خطبة المرجعية وتفسيرات عقول الجاهلية

يوسف رشيد الزهيري

اثارت خطبة الجمعة الاخيرة للمرجعية،
جدلا واسعا بين اوساط الشعب العراقي، والذي يحاول كل طرف من الخصوم السياسيين والجمهور المنقسم في التظاهرات الى رسم خريطة الخطبة ومعانيها ومدلولاتها،كيفما يريد من تحقيق اهدافه اواثبات احقية رايه وموقفه وهذه الجدلية الفلسفية تكاد لا تنتهي بعد كل خطبة للمرجعية،
والتي حافظت على نسق عباراتها بالاشارة فقط والتلميح من دون الافصاح المباشر، لاية جهة حول الاحداث والمتغيرات السياسية والامنية التي تحدث، بينما يتغلب على الكثير نزعة الفكر الجاهلي في تجاهل صوت الحق والفضيلة والاصلاح، من اجل المكاسب والمناصب الدنيوية والشخصية،

ان دورالمرجعية، باعتبارها مؤسسة
دينية مستقلة يقتصر، بالتوجيه والنصح والارشاد للمجتمع، وفق تعاليم ومفاهيم الدين الاسلامي وفي سياق الخطبة الاخيرة اشارت الى امرين يتعلقان بأحداث هذا الأسبوع :

(( أولاً: انه على الرغم من
النداءات والتوجيهات المتكررة التي اطلقتها المرجعية الدينية حول ضرورة نبذ العنف والالتزام بسلمية التظاهرات، وتنقية الحراك الشعبي المطالب بالإصلاح من الأعمال التي تضر بمصالح الناس وتفقده تضامن المواطنين وتعاطفهم، الا ان ذلك لم يحل دون وقوع حوادث مؤسفة ومؤلمة
خلال الأيام الماضية سفكت فيها دماء غالية بغير وجه حق، وكان آخرها ما وقع في مدينة النجف الأشرف مساء الأربعاء الماضي.

وفي الوقت الذي تدين فيه المرجعية
الدينية كل الاعتداءات والتجاوزات التي حصلت من أي جهة كانت، وتعزي العوائل التي فقدت احبتها جراء ذلك وتدعو للجرحى والمصابين بالشفاء العاجل فإنها تؤكد على ما سبق ان اشارت اليه في مناسبة أخرى من انه لا غنى عن القوى الأمنية الرسمية في تفادي الوقوع في مهاوي الفوضى
والاخلال بالنظام العام، فهي التي يجب أن تتحمل مسؤولية حفظ الامن والاستقرار، وحماية ساحات الاحتجاج والمتظاهرين السلميين، وكشف المعتدين والمندسين، والمحافظة على مصالح المواطنين من اعتداءات المخربين ، ولا مبرر لتنصلها عن القيام بواجباتها في هذا الاطار، كما لا
مسوغ لمنعها من ذلك او التصدي لما هو من صميم مهامها، وعليها أن تتصرف بمهنية تامة وتبتعد عن استخدام العنف في التعامل مع الاحتجاجات السلمية وتمنع التجاوز على المشاركين فيها، وفي الوقت نفسه تمنع الاضرار بالممتلكات العامة او الخاصة بأي ذريعة او عنوان.

ثانياً: إن المرجعية الدينية
قد حدّدت في خطبة سابقة رؤيتها لتجاوز الازمة السياسية الراهنة، وأوضحت أن الحكومة الجديدة التي تحل محل الحكومة المستقيلة يجب أن تكون جديرة بثقة الشعب وقادرة على تهدئة الأوضاع واستعادة هيبة الدولة والقيام بالخطوات الضرورية لإجراء انتخابات مبكرة في أجواء مطمئنة
بعيدة عن التأثيرات الجانبية للمال او السلاح غير القانوني او للتدخلات الخارجية، وتؤكد المرجعية الدينية مرة أخرى أنها غير معنية بالتدخل أو ابداء الرأي في أي من تفاصيل الخطوات التي تتخذ في هذا المسار)) وفي هذا السياق فما جاء بالخطبة واضح وجلي لمن يقف في الحياد
ويقرأ مضمونها واهدافها التي تؤكد على الحق الشعبي في التظاهرات السلمية المطالبة بالحقوق الشرعية بعيدا عن اعمال العنف والحرق وقطع الطرق، واغلاق مؤسسات الدولة والاضرار بمصالح الناس، والممتلكات العامة والخاصة وضرورة تنقية الحراك السلمي من المندسين والمسيئين الذين
يحاولون حرف مسار التظاهرات السلمية وجر البلاد الى اعمال العنف

كما اكدت على قيام دور الاجهزة
الامنية ان تاخذ دورها وواجباتها في المحافظة على الامن وحماية المتظاهرين السلميين، وكشف المندسين والمعتدين كونها المسؤولة عن ذلك.

فيما اكدت ان الحكومة القادمة
يجب ان تكون ذات قوة وهيبة، لاستعادة هيبة وسيادة الدولة، وان تكون جديرة بثفة الشعب لتحقيق مطالبه والاسراع في اعداد انتخابات نزيهة بعيدا عن التاثيرات الخارجية والداخلية .

المطلوب اليوم هو التكاتف والتضامن
الشعبي وتوحيد الجهود والصف الوطني ودعم واسناد المرجعية لتفويت الفرصة على اعداء العراق والمندسين ومثيري الفتن والاضطرابات لدرء الفتنة والصراعات الداخلية، للخروج من الازمة الحالية، ومواجهة الطبقة السياسية الفاسدة، بوحدة الصف والموقف الوطني الثابت.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here