قيامها بعملها في نقل الاخبار والمعلومات والصور والافكار والآراء المختلفة بشأن موضوع يتعلق باتجاهات الفرد وهذا من شأنه ان يلقي ضوءا اكثر ويساعد بطريقة مباشرة على تغيير الاتجاه سلبا او ايجابا، كما وتكمن اهمية وسائل الاعلام في كونها عنصراً بالغ التأثير في التنشئة الاجتماعية للفرد فمع انتشار وزيادة الاعتماد عليها كمصدر للمعلومات اصبحت تحل محل المقابلات والخبرات الشخصية في تكوين اتجاهات الفرد.

4- تأثير رأي الخبراء والاغلبية: تتأثر الاتجاهات بشكل كبير ويمكن تغييرها بالاقناع باستخدام رأي الاغلبية ورأي الخبراء (المشهورين)، وهو احد المبادئ التي يعتمد عليها مغيرو الاتجاهات المحترفين ويستند في هذا المجال على رأي قادة الرأي ممن يثق الفرد فيهم يضاف اليه رأي الاغلبية.

5- المناقشة والقرار الجماعي: يعتد في المجتمع الديمقراطي بالمناقشة الجماعية كونها ذات اثر كبير في اتخاذ القرارات الجماعية لما لها من اهمية في تغيير اتجاهات الفرد ويتم ذلك بدءا من جماعة الاسرة عبر المنظمات الاجتماعية الى المؤسسات الحكومية عبر ممثلي الشعب في البرلمان الى المنظمات العالمية عبر ممثلي الدول فيها.

وتساهم بالاعتماد على الطرق – الآنفة الذكر- في مسعى المجتمع ممثلا بافراد او جماعات الى تغيير اتجاهات الفرد سلبا او ايجابا عدة عوامل اهمها: ضعف الاتجاه وعدم رسوخه ووجود اتجاهات متوازية او متساوية الاهمية في قوتها وسطوتها على الفرد بحيث يمكن ترجيح احداها على الباقي وتوزع الرأي العام بين اتجاهات مختلفة ومتضادة وعدم وضوح وتبلور اتجاه الفرد ازاء قضايا معينة وانعدام المؤثرات المضادة فضلا عن سطحية وهامشية الاسس التي بنيت عليها الاتجاهات مما يسهل تغييرها هكذا يمكننا ان نعزو للمجتمع ممثلا بافراد وجماعات تهمة خلق الانسان العنيف او حتى خلق العنف وصبه في بوتقة اتجاهات الفرد وقيمه الاجتماعية لتكون المحصلة صناعة العنف في المجتمع.

العنف مرفوض مهما كانت دوافعه . ولا يؤدي العنف لأضرار مادية ومعنوية فقط . بل يبدد التعايش ويخلق صراعات قيمية ويؤدي لانهيار التوازن بين الخير والشر عندما تميل جهات معينة للدفاع عنه وتبريره وتصنيف العالم بين محاور للخير وأخرى للشر . نحن اليوم في عالم يتباهي بالحداثة والقرية الكونية والقيم الإنسانية النبيلة . التبادل للقيم والرموز . والتواصل من سمات عالم اليوم . يرفع الإعلام الغربي شعارات وكلمات من قبيل ” الاسلاموفوبيا ” في توليد الخوف من الآخر العابر من الشرق والحامل للقيم الإسلامية. ويتم نشر صورة معممة ونمطية عن الآخر المخيف والحامل للعنف والتدمير. مغالطات من برامج تستهدف التعدد والتنوع وتكريس صورة نمطية عن العدو المخيف والمهدد للسلم والقيم الغربية . فقد كان المفكر الفلسطيني ادوار سعيد بارعا في تحليل أدبيات الاستشراق والاستعمار من خلال صورة الإسلام في الغرب وفي مواقف الاستشراق الذي ما فتئ يحرض ولا يبني جسورا من الثقة والمصلحة المتبادلة بين الشرق والغرب . نحن ندين العنف والإرهاب في كل مكان ونشدد بالفعل على المثاقفة والاعتراف بالآخر ككيان يمتلك حضارة وهوية . والخوف أن يتحول سرطان العنف ويتغلغل في النفوس والقلوب . ان يجد لنفسه سلطة تدافع عن منطقه. من قبيل أن الأزمة الآنية في بعض البلدان الغربية مردها إلى تدفق المهاجرين والباحثين عن الحرية والمقهورين في بلدانهم . عوامل موضوعية ومادية من عالم يعيش اختلالا في توزيع الخيرات . فالعنف خيار بليد وإجراء متعمد في حق الآخر. وان تنوعت الأسباب والعوامل يبقى سرطان العنف يستشري في النفوس ويؤدي للضرر النفسي والمادي . سمعة الأوطان بكرامة أهلها ومواطنيها . فعندما يشار إلى بلد بذاته عن انعدام الأمن فيه . تتعالى درجات الترقب والحيطة والتحذير لأقصى درجة من التأهب فيخسر البلد كثيرا في ميدان السياحة والاقتصاد . فاللوم ينصب بالدرجة الأولى على الأشخاص وحماية الدولة للمؤسسات ومحاولة التقليل من المخاطر بالتوعية والمراقبة والضرب من حديد لكل من يحرض ويدعو للعنف والترهيب ويساهم بذلك في صناعة الحق الكراهية .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here