على ضوء الحكومة الجديدة !

مع كل حكومة جديدة ، علينا نتوقع نفس ردود الفعل ، من بعض العراقين ، ونفس السيناريو يتكرر ، فأولاً ، كيل المديح والأطراء ، ومن ثم التذمر ، والعويل ، وبعدها التظاهر ، وفي النهاية ، التهديد بالويل والثبور . هذه الطريقة في التعامل مع الحكومات المتعاقبة ، بات معروفة ،وخبرها الناس . وقد بدأت تباشير هذه الاستراتيجية ، منذ الإعلان عن تعين رئيس وزراء جديد . فهناك لوبي كبير يعمل وفقاً لهذا النهج ،وحتى ، لا يريق ماء وجهه منذ البدء ، ويظهر بالمظهر السلبي ، والمعادي ، الرافض ، لك ما يطراء ، يتظاهر في البدء ، بالقبول ، والفرح ،ويعلن ، بأن خيراً ، تحقق كان ما يصبو أليه . ولكنه بعد فترة ، يشرع في التأفف والتذمر ، ويتحول هذا التأفف والتذمر في النهاية لعويل وصراخ ، وكيل الأتهامات من كل نوع ، ثقيل وخفيف إلى الحكومة الجديدة . فشهر عسل كل حكومة عادةً لا يدوم طويلاً ، من قبل هؤلاءالمعولين أبداً ودائما ً . وإنهم ، يفعلوا هذا ، ويقوموا بكل الأعمال البهلوانية ، ليقولوا ، وهم يتظاهرون بمظهر الذي إحبطت أمالهم ، وبذلوا ما في وسعهم لكي يقوم اعوجاج الحكومة ، ولكن ، بلا فائد ، فكل الجهود ذهبت سدى . ، وبيقى ، يولول ، ويردد ، لقد ، استبشرنا خيربالحكومة الجديدة ولكنها ، عادة ، لتسلك سلوك أسلافها ، ومن سبقهم ، أفلم ، نقل لكم ، أن لا خير يرجئ من هؤلاء ، ما دام كلهم فاسدينومن نفس الطينة ، فأنكم أيها العراقين تخطأون الحل وتضلون الطريق له ما دمتم ، تصرون ، على الاختيار من تلك النماذج التي خبرتموها ،والتي بينت لكم التجربة ، لا نفعهم وفسادهم ، فلماذا ، لا تجربو ولا تختارونا ، فنحن من يملك الحل ! وأصحاب خبرة ، ولا نسمح للأحد بأنيتجاوز على القانون الذي نضعه نحن وليس ما يسمى الشعب ، جربون على الأقل مرة واحد ، وهذا يكفينا ! فمن منا لم يسمع هذا الموالوالمنولوج ، والأسطوانة المشروع التي يعاد تكرر مع كل حكومة جديدة سوى قيل هذا بصوت عال أو يهمس به في الأذان ؟ ، فلا شك ، أنهذا اللوبي من الشعب يفكر بهذه الطريق ويضع العوائق بوجه أي حكومة ، لا يكون هو على رأسها . ومن سوء حظ العملية السياسية فيالعراق ، أن ذلك لوبي ، يملك رتل كبير من يطبلون له ويعملون على تشويه كل حكومة جديدة ! وعليه ، لا بد هنا ، نجد من يصرخ بوجهنا ، هلكانت الحكومات المتعاقبة غير فاسدة وتسرى من يراها ؟ وفي الجواب على هذا علينا أن نتحلى بالصبر ، ونطلب من القارئ أن يلتزم الحيادلبرهة ويضغط على أعصابه في زمن ضاع فيه الحياد والموضوعية وبات صاحبها معرض لاشد التهم والتخوين ، خصوص ، من أتباع تلكالزمرة التي لا تكف لحظة واحدة عن زرع البلبلة وتشويه الحقائق . والنظرة الموضوعية ، التي نريدها ، تلك التي تقول ضع نفسك في موقفي، ومن ثم أحكم على سلوكي ! ذلك سنضع أنفسنا في موقف الحكومة ، وندعها تتدافع عن نفسها بدل الصرح بوجهة ، وصم الأذان عن عماتقول لتبرير موقفها . لذلك سنبدأ بمناقشة عدة نقاط تخص سلوك الحكومات المنقرضة ، وسلوك هذا القسم (لوبي) ازاءها ، فهذين الطرفينالحاكمين والمحكومين لا يمكن فصلهم ، فأحداهما يقوم الأخر أو يفسده . هذه الجدلية بين للمحكومين والحاكمين هي ما تهمل ويلقى اللومكله على الحاكمين . ونحن سوف نسير ، في هذا الوقفة ، عكس التيار ونقف لفترة وجيزة ، بصف الحكومات المغضوب عليهم ، ونقول كلمةحق في حضرة سلطان جائر ، والذي بالطبع ، نقصد به هذا اللوبي ، الذي لن يكف وسوف لن يكف عن ممارسة أسلوبه ونهجه ، وتسخيموجهه كل الحكومات التي يفرزها الشعب العراقي، في الانتخابا الحرة والنزيه، ولنقل النزيهة بمقدر ٧٠ ٪؜ على الأقل ، إذ ليس أقل بقليل ،لكي نرضي هذا اللوبي ، بهذا الرقم ، الذي لا يرضى عن شيء لا يتفق مع وجهة مئة بالمئة ، وهذا رقم في تقديري ، رغم ضئلته في سلمالنزاهة ، لكنه يعد من عجاب الدنيا في النزاه في بلد كالعراق ! وحقيقة ، أني لا أملك نظرية رومانسية عن العراق ، والعراقين ، ومثل غوبلز ،وزير الثقافة في عهد هتلر ، الذي يقول ” أضع يدي على مسدسي حين أسمع كلمة ثقافة .” فأنا أضع يد على فلبي حينما يشرع عراقيفي تقيم وضع ، فلا أتوقع الحياد منه لا فيما ندر . لنقفز أذن ، على شجوننا ، ونبدأ في إيضاح النقاط التي تحسب للحكومات المتعاقبة ،وموقف بعض المواطنين العراقين منهم ، الذين بتنا لا نعرف عنهم ( لحسن الحظ ) شيء سوي عن طريق ما تتناقله الأخبار . وسلوك بعضالعراقين في الخارج . الذين هم عينة، من ذلك الكل ، تجيز لن ، لحد ما الحكم على بقية العراقين ، مثلما ، أجاز منطق أرسطو ، الحكم منحالة واحدة ، كسقراط ، مثلاً ، بالحكم على كل الأثنيين ، ” سقراط أثيني أفطس الأنف ، أذن كل الأثنينين فطس الأنوف ! ” ( بتصرف ) .

(١) كيف لنا أن نحكم على الحكومات العراقية ، التي تعاقب على حكم العراق ، وقد طمست كل انجازاتها ، وقبحت كل افعالها ، ولم يبقمنها سوي وجها البشع ، الذي يشبه صورة دوريان جراي في رواية أوسكار وايلد ، التي تحمل نفس الاسم ، لأن البطل ، دوريان جرية ، رادأن يرسم على اللوحة صورة لوجه الجميل الذي لا تؤثر فيه سوى الخطايا والذنوب التي يقترفها ، بعيداً ، كل من افعال ومنجزاته حميدة ،فظهر وجهه ، في نهاية حياته على اللوحة في غاية البشاعة والقبح ، وطوت هذه اللوحة كل مأثره الحميدة ! والحكومات العراقية ، صورتبهذه الطريقة ، أي بكل خطاياها وذنوبها ، بعيداً عن كل عمل خير ومنجز ! فالحكومات المتعاقبة ، صورة بطريقة شيطانية ، الغاية منهاجعلها مسخ يشيع الرعب في ناظرها . ونجح هذا اللوبي في ترسخ هذه الصورة بالذاكرة العراقية . وصور كل حكومة تأتي لوجود بهذالطريقة ، لا يذكر منها سوى افعالها القبيحة ، بعيداً عن كل فعل جيد وخير . غير أن النظر المنصفة ، والنظر المحايدة لتلك الحكوماتيداخلها العجب من هذه التنكر لفضائل الحكومات الماضية ، ولا يرى فيها سوى صوره تعكس طوية خبيثة ونفوس شريرة . فتلك الحكوماتبكل المعاير ، وحتى أكثرها أتهام بالفساد ، وعدم مبالاة بالخير العام لا تسحق كل هذه الذم والشتم الذي لم يوجه لصدام وحكمه ، فيهي لمتقم بمقابر جماعية ، ولم تملئ السجون وتبييضها بين فترة وآخر لتفسح المجال لنزلاء جدد ، ولم تقم بحروب ، وحاربت بشرف عن العراق وعنأهل العراق ولم تدع نساءه بكل اطيافهم تباع سبايا ، وشبعت بطون العراقيون وملئت محلاتهم التجارية بإخر منجزات الحضارة من سلعالإلكترونية ، وشوارعهم تغص بسيارات فارهة ، كل ذلك قامة به، مقابل سرقة ، من هنا وهناك ، لهذا المسؤول أو ذاك تصب في الأخر فيالمجرى العام لحركة النقد والسيولة النقدية لبلد ، بدلاً من تدعها في خزينة الدولة تعفن ، فهي تعمل بنصيح الاقتصادي الإنكليزي كينز ، عنغير وعي منها ، وليس عن حسن نية بالطبع ، في توزيع خزينة البلد وقت الضائقة الاقتصادية على مواطنيها لتنشط حركة البيع والشراء بها . ولا نريد أن نعد المنجزات الأخرى ، لهذا الحكومات الكثيرة ، التي ، التي يعلمها اصحاب النوايا الحسنة ، والسيئة على حد سوى . منأقامة دولة القانون ، بعد سقوط النظام ، وبناء دستور لدولة ، وتأسيس جيش قوي ، بعد حل الجيش السابق ، الملوث أياديه ببدماء جرائمعديدة . وتشغيل ماكنة الدولة وأعادت مؤوظفيها لدوائرهم ، بعد أن تشتت شملهم ، وتصرف لكل لمواطن ثلاثة رواتب تقاعدية ! فلو حسبناورادت النفط ، وقسمنا على رواتب الموطنين لما بقى شيء أو شيء بسيط ، ينظفه الفاسدين ، فأذن لما كل هذه الضجة الفارغ ، حسب تعبيرشكسبير ! وبما أننا أتخذنا دور المحامي عن الشيطان ، بدل من دور ، الملاك الذي يذرف الدموع السخينة ، على المواطن العراقي الذييأكل من المزابل في العهد الجديد ، كما يقول نقاد الحكومات ، فأن لن نتهيب من ذكر أي ميزه تخطر في بالنا في صالح الحكومة ، لاننانريد نقول كلمة حق . فالحكومات العراقية ، لا تستحق كل ما يشاع عنها ويقال في حقها ، إذا حصص الحق . فحكومة ، المالكي ، والعبادي ، وعادل عبد المهدي ، حكومات وطنية ، ظلموا ظلم كبير ، وسوف لن تقدر قيمتهم ، إلا بعد ما يروا ، ويمط الآثام عن وجه من يطبل لهالمتظاهرون ، ليقول لهم متى أضع الآثام تعرفوني ! فحكومة المالكي ، التي أبلست ، كانت أفضل حكومة قويه ، ولديها الجراءة لاحقاقالحق ، حققت إنجازات كثيرة ، أدت في النهاية ، إلى ابلستها ، وبأنها حكومة دكتاتورية ( ما احوج العراق لها في وقتها ) ولو استمرتلقضت على كل أوكار الإرهاب . ولكن حلم العراق أجهض في مهده ، من قبل للوبي العراقي ومن معه . فنحن لا نريد أن ندافع عن الرجلوتبيض كل صفحته وتشطب عن كل اخطأه ، ولكنه قطعاً لم يكن بصورة التي صور بها ، فقد تم فقط تضخيم أخطأها التي ارتكبها عن غباءوقلة خبرة وثقة في غير محلها . أما حكومة العبادي ، التي ورثت ، عن المالكي حمل ثقيل ، المتمثل في غزو داعش العراق ، فهي تعد حكومةإنقاذ وطني عن حق ، والعبادي يستحق أن يقم له تمثال إلى جوار عبدالكريم قاسم ، فهو الذي جعل الثلاثين عام أو اكثر لطرد داعش اربعسنوا ت وبمنتهى الشفافية ! وجعل من العراقين يفتخرون بالجيش العراقي في بطولاته ! بعد ، ان صور أن الدواعش لا يمكن أن يطردوا أويهزموا من قبل العراقين ، التنابل . أما ماهي خطايا العبادي ، فهو كالعادة الفساد ! التهمة التي لا توجد غيرها في أتهام القادة الشيعة ! أو أضف لها حتى لا يكون بخاطر اللوبي العمالة للأيران

( أرجو أن لا تضحك ) . أما عادل عبد المهدي ، فقد كان خير سلف لما سلف . فهو ، حسب ، نقاد الحكومات ، في وقت تنصيبه ، بعد أن تمزاحت العبادي ، الذي اتهم في الفساد ، والميوعة ، صور على أنه ، أي عادل ، اجاء في الوقت المناسب ، فهو المنقذ ، من التشتت ، والاختلاف ، المثقف ، والعابر لكل الأحزاب ، ورمز العراق إلى الوحد والاتحاد ونبذ الطائفية ، فهو يخلو من عنجهية المالكي ، ومن عمالةالعبادي للأيران ! بيد ، أنه ، برمشة جفن ، وما أن نقضى شهر عسله ، دارت العجلة نفسها عليه دورتها ، فأبلس بنفس الطريقة ، وتحول إلى جلاد ” الانتفاضة ” ، وأصبح ، البعثي ، وعادل زويه ، وعميل أيران ، وغيرها من التهم ، التي برع بها هذا الصنف من العراقين . فتلكالحكومات التي مرت بالعراق ، لو كانت ، في بلدان آخر ، وفي الظروف التي مر بها العراق ، والاعداء والحصار الذي يحيط به ، والعداءالذي يبطنه لهم الكثير من أهل هذه البلاد ، والجيران ، لعدة ، في الأغلب ، حكومات الإلهية ، من الله عليهم بها في وقت الشدة . وبما أننعيش في العراق ، والحاكم والمحكم ، عراقيون ، والذين جبلى على نكران الجميل ، وخلع صاحبهم في أول سانحة ، فأن الحكومات ، كانتتعرض سلعتها على من يبخسها ثمنها ويزدريها ، فهم دائماً خصمً لمن يحسن أليهم ويريد خيرهم ، حتى يصح هنا بيت المتنبي فيهم ؛

فيك الخصام وأنت …. الخصم والحكم .

(٢) يقال ، أو في الأصح ، أن يقال ، أن القرآن طلب ، لكي يعفو عن أهل سدوم وعمورية ، عشرة أشخاص عادلين ونزيهين ، لكي يعفو عنالمدنيتين ولا يدمرهما . وإظن أن الله لو أرسل ملاكه هذا من جديد إلى العراق ليجد له مليون شخص نزيه وعادل ، يقولون كلمة حق ( هذاالرقم مقارنة بنفوس وسكان سدوم وعمورية وعد سكان العراق حالياً ) لما وجد . فالعراق لأن يعج بكل أشكال الانحطاط الخلقي وباعتالضمير والكاذبين والصوص والمجرمين ، لذلك ، لا يتردد المرء بحرق الاخضر بسعر اليابس . حينما يقيمهم . وبما هذه الحل غير معقول ولامنطقي لمن يريد أن يصلح ، ولا يبيد على طريقة الهولوكست ، فأننا ، حينما، نريد نقيم طريقة اكثرية الشعب العراقي ، في السلوك وردالجميل ، يجب أن نظر أليه على ما هو عليه ، في الواقع والحقيقة ، ولا نضعه في تضاد مطلق ومناوئ مع الحكومة ، وبان الحكومة شرصرف ، والشعب خير مطلق . فكل الجرائم وكل العراقيل ، وكل التإخير في نهضت الدولة العراقية ، من صنع العراقيين أنفسهم ، حاكمينومحكومين ، وليس من قبل حفنة وقلة ، فالفساد في العراق يجري في كل مفاصل البلد ، وعلاجه ، ليس بحلال زمرة محل أخرى . فهذه ،المراهنة ، على ان هناك ، فئة منسية ومهمشة ، وبعيدة عن الحكم هي وحدها من تنقذ البلد حديث خرافة . لذلك يجب نزع ذلك الوهم الذييطبل له البعض ، بأن هناك فرقة ناجية ، هي التي يمكن أن تدخل البلد للفردوس خدعه مكشوفة . فالحل يبدأ بتقدير الذات حق قدرها ،وبعد ذلك تغيرها وفقاً لوعي بهذا العيب وضرورة تجاوزه . فالعراقيون كائنات معطوبة ، لا يمكن تصور الإصلاح يصدر عنهم بعفوية وطيبتخاطر في الظروف الحالية . فأنتفاضة شيوخ العشائر القطاعين لم تأت عن وعي ثوري ، مع محرومي العاصمة وضواحيها ، وأنما عن وعودفي أدامت ملكيتهم وتسلطهم على الجماهير الكادحة . لذلك ، بدون النظر للمواطن ، هو من يحمل جرثومة الخراب ، والحذر منه ، لن تحلمشاكل البلاد الكثيرة . فليس الحكام هم الزمرة الفاسدة ، أن العراق ، في وضعه الحالي يخلو من تلك الفئة ، التي تقود نحو بر الأمن ،وحتى إذا تلك الفئة وجدت ، فماذا تستطع أن تفعل في بحر يغص بالفاسدين ، فسوف لن يدوم وجودهم طويلاً وسرعان ما يرجعون لنفسالمربع ، وتكرر المأساة . بل أننا نعتقد ، أن ما يوعد به ، هو االشر المستطير ، وما يجب أن يخشى . ليس لأنه غير معروف ، ويخاف منه ،وأنما لأن أنذال الامس هم الذين يبشرون به !

(٣) الفساد هو الكلمة السحرية ، الذي أريد أن تفتح به كل الأبواب لثورة المضادة لديمقراطية ، وهذه الكلمة هي رأس مال كل نقادالحكومة ، فلا توجد تهمه آخرى غيره ، إذا لم نضف لها ، أيران ، أو العمالة لها . فأيران والفساد ، هو كل ما تهم به الحكومات السابقة ! ولذلك يحتم علينا ، أن نعرف الفساد ، والمقصود به على وجه التحديد ، إما العمالة للأيران ، فعلينا أن تجاوزها ، لأنها تهمة ، معروفجذورها ومعروف مروجيها ، وتستخدم مجرد ذريعة لملء فراغ . أما الفساد فهو التهمة التي توفر موطئ قدم لنقاد الحكومات . وهي بالطبعليس مستمد من الخيال ، وأنما لها ركائزها وأدلتها ، ولكن بولغ فيها بشكل كبير ، وأستخدمت كلمة حق يراد بها باطل ، لكي تخدم أغراضبعيد عن الفساد ومحاربته . وعلى أي حال ، الفساد كلمة مطاطية ، يمكن أن تستخدمها بدون أن تجد أحد يعارضك فيها ، ويحتج عليها ،لكون الفساد شيء شاع في العراق ، ومتفشي في كل مفاصل الدولة ، وعقلية المجتمع ، وهو ، أيضاً ليس حكر على العراق ، وإنما تجدهموجود في كل دول العالم ولا يمكن للأحد أن ينكره ، وأن اختلفت درجات وجوده وعمقه ، وتغلغله في المجتمع . والفساد في العراق ظاهرطبيعية ، ليس ، مع مجئ الأمريكان والحكم الجديد ، لكونه في السابق ، لا يمكن الأحد أن يشير أليه أو يعلن عنه ، خصوصاً في عهد نظامصدام ، أولاً ، هناك سلطة دكتاتورية ولها عملاء وأذناب في كل مكونات الشعب العراقي ، يخشى الكل الأشارة أليه لأن قد يدفع المرء حياتهثمن له ، لهذا يتظاهر المواطن بأن كل شيء طبيعي ، وعلى ما يرام . وثانياً ، أن الفساد في تلك الفترة لم يكن بهذا الشيوع والأنتشار ، لكونهمقتصر على الطبقة العليا ، أو العائلة الصدامية ، التي تنهب كل ثروة العراق وتوظفها لخدمة مصلحتها . فدائرة تحرك المواطن كانتمحصورة في حدود ضيقة جداً ومعروفة ، ولم يكن يعنيه ما يحصل ، فهو في تلك الفترة معني فقط في حفظ الذات والاستمرار في الحياة ،لأن سيف السلطة كان مسلط فوق رأسه ، ولا يهم ما يدور حوله ، ويسير كالأعمى ، الآن فقط تفتحت عيناه حينما أكل تفاح الديمقراطية ،ورى نفس عارياً ! . فالفساد ، كما قلنا ، كمصطلح ، واسع المعنى ، فهو ، الأصل ، كان يعني ، في السابق التغير والتحول من حال إلىحال ، كما استخدمت مثلاً لدى أرسطو ، في الكون والفساد ، كما ترجمها الكتاب المسلمون قديماً . فالقدامى نظروا لكل تغير وتجديد علىأنه انحطاط وابتعاد عن الكمال والمثال ، الذي يعتقد إنه كان موجود لدى القدامئ فقط . ومر هذا المصطلح بتحولات كثيرة ، والعراقين ، ما زالو، في لا وعيهم ، يرون في التحول ، والكون والفساد ، شر كبير حتى ولو جلب لهم نعمة ومنفعة . إلى أن اقتصر حديثاً ، على معنى ضيق فياللغة السياسية ، فهو لم يعد يعني الانحطاط الخلقي والقيمي ، لكون الناس باتو يؤمنون بالنسبية في القضايا الأخلاقية ، وحصر ، معناه ،في وقتنا بالفساد المالي ، خصوصاً في العراق . ومهما يكن ، وحتى أن وسعنا في معناه ، يبقى بشكل أساسي يدل على الفساد المالي ،أو سرقة المال العام . وهنا ، علينا أن نجري مقارنه بين الفساد في عهد النظام الصدامي ، والفساد في نظم الحكومات المتعاقبة ، ومن هوالأكثر فائد والأقل ضرر ، إذا كان لفساد ،من فائدة ! . ولنسأل ، هل الفساد المقتصرة على شلة وعصبة أكثر فائد وأقل ضرر أما السرقاتالمالية التي تجري من قبل جموع غفير من أبناء الشعب هي الأكثر فائدة والأقل ضرر ؟ ففي السابق ، كانت الخزينة بكل وارداتها محصورةبيد النظام ، ولا يصرف منها على الشؤون العامة إلا ماهو ضروري وبتقتير كبير ، لكون ، النظام السابق ، لا يبالي بالشؤون العامة التي لاتخدم مصلحته . لذلك ، كان الإنفاق العام جداً ضئيل ، في الشؤون العامة ، ولهذا كان الناس يعانون من شحة نقدية ، وسيولة مالية ، أما ،في ظل النظام الديمقراطي ، والذي يعيشه العراق حالياً ، فلم يظل المال العام محصور بيد فئة قليلة ، تقطر به تقطير ، وإنما توسع علىنطاق واسع ، وأضحى لكل وزارة ومحافظة ماليتها ، التي يصرفها المحافظ أو المسؤول حسب درايته وأمر ، ، ولذلك تعدد السراق من هذاالمال الموزع من خزينة الدولة ، فلا أحد في النظام الحالي يشرف على خزينة الدول، ويحصرها بنفسه ، ، فكل الأموال تخرج بكتاب ،والسرقة تم من هذا المال الخارج . لهذا نرى المال المتداول في الشارع بنسبة كبيرة ، نعكس تأثيره على حياة الناس في الشراء والبيع . ومعذلك تجد الضجة ، تخص وفرة وجود هذا المال في التداول ، لا تخص مطلقاً مع ما يحصل من فساد فعلي ، وبات استخدم وفرة المال فيالتداول كعلامة على الفساد ، على عكس ما كان في السابق من قلته في التداول أو بيد المواطن كعلامة على عدم وجود الفساد ! لذااستخدم هذه الفساد كورقة سياسية . لضرب عدة عصافير بحجرة واحدة . فالفساد أمر واقع ، يمارس من قبل الكل وراضي به الكل ، ولكنه، يحمل مسؤوليته فقط الطبقة التي في الحكم . وعليه ، ورغم ذلك ، تجد المتهمين في الفساد هم الشيعة فقط ، وكأن نظام الحكم شيعيصرف . وهذه الإصرار على كون الفساد شيعي ، هو ما يؤكد استغلاله ، بشكل سياسي ، هدفه تسقيط السياسين الشيعين ، الذي لا أحديقول أنهم لا يسرقون أسوة بكل الآخرين . والاستنتاج ، الذي يتوصل له من هذه الضجة حول الفساد ليس هو المقصود بحد ذاته ، ولا يعنيبتلك الضجة محاربة الفساد، بقدر ما هو تسقيط فئة سياسية لتحل محلها فئة آخرى . فالفساد يكون فعلاً فساد ، إذا افقر الناس ، ولكنه ،إذا اشاع البحبوحة الاقتصادية ، والوفرة المالية ، رغم أن قد يؤوي إلى انكماش الخدمات العامةً ، والمشاريع الصناعية ، فهو يبدو ، منهذاالناحية مفيد ، بحسب التعريف البرغمانتي ، الذي يقول ، الحقيقي ، ما هو مفيد . فقصة الفساد التي أصبحت كرة الثلج ، التي اريدمنها أن تجرف كل ما في طريقها ، من قبل أعداء العملية الديمقراطية . وعليه يجب أعادة التفكير في حقيقة الفساد ، وفهمه ، وفقاً لسياقهالحالي ، وليس استغلاله من قبل بعض الأطراف لحسابها . وفهم مجموع أضراره ، بعيداً عن الغوغائية ، ونظر له وفقاً لظروف التي صاحبتهوجعلته يبدو مبرراً ، بعد سنوات من الحرمان ، وليس جعل منه أسطورة تحجب كل واقع .

(٤) في كثير من الحالات ، كما يقال سرعان ما ينقلب السحر على الساحر ، فلا يعود قادر على السيطرة على ما اطلقه وخلقه ،والتظاهرات ، التي كانت في معظم الأحيان من صنع مقتدى الصدر ، ما عاد ، فيما يبدو يمسك بكل خيوطها . فالتظاهرات ، أن تبين لهارعاة آخرين ، ظهروا خلال مسيرة المظاهرات ، ولكل واحد منهم اجندته ، ولعل من حسن العراق ، أن لحمتها شرعت تفجر قبل ، أن تحقق كلما كان في كخيال صانعيها . فلكل واحد اجندته الخاصة ، التي لا تطابق لا في البعيد ولا في القريب مع الآخر . فكرة الثلج التي كبرتبرغم من الكل ما عاد للأحد يتحكم بمصيرها . لذلك لا تجد احد من المحافظات الجنوبية يعرف إلى أين يسسير وماذا عليه أن يفعل سوىالسير مع تيار الانتفاضة ، التي ما عادت من صنعه ، وإنما من قيادتها الخفية . وما عادة تلك المحافظات سوى تابع ذليل لتك القيادة الخفية، فهي ترفض ما يرفضون وتقبل ما يقبلون بدون أن يكون لهم بما يرفضون أو ما يقبلون يد . ولعل وعي بهذا المصير الذي تحولت لهالانتفاضة ، فيما بعد ، بعدما تضخمةً، هو الذي دعا الصدر أن يعي أن خيوط الانتفاضة ليس بيده ، وأنه هو قد يصبح دمية فيها ، تحركهتلك الخيوط ، لذلك سارع في الانسحاب منها بعدما رأى الحبل يلتف شيء فشيء حول رقبته ، وأنها ، سوف تصبح النسخة الثانية من داعش. فسارع يطلب من جماعته الانسحاب الفوري ، وترك البقية لمصير الذي سوف تؤول أليه . هذه الوعي من قبل من مقتدى ، بما ستسفر عنالانتفاضة ، هو الذي دعاه ، أن يتركها بأسرع وقت ، وسوى هذه الوعي تم بحدس من قبل الصدر أو بمشورة إيرانية ، فهذا لا يقلل من قيمةمبادرته ، وتوفير على نفس مصير غير معلوم هو وجماعته والعراق ككل . فالانتفاضة دخلت طريق مسدود ، وتنتظر عملية قيصرية ، لكيتخرج من مأزقها ، وإلا الموت البطيء هو ما ينتظرها . فهي ، تعدت حدودها ، وضعت لها مطاليب ، اكثر مما تحمله كل تظاهره ، فكلمطاليبها السلمية وعدو بتحقيقها ، وما يتعدى هذا المطاليب السلمية ، والتي يصعب تحقيقها تعود لقيادة الغامضة التي تقف خلفها . ويبقى ، على التظاهرات ، بعد خروج الصدر من معمعتها أما أن تغادر الساحة ، أو تلجئ لسلاح لتفتح ثغرة في الجدار الذي واجها فيمسيرتها من انتفاضة سليمة تطالب بالإصلاح إلى ثورة تريد تسقط الدول القائمة ! لهذا يبدو أن ترك التيار الصدري ساحة التظاهر أصابمقتل ، من كانوا يمنون أنفسهم بوضع أمتعتم على ظهره . هذا الوعي من قبل مقتدى ، بالخطر المحدق به وبمن حول ، سوف يغير تماماً مناستراتيجية المنتفضين ، لأن نسحاب حليف بهذه الوزن ، لا بد أن يخلف فراغ رهيب ، يشيع الرهبة فيهم . ولذا نرى مقدار ما يتعرض لهالصدر من نقد وتخوين من قبلهم ، وأنه طعنهم في الظهر ، لذا راح بعض النقاد ينبش في الدفاتر القديم لصدر ، وهذا يشير بوضح لا يقبللبس على تورط بعض نقاد الحكومات ، في تلك الطبخة التي تعد للعراق ، وأن ، هـؤلاء الذين كانو يدعون الوطنية ، قد عضو على الطعموبتلعوه ، ولم يعد أمامهم سوى السير في المشوار لنهايته ، وقالوا وداعاً ، لما كانوا يمثلوه ويتظاهرو به من براءة وطنية زائف، كانت بنتظار من يشري بضاعتها ، وهؤلاء اختاروا عن وعي العض على الطعم حتى النهاية . وكل هذا ، يدل على حجم الأمال التي بنوها ، علىأستخدام الصدر وسيلة لخدمت أغراضهم . بيد أنه، حدس بالخطر الذييكمن في ” الانتفاضة ” ففز بجلده ما طبخه له الجوكرية ، وهوالآن يريد أن يدفعهم الثمن . عما اضمروه له من مصير أسود . وحقيقة أن ثمة سؤال يجب أن يسأل هنا ، ألا وهو ، لماذا هذا التقلب فيمسيرة الصدر ، والجواب يمكن العثور عليه ، في تفحص وضع العراق ، فالعراق ، أو العراقيون ، كلهم يلتفتون للخارج في حل مشاكلهمالداخلية ، والصدر ، ابن العراق ، وتسري عليه احكامه ، أي أنه لا يمكن ان يعتمد على نفسه في الحفاظ على ديمومة تياره ، لذلك كان فيتلك الفترة ، التي كان الكل يستغيث بالخارج لحاظ على وتحقيق ما يطمح أليه ، التف ، نحو الكل الذي يحيط بالعراق طلباً معونتهم ،فوجدهم ، لهم أجند مختلفة ، لا تنسجم تماماً ، مع وضعه وضع تيار ، فيهي تطالبه بالمستحيل ، وأن ينقلب على كل تراثه ، فصور لنفسه أنهيقدر أن يخدعهم لفترة ، ويحقق مكاسب عن طريقهم ، ولكن تطور الأحداث لا بد أن يصل إلى الأوج ونقطة حاسمة ، ويصبح بين خيارين لاثالث لهم . وهذا الأنتفاضة ، هي القشة التي قضمة ظهر البعير ، وضعت الصدر في مفترق طريق ، فما عليه أن يتخلى عن كل تراث عائلتهالثوري ، والمشرف ، أو يغدو أمتداد لهم ، ويبدو أنه اختار في الأخير ، أن يصبح ممثل لهم . لأن لم يعد ثمة مجال لمناورة أكثر ! وبهذاالموقف تكون صورة الصدر قد تحددت نهائياً ، وأصبح وجهاً وطني بارز يفرض أملأته على الساحة بما له من جماهيرك واسعة ، والذيسوف تتعاظم شعبيته ، لما أبعد عن العراق من مخطط مشبوه ، تزياء برداء الوطنية ، وكف أن يكون أداة يستخدم من قبل الأخرين . فهواختار بلا رجعة الصف الوطني ، والوجه الشجاع للعراق . فمرحى لصدر .

(٥) الحكومة الجديدة التي يزمع تشكيلها ، سوف تواجه مشاكل جمة ، لعل أولها ، واخطرها ، هو أنهاء المظاهرات ، سوى بتنفيذ جزء منمطاليبها ، لأن مطاليبها في الكامل تحتاج لفترة طويلة لا يمكن لأي حكومة مؤقته أن تلبيها . أو أن هذه الحكومة سوف تصطدم مع قسمالمتظاهرين ، الذين يمكن تسميتهم في المتظاهرين الراديكاليين ، الذين يريدون الكل أو لا شيء ! فالقضاء على كل مظاهر الفساد باتبحكم المستحيل في الفترة الحالية ، ويحتاج لعقود من الزمن لكي يقضي عليه ، لكونه اصبح جزء من بنية المجتمع العراقي . فمن المعروف ،أن الكل يطالب في أنهاءه ، ومع ذلك ، يمارسه الكل في آن واحد ، وما نقصد في الفساد هنا ، هو بمعناه الواسع ، وليس المالي فقط ! أما أولئك الذين يطالبون أنهاءه فوراً ، وبضربة واحدة ، وعن طريق الفرقة الناحية من الفساد ، فهم المتصيدون في المياه العكرة ، لانهم ،يعرفون أستحالت ذلك ، وهم ، فوق هذا ، وكما بتنا نعرف عنهم ، ويعرف الكثر ، لا يعنيهم الفساد بحد ذاته . وعليه الحكومة ، التي قد يتمتشكيلها ، ستكون وجه وجه لوجه مع المتظاهرين ، فما وما ، هو ما بقى على المتظاهرين أن يعقلوه ، وهذا الأما وما ، أن يرضخوا لوضعالعراق الحالي ، ويقبلو بما يمكن تحقيقه ، وما بالإمكان فعله ، وتبقى المطاليب الآخر رهن المستقبل ، أو ينزعو لعنف ، والثورة المسلحة ،وبذلك ، إذا ، لجئوا لهذا أخيار ، ستفقد حركتهم شرعيتها ، وتعد أعتداء على المجتمع المدني ، وتجريد الأخرين من حقهم ، في طريقتهم تلكبفرض ومطاليبهم الغير مشروعة ، ولا يتم تنفيذها وفق الصيغ الدستورية . فالحكومة ، من حقها ، عندئذ ، أستخدام العنف أزاء العنفالمضاد ، فالدولة ، ومن ثم الحكومة ، هي وحدها المخول دستورياً في استخدام العنف ، لكل من يهددأمن الدولة ، فالحكومة المنتخبديمقراطيا ، لا يمكن الثورة عليها وإسقاطها من قبل شريحة أو مجاميع ، لا تمثل كل المجتمع ، ولم تأت لوجود عن طريق الأنتخابات ، لتحوزعلى دستوريتها ، وأنما ، تحاول أن تفرض أرادتها عن طريق القوة ، والاستنجاد بالخارج ، وذلك يعد تعد على حقوق الآخرين .

(٥) نقاد الحكومة ، أو الحكومات من هؤلاء ؟ إلى كم قسم يجب أن نقسمهم ، أم نضعهم كلهم في سلة واحدة ونظر لهم ؟ ان العدالة ،تقضي منا أن نقسمهم ، بحسب نقدهم وهدف نقدهم ، ولماذا ينتقدون بتلك الطريق لا غيرها ؟ بالطبع ، أن نقاد الحكومات المتعاقبة ، ليسعلى درجة واحدة من الموضوعية والحياد ، فالنقد ، بدون أن يكون محايد وموضوعي ، يخرج عن علم النقد إذا صح هذا ، ونحن نعلم أن النقدفن وليس علم ، فالنقد فن وليس علم ، ولكن يضاهي العلم حين يكون موضوعي ، حينما يصف الظاهرة بحيادية تامة ، ويضع الناقد ، كلانتماءات وتحيزاته بين أقواس أو يعلقها لحين ينتهي من الوصف الفينومولوجي . ولذلك ، يعد كتاب رأس المال، مثلاً ، كتاب علمي ، رغم أنهكتب كأطراء إلى البروتاريا كحفارة قبر الرأسمالية ، لكن ما قام به ماركس هو وصف حركة السلعة ومتابعة تطورها ، بطريقة موضوعية ،بدون تغليب العاطفة على التحليل العلمي وهي تفرز فائض القيمة، والذي ينشأ عنه نمو رأس المال . فكل نقد لا يلتزم الحيادية والوصفالموضوعي ، هو نقد دعائي ، وايدلوجي ، وتزيف لحقيقة . فما نوع من النقد مارس ضد الحكومات التي مرت بالعراق منذ فترة السقوطلحد الآن ؟ نستطيع ، أن نقول ، بأننا العراقين خصوصاً ، والعرب بشكل عام ، لم يصلو أو يعرفوا النقد الموضوعي بشكله الصارم والدقيقإلا فيما ندر لدى بعض الكتاب العرب المحترفين . فهذا النقد ، يحتاج بئية وتدريب يعز وجوده في العراق ، كبلد ، الذي مازال نخبته المثقفةطائفية بامتياز ، وكتابه الذين يكتبون في السياسة في أكثرهم مثل شعراء العهد الأموي والعباسي ، يكتبون لمن يدفع لهم . أو قسم أخر ،يكتب بذاتي متقلبه وحسب المزاج الشخصي ، وقلة قليلة ، تحاول بقدر المكان أن تكون موضوعية لحد ما ، والذين يمكن أن ندعوهم أهلالحق . وعليه، هناك ثلاثة أنواع من النقد ، أولاً المزورون ، أو أهل الباطل ، أو نقاد الجوكر ، والصنف الثاني ، المنزله بين منزلتين ، المرجئة ،أو تعليق الحكم ، وأخيراً ، أهل الحق ، المتلزمون أو النقاد العضويون . وقد استخدمنا ، هذه التعابير الإسلامية ، والمعاصرة في آن واحد، لكونها لها وقع أكثر وتشخيص أعمق في لفت الانتباه الاصحاب هذا النقد . وأنت تقدر أن تعرف المزورون أو نقاد الجوكر ، من إصرارهم ،وبعدهم الواحد ، فهم مهما اختلفت الظروف وتباينت الأوضاع ، يصرون على تحميل جهة واحد المسؤولية عما يحدث ، وتجاهل كل الأطراف الآخر ، ، وفي طريقة مرضية ، تجدهم ، وبكذب بشكل مفضوح ، ولا يتورعون ، عن استغلال سذاجة بعض القراء ، العابرين ، الذين علىشاكلتهم من السذاجة والغفلة ، ، ومن ناحية آخرى ، ويكذبون بوجه القارئ المحترف ! ، وتعرف ، حتى وأن أشاروا لغيرها ، اعني لتلكالجهة الواحدة ، بين حين حين فأنه يفعلوا ذلك ، فقط لغرض دس السم في العسل ، أي بقصد الخداع ، والتمويه على طريقته ، في التظاهر في الحيادية ، وهو من جانب آخر ، يهمل الكثير من الأحداث ، التي لا تؤيد طريقته في تحميل المسؤولية لهذه الطرف الذي يؤكد عن أنهسبب المشاكل ، ويضخم من أي حادث ، تافه يراه يصب فيه مصلحته ودعاءه ،

ويعزوه بلا سند إلى أيران أو من له علاقة بها كل المشاكل والمأسي التي تحصل في المنطقة ، ويفسر كل شيء بها ، حتى البراكين والهزاتالأرضية وسقوط النيازك . فهؤلاء المزيفون ، أو أهل الباطل ، وحديثاً الذين يسمون بالجوكرية ، هم النسبةا الكبرى بين كل من يكتبون فيشؤون العراق ، ففي زمن السقوط الخلقي وانعدام القيم يتكاثرون مثل الإفطر ، وكل ما يشغلهم هو أن يوظفوا لخدم من يدفع لهم ، ويلعبوندورهم جيداً ، كما يقلو البعض ، بغض النظر عن مصلحة البلاد ، والعباد . وهم ، أي هؤلاء ، الذين يريدون يلعبون دورهم بمهارة ، بغضالنظر ، عما فيه من كوارث إلى الآخرين ، وتراهم حين يجدون من يوظفهم لهذا الدور الرذيل ، يصابون بالهستيريا ، والمبالغة في شتمأعداءهم ، وذلك ما يمكن أن نلاحظه على بعض من يكتبون ، حينما يقعون على هذا الذي يوظفهم ، ويعضون سنارة الصيد ، من قبل أعداءالعراق ، فتظهر على كتابه أعراض هذه الوظيفة الجديدة وينسون كل حذر نقدي وما كانت تتسم به كتابتهم من تآن وحيطه . وهذا بات ظاهرشاعه في الكتابات على المواقع الإلكترونية العراقية وغيرها ، لكون الكثير من العراقين لعادة متأصل فيهم سهلوا الشراء ، ويبحثون عن منيوظفهم . أما نقاد المنزلة بين منزلتين ، أو المرجئة ، فنقدم ، يتسم دائماً بعدم التقيم والتردد في الحكم رغم معرفتهم بذلك ، لأنهم لا يريدوأن يحسبوا على أي طرف ، لذلك ، يظهر عدم الوضح والتردد في كل مايكتبون ، ففي نظرهم ، الحكم الله في نهاية الأمر . فهم ليس لهمأعداء مثلما لا يوجد لهم أصدقاء ، حتى في القضايا الجوهرية ، فهم فوق الميول والاتجاهات السياسية ، لذلك تبدو كتاباتهم في بعضالأحيان تخلى من الطعم . وينقصها التحديد والإشارة لموطن الخطر ، فهو في نهاية يترك لك الحكم ، وكل ما في الأمر بعرض عليك كل مايحط في القضية من إشكالات وغموض ، وعليك أنت أن تبين الخيط الأسود من الأبيض . فما نقاد أهل الحق ، أو الملتزمون ، أو الكتابالعضويون ، فهمهم الأول والأخير ، الحقيقة وأيصالها إلى القارى ، بدون تحيز وبحيادية تامة ، وتلك الفئة ، لها تراث قديم بدء بسقراط والمسيح ، الذي ، كان يقول أنا الحقيقة،. وجنون هؤلاء بالحقيقة ، نابع متكون الحقيقة ، مثلت على أنها الكل ، الذي يفسر كل شيء ، ولايوجد ما عاده شيء آخرى ، لذلك تجد يكثر بينهم الشهداء ، بداً بسقراط والمسيح والحلاج . ولكن بما أن أكثرية الناس لا يحبو الحقيقةومعرفتها ، فتجدهم ، هؤلاء الأشخاص دائما مكروهين من قبل الكثيرون ، وخصوصاً المزيفون ، لأنهم يصطدمون مع أهل الحق وجه لوجه ،وغالباً ما يسفه أهل الحق وجهات نظر المزيفون ويفضحون كذبهم ، ودجلهم . فالعداء بين هذين التيارين متأصل في طبيعة كل منهم ، لذلكلا كاتب مزيف ، ومن أهل الباطل ، أي من النقد الجوكري ، لا يكن الحقد والكراهية إلى نقاد أهل الحق بشكل غريزي ، ويتهمه بشتى التهم. لذلك فكتاب أهل الحق ، في وضع يشيع فيه الكذب والتزوير لا بده أن يعانو العزلة ، تحيط بهم الشكوك والدسائس التي يحيكها النقادالمزيفون لهم ، لكون نقاد أهل الحق حجرة عثر في طريقهم ، وكل كتابتهم تعرى على ضوء كتابات أهل الحق . تلك هي الخلاصة لمايصطدم فيه المرء وهو يعرض حالة العراق في الوقت الراهن .

هاني الحطاب

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here